فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة

فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة

فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة

 السعودية اليوم -

فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة

حسن نافعة

أحزننى كثيراً نبأ رحيل الدكتور فريد عبدالخالق، أحد المؤسسين لجماعة الإخوان المسلمين، وشعرت بالأسى لأننى لن أتمكن من المشاركة فى تشييع جثمانه بسبب وجودى فى الخارج. لم يكن إحساسى بالحزن لرحيل هذا الرجل ناجماً عن صلة شخصية به بقدر ما كان تأثراً بانطباعات إيجابية عن اعتدال فكره ورجاحة عقله، تولدت لدىّ عقب لقاء وحيد جرى فى منزله منذ ما يقرب من عام. كنت، بحكم دراستى ومتابعتى للشأن العام، أعرف الكثير عن إسهامات رجل يعد آخر الباقين على قيد الحياة من رعيل تتلمذ مباشرة على يد مؤسس الجماعة ومرشدها العام حسن البنا. ولأنه حصل على درجة الدكتوراة فى الشريعة الإسلامية من كلية الحقوق جامعة القاهرة وهو فى الرابعة والتسعين، فقد كنت أدرك، حتى قبل أن ألتقى به، أنه رجل من طراز فريد. ومع ذلك لم أكن أتصور أبداً حين التقيته أنه على هذه الدرجة الرفيعة من العلم الممتزج بالتواضع ومن الاستقامة الفكرية الممتزجة بوضوح الرؤية والاعتدال. لم يكن اللقاء الوحيد الذى جمعنى بهذا الرجل فردياً، بل شارك فيه آخرون، ولم يكن لأمر شخصى، وإنما كان وثيق الصلة بالعمل العام. فقد جاء فى سياق مساعٍ كانت تبذل فى ذلك الحين لإعادة اللُحمة إلى صفوف قوى الثورة التى تشرذمت، خصوصاً عقب الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وبمبادرة شخصية من الدكتور سمير عليش، وشارك فى اللقاء كل من: الدكتور كمال الهلباوى والدكتور عبدالجليل مصطفى، والأساتذة: محمد الدفراوى ومحمد عزام وسعيد عمارة، واستهدف مناقشة أفكار أولية حول رؤية بعض القوى السياسية لما يتعين على الدكتور مرسى أن يقوم به فى حال إعلان فوزه فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ولم تختلف هذه الأفكار كثيراً فى الواقع عن تلك التى تضمنها لاحقاً «إعلان فيرمونت» الذى وقعه الدكتور مرسى بنفسه قبل يوم واحد من إعلان النتيجة. حين دلفت إلى منزله فى الساعة السادسة من مساء يوم 31 مايو الماضى، فوجئت بالدكتور فريد يصافحنى بحرارة ويطيل الشد على يدى وكأن علاقة شخصية حميمة تربطنا معاً منذ زمن طويل، رغم أنه كان لقاؤنا الأول وجهاً لوجه، فأدركت على الفور أنه متابع بدقة لما يجرى على الساحة رغم تقدم السن. ولأننى كنت أول الحضور، فقد أتيح لى أن أتبادل حديثاً معه لبعض الوقت، قبل أن يلحق بنا بقية المشاركين، دار فى البداية حول ذكرياته مع الإمام حسن البنا قبل أن يتشعب إلى مناح أخرى. وعندما اكتمل الجمع وبدأنا ندخل فى مناقشة القضية التى حضرنا من أجلها، اقترح علىّ زملائى أن أبدأ بتلخيص أهم ما تضمنته الورقة من نقاط قبل أن يطرح علينا المضيف وجهة نظره فيما تضمنته من أفكار، وكانت المفاجأة أنه لم يكتف بالموافقة عليها حزمة واحدة، لكنه اقترح أن نضيف إليها بنداً يفيد بأن على الدكتور مرسى فى حال فوزه بالرئاسة «أن يختار سيدة قبطية نائباً له»، فأحس الجميع بالراحة. استغرق هذا اللقاء عدة ساعات، ورغم تقدم سنه كان الرجل الكبير صافياً متوقد الذهن وممتلئاً بالحيوية، لكن الأهم أنه بدا وكأنه ينتمى إلى جيل مختلف نوعياً عن الجيل الذى يقود الجماعة حالياً، والذى أتيح لى شخصياً أن أحتك خلال السنوات القليلة الماضية بمعظم رموزه المعاصرين، وعلى أعلى المستويات. المثير فى الأمر أن الدكتور فريد عبدالخالق لم يكتف بالموافقة على الأفكار التى طرحناها أو بالتعهد ببذل أقصى جهد ممكن لإقناع قيادات الإخوان بها، لكنه أصر على إجراء مكالمة تليفونية أمامنا مع الدكتور محمد بديع لإحاطته علماً بما دار بيننا. خرجت من ذلك اللقاء متفائلاً وكان يحدونى أمل كبير فى أن تكلل جهود الرجل بالنجاح. ولأن جهوداً أخرى تواصلت فى نفس الاتجاه وانتهت بتوقيع الدكتور محمد مرسى على «بيان النقاط الست» الشهير فى فندق فيرمونت، فقد تضاعف الأمل وتصورنا جميعاً أننا على أبواب مرحلة تبعث على الطمأنينة. غير أنه سرعان ما تبين لنا لاحقاً أن هذا الأمل لم يكن سوى السراب نفسه. لم يسعدنى الحظ بلقاء آخر مع الدكتور فريد لأستمع منه إلى تفسير لما جرى، لكننى لم أشك لحظة واحدة أن الرجل كان صادقاً معنا وأنه ربما يكون قد خدع مثلنا. رحم الله الدكتور فريد عبدالخالق وأسكنه فسيح جناته. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة فريد عبدالخالق والفرصة الأخيرة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab