الخرائط المتحركة في سورية

الخرائط المتحركة في سورية

الخرائط المتحركة في سورية

 السعودية اليوم -

الخرائط المتحركة في سورية

وليد شقير

يتصرف بعض المتابعين لمجريات المعارك في سورية على أنها متجهة نحو التقسيم، تارة إلى خمسة أقاليم، أو «دويلات»، تشمل الأكراد في الشمال الشرقي، ومناطق «داعش»، والساحل السوري موصولاً بمدينة حمص ودمشق تحت سيطرة النظام وحلفائه، ومناطق أخرى تحت سيطرة جيش «الفتح» في الشمال والوسط، وخامسة في الجنوب، وتارة أخرى إلى 3 مناطق نفوذ بين النظام و «داعش» و «الجيش السوري الحر» بالاشتراك مع «جبهة النصرة»...

يحتار قارئو الخرائط في تحديد مناطق ما يجزمون بأنه «تقسيم» لسورية لا مناص من أن تصل إليه في المرحلة المقبلة. بعضهم يرى أنه «الحل» للأزمة السورية بحجة أن «سورية القديمة التي نعرفها لن تعود كما كانت قبل 15 آذار (مارس) 2011»، وبعضهم الآخر يعتبر أن ثمة مناطق نفوذ موقتة، نشأت أو آخذة في التبلور تمهيداً للتفاوض على سورية فيديرالية، شبيهة بالعراق الذي تتوزع أراضيه بين كردستان، والجنوب ذي الأكثرية الشيعية، وبين مناطق الشمال والغرب ذات الأكثرية السنّية.

إلا أن نظريات توزيع المناطق في سورية بين هذا وذاك سرعان ما تضعف حججها أمام الأسئلة عن العوائق الكثيرة التي لا أجوبة منطقية أو حاسمة عند قارئي الخرائط عنها: هل تقبل تركيا ومعها إيران المتعارضتي المصالح في سورية بنشوء إقليم كردي فيها؟ ماذا عن مصير دمشق وضواحيها كعاصمة شبيهة بالمناطق المختلطة طائفياً وسياسياً في الأرياف والمدن الأخرى وضواحيها؟ هل يتطلب تثبيت الخرائط المزيد من التطهير الطائفي والعرقي فيها، في وقت تبدلت ديموغرافيا مناطق عدة بفعل نزوح فئات كثيرة إما طوعاً أو قسراً طلباً للأمان؟ (بات السنّة أكثر من العلويين في بعض تجمعات الساحل السوري السكنية نتيجة التهجير...).

وإذا كانت واشنطن جاهرت بمشروع نائب الرئيس جوزف بايدن لتقسيم العراق، لماذا يصر الأميركيون على وحدة سورية في بحثهم عن الحلول، وترفض الدول المتحاربة في الميدان السوري، أي الدول العربية الرئيسية، وخصمها في الإقليم أي إيران، تقسيم سورية؟

كل الأجوبة لا تأتي لمصلحة تكريس الخرائط المتداولة، في شكل يدل على أن التعاطي مع توزع مناطق النفوذ في سورية يختار الأجوبة السهلة عن الغموض الذي يكتنف مصير الحرب التي يزيد من تعقيدها أنها داخلية وإقليمية ودولية، تدور على أرضها.

وعندما تبدو الخرائط التي يجري الحديث عنها متحركة - متغيّرة، فلأنه يصعب التسليم بثباتها لأسباب كثيرة، أبرزها أن أياً من «الدويلات» السورية التي يبشر بها البعض غير قابلة للحياة والصمود لأن كلاً منها تنقصه مقومات البقاء الاقتصادي والأمني. لذلك، فإنها خرائط قد يصلح عليها وصف مناطق النفوذ بين قوى متحاربة. إنها وصفة لإدامة الحرب داخل سورية أكثر مما هي وصفة للحل. وفي أفضل الحالات هي وسيلة لضمان استمرار الرئيس بشار الأسد في السلطة، تحت عنوان تفادي انتصار فئة على أخرى، أو تجنب انهيار الدولة السورية. وإذا كانت مقولة «سورية لن تعود كما كانت» صحيحة، فإن اعتبار هذا قاعدة لتكريس توزع مناطق النفوذ الواقعي الحالي على حمايات إقليمية ودولية، وليس في سياق السعي إلى حل الأزمة، لا يستقيم. وبالنسبة إلى إيران يعني التغيير في سورية أنها ممسكة بالقرار في دمشق في أفضل الحالات، وبـ «الشرعية» المفترضة للأسد في أسوأ الأحوال إذا اضطر للانكفاء إلى الساحل السوري...

استمرار الحرب الدائرة والتعديلات الحاصلة في ميزان القوى الميداني قد يسمح بإطلاق إعادة رسم خطوط مناطق النفوذ الداخلي والإقليمي والدولي، تمهيداً للتفاوض على الحل في سورية، وفق ما يتوقعه كثر عن أن القتال الشرس الدائر حالياً في الشمال والشمال الشرقي وفي ريف دمشق يستبق البحث في الأزمة السورية بعد الانتهاء من الاتفاق مع طهران على ملفها النووي.

المعضلة تبقى، طالما أن مناطق النفوذ هذه تشمل «إقليماً» لـ «داعش»، في أن ذريعة محاربة الأخيرة من جانب إيران (و»حزب الله») في كل من العراق وسورية، تقابلها حقيقة أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يحارب «الجيش الحر» و «النصرة» وليس النظام.

فهل رسم خطوط مناطق النفوذ يعني تعايشاً من جانب إيران مع «داعش» في سورية والحرب ضده في العراق، لأن هدفها بقاء الأسد في السلطة مهما كان الثمن؟

في القلمون تقتصر معارك «حزب الله» على مهاجمة مواقع «النصرة» و «الجيش الحر» من دون «داعش» الذي يقاتل أيضاً هذين التشكيلين أثناء حربهما مع النظام.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخرائط المتحركة في سورية الخرائط المتحركة في سورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab