الإنسان مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق

الإنسان: مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق

الإنسان: مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق

 السعودية اليوم -

الإنسان مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق

معتز بالله عبد الفتاح

كتب الدكتور مصطفى محمود فى كتابه «الأحلام» ما يلى:

«مشكلته أنه لا ينام، يقضى ليالى بطولها مؤرقاً لا يذوق طعم النوم، يصرخ ويتوسل أن أعطيه أقراصاً منومة، ومن عادتى أن أعطيه أقراصاً من النشا، أقول له إنها أقراص شديدة المفعول، وهى الطريقة نفسها التى يستعملونها فى عيادات الأمراض النفسية، ويبتلع الأقراص المزيفة وبعد دقائق تثقل أجفانه وبعد دقائق أخرى يزحف النوم إلى عينيه، ويروح فى سبات عميق ليس بمفعول الأقراص، ولكن بمفعول الوهم.

إن مرضه وهم ودواءه وهم وهو نفسه وهم وكلنا أوهام، أوهام تعسة كبيرة».

انتهى كلام الرجل.

وصحيح. نحن نعيش داخل مربع الحقائق والمخاوف والأحلام والأوهام.

عظمة ربنا سبحانه وتعالى فى علاقته بنا أنه الوحيد الذى يعلم هذه الرباعية. لكننا حين نعيش فى وهم أو حلم أو حين تختلط علينا الحقائق أو تسيطر علينا المخاوف نفقد القدرة تماماً على تمييزها عن بعضها البعض.

وحين نستعين بآخرين كى نشاركهم أحلامنا أو مخاوفنا، فهم ينقلون لنا تجاربهم هم، التى قد تكون هى نفسها ساحة خصبة للأوهام والأحلام والمخاوف.

التروى مهم.. وعدم الاندفاع فضيلة.

العقل البشرى لديه قدرة هائلة على خداع النفس، ومن تخدعه نفسه يكون قادراً على خداع الآخرين لأنه يظن فى نفسه الصدق، ويتصرف بدافع من يقينه بأنه صاحب قضية عادلة. لكن حين يصل إلى النتيجة النهائية التى قال بها السامرى بعد أن تركه سيدنا موسى (عليه السلام) لمناجاة ربه، فلما عاد سأله: «قال فما خطبك يا سامرى؟» فرد السامرى الذى كان قد صنع عجلاً ليعبده بنو إسرائيل قائلا: (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ، فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى).

كتبت من قبل عن قصة للخليفة عمر بن عبدالعزيز الذى بلغه أن ابنه اشترى خاتماً بألف درهم، فأرسل له خطاباً قال فيه: «إذا جاءك خطابى هذا فبع الخاتم وأطعم بثمنه ألف فقير، واشتر خاتماً من حديد واكتب عليه: رحم الله امرأ عرف قدر نفسه».

ودلالة القصتين تأتى من تحليل طرق عمل العقل البشرى وكيف أن العقل يمكن أن يشقى صاحبه حين لا يعرف قدر نفسه فتكون الفجوة هائلة بين طموحه (وربما طمعه) وإمكاناته (وربما ما يتصورها إمكاناته). لكن هذه الفجوة نفسها لها درجات وهى فى أكثر درجاتها اتساعاً تجعل الإنسان يظن فى نفسه أنه المهدى المنتظر مثلاً، بل إن الحروب المهدية فى السودان فى ثمانينات القرن التاسع عشر نفسها بدأت بحلم الشيخ محمد أحمد الذى ظن فى نفسه المهدى. والحلم، أو الرؤيا، التى جاءته فى المنام، على ما يقول المؤرخون، أنه سيكون المهدى المنتظر الذى سيملأ الكون عدلاً وخيراً بدءاً من «البقعة المباركة» كما كان يصفها وهى «أم درمان».

وفجأة صعدت روحه إلى السماء بعد أربعة أعوام فقط من «الحلم» وسط دهشة أنصاره المجاهدين وعامتهم من الذين ينتظرون إتمام بقية الحلم المهدوى: صلاته فى مكة والقدس وإسطنبول، وأن يملكوا الدنيا ويخضعوا جميع الأمم ويشيع المهدى العدل ويحثو المال حثواً ويقيم الدين الحق بأن يعيد الدنيا إلى الآخرة كما بشرته الحضرة. ومات الرجل، وظل الحلم حلماً.

يصادف فى نفسى هوى بعض الشعر الصوفى من قبيل:

«يا ربنا ليس لنا من أمرنا إلا السكوت/ يا ليتنا نرضى بما يعطى لنا حتى نموت/ والمبتلى يا ذا العلى لا يبتغى إلا النجاة/ فى يسرها وعسرها ملعونة تلك الحياة/ نبينا إمامنا به نقتدى وبه نهتدى ورضاه من رضا الإله».

وكذا قول أحد القساوسة: «نرضى بالمر الذى يختاره الله لنا أكثر من حبنا للحلو الذى نختاره بأنفسنا». وقال القرآن العظيم: «سيجعل الله بعد عسر يسرا» وهذا حالنا بإذن الله.

إذن: «رحم الله امرأ عرف قدر نفسه» وإلا: «وكذلك سولت لى نفسى».

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق الإنسان مخاوف وأحلام وأوهام وبعض الحقائق



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab