كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر

كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر

كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر

 السعودية اليوم -

كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر

حسن نافعة

  انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى عدم دستورية المواد: 1 و2 و10 و12 و16 و22 و31 و38 و69 من مشروع قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والمواد: 3 و13 و16 و44 من مشروع قانون مجلس النواب، كما انتهت إلى أن المواد من 23 إلى 41 من مشروع قانون مجلس النواب لا يتعين أن تخضع للرقابة السابقة، نظراً لعدم اتصالها بتنظيم الانتخابات التشريعية. ولأن ما انتهت إليه أفضى بها إلى المطالبة بكفالة حق التصويت لضباط وأفراد الشرطة والقوات المسلحة، فقد كان من الطبيعى أن تثير هذه القضية جدلاً صاخباً قد لا يكون من السهل حسمه. فبينما يؤيد البعض بشدة ما انتهت إليه المحكمة، باعتباره حقاً مكفولاً للجميع، يعارضه آخرون بشدة من منطلق أنه يساعد على تسييس الجيش والشرطة وإثارة الانقسامات داخلهما، وهو ما قد يؤدى إلى كارثة. من الطبيعى أن تثير قضية بهذا القدر من الحساسية جدلاً واسع النطاق، غير أن أكثر ما يثير القلق فى هذا الجدل أنه ينطلق من اعتبارات سياسية وليست وطنية، بمعنى أن أطرافه لا يحددون مواقفهم المؤيدة أو المعارضة، انطلاقاً من اعتبارات موضوعية تضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، وإنما انطلاقاً من اعتبارات ذاتية تضع مصلحة الأحزاب أو الجماعات التى تنتمى إليها فوق كل اعتبار، فالمؤيدون وجلهم من قوى المعارضة لجماعة الإخوان، والرافضون وجلهم من جماعة الإخوان والأحزاب المتحالفة معها، يعتقدون أن السماح لرجال الجيش والشرطة بالتصويت فى الانتخابات سيصب فى النهاية لصالح قوى المعارضة وسيؤدى إلى إضعاف جماعة الإخوان والفصائل المتحالفة معها، وربما إزاحتهم كلياً من السلطة. وفى تقديرى أن الجدل المبنى على هذه الاعتبارات الذاتية يساعد على تعقيد المشكلات بأكثر مما يسهم فى حلها ويزيد من حدة الاستقطاب. إننى أتفق شخصياً مع ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية العليا حين أكدت «عدم جواز حرمان أى مواطن من ممارسة حقه الدستورى فى الانتخاب متى توافرت فيه شروطه، إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرر موضوعى مؤقت أو دائم، يرتد فى أساسه إلى طبيعة حق الاقتراع وما يقتضيه من متطلبات، كما أن حق المواطنة يستلزم المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، ولا يجوز تقييده أو الانتقاص منه إلا لمبرر موضوعى، ومن ثم يكون حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية طوال مدة خدمتهم بسبب أدائهم لهذه الوظائف، رغم أهليتهم لمباشرتها، ينطوى على انتقاص من السيادة الشعبية وإهدار لمبدأ المواطنة».  فهذا الحرمان يتعارض مع العديد من نصوص دستور 2012، خصوصاً المادة 55 التى تنص على: «مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب، والترشح، وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق. وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب، متى توافرت فيه شروط الناخب». غير أن كفالة الحقوق دون تمييز شىء، وتنظيم ممارستها شىء آخر. فكفالة الحقوق معناها أنه لا يجوز لأى قانون حرمان مواطن من التمتع بحق يكفله له الدستور، وإن كان يجوز للقانون تنظيم كيفية ممارسة المواطن هذا الحق. ولأن مقتضيات التنظيم عادة ما تتطلب وضع ضوابط قد تنطوى على قيود تحد من نطاق ممارسة هذا الحق، ينبغى أن تكون المصلحة الوطنية العامة، وليس المصلحة الذاتية أو الخاصة، هى الدافع والمحرك لهذه الضوابط أو القيود. وحول هذه الضوابط والقيود المؤسسة على المصلحة الوطنية ينبغى أن يدور النقاش. لذا أعتقد أنه يتعين على قانون الانتخاب تمكين ضباط وأفراد قوات الشرطة والقوات المسلحة من حق التصويت دون قيود، واشتراط الاستقالة إذا ما قرر ممارسة حق الترشح، واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة فى الوقت نفسه بعدم ممارسة أى نشاط سياسى داخل الجيش أو الشرطة، منعاً لتسييس هاتين المؤسستين العامتين والحساستين. نقلا عن  جريدة المصري اليوم 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر كفالة الحقوق شىء وتنظيم ممارستها شىء آخر



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab