لو أني أدق له عنقه

لو أني أدق له عنقه؟!

لو أني أدق له عنقه؟!

 السعودية اليوم -

لو أني أدق له عنقه

حسن البطل

صرتُ أحيدُ عن دربي الصباحي: بيتي - محطة باصات بيتونيا - مقهاي .. ثم مكتبي. صرتُ أفهم ما أريد من معاني مديح محمود درويش لمعاني الاشجار. أمرّ في دربي الصباحي بشارع البريد، وفي هذا الشارع وقعت جريمة، بل جريمتين متسلسلتين بحق شجرة من اشجار الشارع .. وفي عامين متواليين! أنا (وأنتَ) في قمة حياة الثدييات، والشجرة في قمة حياة النبات. وفي شارع البريد - رام الله فهمت لماذا قال درويش: "سيل من الأشجار في دمي .. أتيتُ أتيتُ"، وكنت أفهم مديحه للشجر "الشجر العالي كان نساء / كان لغة". الحياة أنثى .. والشجر لغة الحياة. هل رأيتم "إنهم يقتلون الجياد" او رأيتم هذا الفيلم "صمت الخراف" حيث يسلخ قاتل سادي متسلسل، عاجز جنسياً، جلود ضحاياه .. ويتعرى ويرقص طرباً؟ "إنهم يكسرون الاشجار. أشجار الطرق بالذات، ولكن قاتل الشجرة السادي المتسلسل في شارع البريد يدّق عنق شجرة بالذات، امام حانوت بالذات، ويكرر جريمته كلما غرست البلدية شجيرة مكان الشجيرة القتيلة، كمن يفصل رأس انسان عن جسده .. ثم يضع الرأس فوق الجثة، او يعيد غرس تاج الشجرة الى جانب جسدها! فعلها هذا المجرم السادي، القاتل المتسلسل مرتين خلال عامين، وقد يفعلها ثالثة في الربيع المقبل. سفاح متسلسل مثل السفاح المتسلسل في "صمت الخراف". هل يقتل ويضحك حبوراً مثله؟ صرتُ أحيد عن دربي الصباحي، مثل طفل اكتوى بالنار، فقد يفعلها المجرم، سفاح الشجرة / الشجرة مرة ثالثة، وغالباً يفعلها ليلاً، لأني أمرّ من الدرب صباحاً، فأرى رأس الشجرة (تاجها) مقطوعاً ومغروساً في التراب كأني أرى جثة قتيل مقطوع الرأس، ورأسه المقطوع على جسده؟ هو واثق ان احداً لن يراه ليلاً؛ وأنا واثق أني لو رأيت فعلته لتمنيت أن أدقّ له عنقه. هناك في الشعر: النطع والسيف، وهناك المقصلة، وهناك في بعض المصارعة ان "تدق عنق" خصمك دون ان تفصل الرأس عن الجسد. تقتل رقبته بذراعيك بسرعة. يقول بعض قرائي المثابرين إنني لو لم أكن كاتباً سياسياً لكنت قصصياً، وكانت بداياتي ككاتب قصة معنونة "مصرع الشجرة الرابعة". انها شجرة على رصيف شارع دمشقي (شارع الانشاءات الموازي لشارع بغداد، وفي موقف باص امام بيتي كان من يتسلى بسلخ لحاء الشجرة، فما كان مني إلاً وجلبت جلداً صناعياً وسلكاً .. ثم "قمطت" ساق الشجرة .. الى ان دهمتها سيارة رعناء! "سيل من الاشجار في دمي .." كناية عن عنفوان الحياة، كما "دمي بريد الانبياء" كناية عن عنفوان الامل، كما "نحب الحياة إن استطعنا اليها سبيلاً" كناية عن عنفوان العناد في النضال. يحمور الدم الأحمر هو الأخ الشقيق ليخضور النبات، الذي هو الأخ غير الشقيق لفلز (معدن) الارض. ولعل الشجرة كانت تبكي بلا صوت اذا علّقوا على فرع من فروعها حبل مشنقة و"دندلوا" في الحبل جيد انسان مظلوم او مجرم .. لا فرق! لكنني إزاء قاتل متسلسل لهذه الشجيرة على رصيف شارع البريد - رام الله واثق ان اشجاراً أخرى ستنمو وارفة، وعلى فرع من فروع شجرة ناجية من كاسري الاشجار، قد أعلق حبلاً على فرع، ثم اعلق رقبة القاتل في الحبل .. وهكذا أدق له عنقه، كما دقّ عنق الشجرة القتيلة مرّة مرتين، وقد يدق عنق الشجرة مرة ثالثة. لن أمر من طريق الجريمة. * * * في مشروع من مشاريع مئوية بلدية رام الله، جعلوا شارع ركب وشوارع قلب المدينة أخضر. وها هي الاشجار تعلو قامة المتسكعين في شارع ركب (الشارع الرئيسي) ومعظمها من "ناجيات ركب" وصارت جذوع بعضها في حجم زند الذراع عصية على الكسر بأيدي المرضى من كاسري الشجر. قلت: سأدق للقاتل عنقه، كما دق عنق الشجرة.. لكنني لن افعل، بل سأحيد عن درب وقعت فيه جريمة قتل متسلسلة. .. وأحيد ايضاً عن درب تحبو على شارعه حشرة او "دويبة" .. نملة، او خنفسة مثلاً. نقلا عن جريدة  الايام 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أني أدق له عنقه لو أني أدق له عنقه



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab