60 ألف قتيل ومناورات الدول

60 ألف قتيل ومناورات الدول

60 ألف قتيل ومناورات الدول

 السعودية اليوم -

60 ألف قتيل ومناورات الدول

وليد شقير

من المؤكد أن عدد القتلى السوريين يتجاوز الرقم الذي أعلنته المفوضية الدولية العليا لحقوق الإنسان أول من أمس، أي ستين ألفاً، فهذا الرقم أقل من العدد الفعلي للضحايا الذين حصدتهم هذه الحرب العبثية التي يشنها النظام ضد شعبه، والذين بينهم عدد لا بأس به أيضاً من جنود الجيش السوري الذي ما زال موالياً للنظام وضباطه. ومن المؤكد أن الدول الكبرى المعنية، لا سيما روسيا والولايات المتحدة الأميركية تعلم أن العدد أكثر من ذلك. والأرقام المعلنة حتى الآن لا تشمل حكماً التصفيات لعدد كبير من المعتقلين والمحتجزين، الذين سيكتشف العالم لاحقاً المدافن الجماعية التي حشروا فيها، ولا المجازر المتفرقة التي صعب على تنسيقيات الثورة الوصول إليها لتصوير فظاعاتها ونشرها. وإذا كان الممثل الخاص الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي سبق أن حذّر من أن يصل عدد القتلى الى 100 ألف، ومن أن يصبح عدد النازحين مليوناً، فلأنه يدرك من خلال محادثاته مع رأس النظام السوري الرئيس بشار الأسد أنه قد يذهب في حربه على انتفاضة الشعب السوري الى ما هو أبعد مما هو حاصل الآن. فأركان النظام سبق أن أبلغوا الوسطاء والحلفاء والخصوم أنه لن يسلّم السلطة حتى لو سقط عشرات آلاف القتلى، بل أن بعض الأوساط نقل عن بعض أعضاء الحلقة الضيقة كلاماً واضحاً قالوا فيه أنهم لن يسلموا السلطة حتى لو سقط مئة ألف قتيل وأن على معارضيه والدول التي تؤيدهم أن يتسلموا سورية ودمشق مدمرتين من بعده إذا أصروا على رحيل الأسد. ومع إعلان مرجعية مثل المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن رقم الـ60 ألف قتيل، الذي هو رقم هائل، فإن الجدال حول المسؤولية عن هذا الجحيم الذي تعيشه سورية لم يعد على ما يرتكبه النظام، بل على مسؤولية اللعبة الإقليمية – الدولية عن جعل سورية حلبة صراع ارتضى رأس النظام أن يرهن وجوده ببعض أطرافها، غير آبه للخسائر التي تصيب الشعب والكيان، متوهماً أن بإمكانه البقاء في النهاية، غير مدرك أنها لعبة ستنتهي بالمساومة عليه، من ضمن تسوية كبرى، مهما اشتدت المواجهة بين أطراف هذه اللعبة، لأن الصراع الخارجي في سورية وعليها، يتعلّق بما هو أبعد منها وأكبر، وبالتالي فإن مصير النظام فيها هو أسهل النقاط التي يمكنها الاتفاق عليها. والمؤسف أن تصاعد عدد القتلى ليس هو الذي دفع أركان اللعبة الدولية – الإقليمية، لا سيما موسكو وواشنطن، الى تغطية الموجة الأخيرة من الاتصالات التي قام بها الإبراهيمي وانتهت بزيارته الفاشلة لدمشق تحت عنوان الحكومة الانتقالية الكاملة الصلاحية، بل هي خطوات التقدم التي أحرزها المعارضون والجيش السوري الحر على الأرض في اتجاه فتح معركة دمشق. وهي موجة انحسرت بحكم الرفض الإيراني الكامل لما أنتجته من أفكار عن تنحي الأسد على مراحل خلال الأشهر المقبلة. وما انحسارها إلا لأن معركة تعطيل المطارات التي يستخدمها النظام لتأخير تقدم خصومه على الصعيد العسكري تأخرت (في سورية 28 مطاراً عسكرياً ومدنياً تسمح للنظام بالتفوق من الجو...) وبالتالي فإن إطلاق موجة جديدة من مبادرات الحلول عاد لينتظر معطيات جديدة في ميزان القوى العسكري. وهذا يعني أن إمكان التوافق الدولي على دعم مهمة الإبراهيمي بأفكار جديدة سيبنى على مزيد من جبل الجثث والضحايا السوريين. يستوي توهم الحفنة الحاكمة في دمشق أن حجج النظام في رفض اقتراحات الإبراهيمي، مثل قوله إنه نفذ إصلاحات من نوع إلغاء حال الطوارئ ومادة حكم البعث من الدستور واستعداده للعفو عمن حاربوه وللحوار مع الإخوان المسلمين، يمكن أن تقنع محدثيه، مع التوهم بأن الدول التي تعمل لسقوطه وتلك التي تدافع عنه بالسلاح والمال وحتى الرجال، يمكن أن تدخل في حرب كونية أو محدودة بسببه أو لأجله. حتى إيران التي تتظاهر بقبول حجج الأسد أنه قام بالإصلاحات وبالحوار تتصرف في شكل يعزز حجة المعارضين حين تدعو في المبادرات التي تطلقها وتجددها الى المصالحة والحوار بما يعني أنها ضمناً لم تقتنع بأن النظام قام بالحوار أو سعى الى المصالحة. أما التهويل بالحرب الكونية، بالاستناد الى المناورات التي أجرتها إيران أخيراً في مياه الخليج والتي بدأتها روسيا في البحر الأبيض المتوسط، وما سبقها من مناورات للدول الغربية وأميركا في الأردن وفي إسرائيل، فهو من باب الوهم لأن هذه الدول تكفيها أزماتها الاقتصادية كي لا تقبل على معارك كلفتها أكبر من قدراتها في هذه الظروف، هذا فضلاً عن أن كثرة المناورات هي الدليل على تفضيل التفاوض على الاقتتال. لا حاجة لهذه الدول للحرب طالما أن هناك على الأقل 60 ألف قتيل خسرتهم سورية بالنيابة عن سائر الدول المحتربة فيها. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

60 ألف قتيل ومناورات الدول 60 ألف قتيل ومناورات الدول



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab