الرئيس العسكري الرابع

الرئيس العسكري الرابع

الرئيس العسكري الرابع

 السعودية اليوم -

الرئيس العسكري الرابع

بقلم : وليد شقير

تتنافس الصالونات السياسية اللبنانية وتحتار في تصنيف الرئيس الجديد المنتظر انتخابه. وسبب الحيرة أن الجنرال الطامح للرئاسة منذ عام 1988، اعتاد، من بين القادة، أن يفاجئ الآخرين، في مواقفه ونهجه إلى درجة الدهشة أو الخيبة، بحسب المتلقي.

إلا أن الجامع المشترك بين التصنيفات كافة هو الصفة العسكرية للرئيس المنتظر، والذي يحلو خصوصاً لمعارضيه وللحياديين أيضاً، أن ينطلقوا منها فيقارنوه بأقرانه من قادة الجيش السابقين، الذين تحولوا رؤساء.

ربما كان هذا وجه الشبه الوحيد بينه وبين هؤلاء، خصوصاً عند رصد كيفية انعكاس العقلية العسكرية على أدائه في السلطة، لجهة إخضاع السياسة، بما تعنيه من مرونة ورؤيوية وسعة أفق ومناورة، لمنطق القوة والحسم والمواقف القاطعة، باعتبارها تملك الحقيقة المطلقة وتزدري الطبقة السياسية الشريكة، أو المناوئة.

بين العماد ميشال عون وبين الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب يكتفي أصحاب المقارنة بالقول إن الثاني تولى رئاسة حكومة انتقالية بعد التسوية على وقف الأزمة السياسية التي كادت تتحول حرباً داخلية، عام 1952، وبقي في المنصب 5 أيام فقط من دون أن ينتقل إلى القصر الرئاسي (كما فعل عون وبقي فيه بعد 36 سنة) إثر مغادرة الرئيس الراحل بشارة الخوري، لتأمين انتخاب الرئيس الجديد الذي أنتجته التسوية الخارجية، أي الرئيس الراحل كميل شمعون وقتها، فعاد شهاب إلى ثكنته. ووقعت التسوية الخارجية عليه عام 1958 من ضمن صفقة لإنهاء الحرب الأهلية ذلك العام. ويعترف من خاصموا شهاب (ويترحمون عليه) ووالوه في الستينات من القرن الماضي، بأنه باني دولة المؤسسات في لبنان التي سمحت له بمواكبة مرحلة من الازدهار بموازاة اتفاقه مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان له نفوذه الهائل في الساحة اللبنانية، على تحييد البلد عن التوترات التي كانت سائدة على امتداد المنطقة. انتزع شهاب في حينه من القيادة المصرية قدراً من الاستقلالية للحياة السياسية اللبنانية على رغم هذا النفوذ. تجزم هذه المقارنة بأن مشروع شهاب لبناء الدولة لن يتكرر مع عون لاختلاف الرجلين في النظر إلى الدولة، على رغم أن زعيم «التيار الوطني الحر» تمترس وراء حق الدولة في بسط سلطتها في وجه الميليشيات التي قبضت على الأرواح والأرزاق إبان الحرب الأهلية.

لكن أصحاب المقارنة لا تفوتهم الإشارة إلى أن وجه الشبه هو في تلك المرحلة التي سيطرت خلالها الاستخبارات اللبنانية (التي كانت تسمى المكتب الثاني) على الحياة السياسية، بحجج متعددة أبرزها محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذتها مجموعة ضباط تنتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1961، مع ما عنته من قمع للحريات وتقييد للعبة السياسية، على رغم أن شهاب رفض التمديد في الرئاسة فأخلى القصر. والعماد عون كرئيس للحكومة الانتقالية، تعاطى بقمعية مع الإعلام وأوقف صحفاً عن الصدور وسجن مناوئين للحروب التي خاضها ضد الوجود السوري ثم ضد «القوات اللبنانية»، ومعترضين على تفرده بالقرار على رغم انسحاب المسلمين من حكومة الضباط التي شكلها، واحتجاجاً على عدم تسليمه الأمانة لرئيس جديد مثلما فعل شهاب.

لا يشبه العماد عون في السياسة، الرئيس السابق العماد إميل لحود، الذي أتت به الوصاية السورية على القرار اللبناني من أجل التخلص من عون نفسه، إلا بتلك العقلية العسكرية التي تختصر الحياة السياسية بمنطق القوة الذي يلبس رداء محاربة الفساد وزعم احتكار الاستقامة والنزاهة التي ضخمت سمعتها أجهزة أمنية وحملات إعلامية موجهة. اتكأ لحود على مبدأ ألا يرفض طلباً للسوريين الذين تدخلت استخباراتهم في تعيين الحاجب، لتمتين سطوته، فيما ذاع صيت العناد عند عون حيال وضع اليد السورية على السلطة. لكنه عاد وعقد تحالفاً متيناً مع نظام الأسد و «حزب الله» وإيران، في أدق وأخطر تحول شهده البلد باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتحول غطاء لأجندة خارجية، انتزعت نفوذاً واسعاً يوظف المساحة اللبنانية في حروب المنطقة، وصولاً إلى حافة الانهيار.

أما العماد ميشال سليمان فحوّله الاختيار السوري (والعربي المصري عام 2008) مخرجاً من مأزق الفراغ الرئاسي، بعدما أدرك أن اغتيال الحريري زلزال أقوى من قدرة عضلات العسكر على قمع تداعياته. ثم ما لبث سليمان أن اكتشف مدى تآكل الدولة، وسلطته المفترضة، والعبث باتفاق الطائف، لحساب أصحاب المشروع الخارجي الذين دعموه للرئاسة، فتمرّد.

الأسئلة حول الحريات في العهد الجديد جدية داخلياً وخارجياً. أما حول مدى تكبيله بقيود القوى الخارجية التي رجحته، فهي أكثر.

arabstoday

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس العسكري الرابع الرئيس العسكري الرابع



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab