أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية!

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية!

 السعودية اليوم -

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية

بقلم : حسن البطل

بهندسة وراثية عكسية ـ ارتدادية، يُقال إنهم في سبيلهم لاستعادة شذى الزهور والورود. صارت الورود مشرئبة الساق، منزوعة الرائحة.. وخسرت شذاها.

دعكم من الخلط اللغوي بين الزهرة والوردة، كما في الكلمات المتقاطعة (الوردة وردة والزهرة قد تعقد ثمرة). نحن لا تخلط خياشيمنا بين وردة طبيعية وأخرى صناعية، وإن زاغت حاسة البصر لدينا أحياناً.
«وجدتها.. وجدتها» (أوريكا.. أوريكا) كما قال أرخميدس، أو قالت لي حاسة الشم في خيشومي. على حافة بحرية ـ برية في شاطئ تونسي، بين منتجع فندق سلوى (الفلسطيني آنذاك) ومنتجعات السوّاح ومرابعهم، التقطت حاسة الشم عندي رائحة فوّاحة قادتني، كالكلب السلوقي، إلى كشة نبات ملتفة، كأنها شعر هذه «الميدوزا» الأسطورية الإغريقية.. لكن بدل الأفاعي كانت سيقانها القميئة ليست رؤوس الحبات، بل ورودا متعددة الألوان الزاهية من زهور القرنفل (قلت زهوراً وليس وروداً).

الورود؟ قالت لي (راء): «شكراً على الوردة الجورية»، اقتطفتها من شجيرة ورد على حافة الرصيف في رام الله.. وليس لها إلاّ اسمها، وأما رائحة الوردة الجورية الشامية، فذاكرتها تعشعش في خيشومي.. وكذا مربى أوراقها تحت لساني!

«جورية» في الشام وفي الأندلس «وردة الشام» .. وأخيراً، استوردت دمشق ـ الشام بعض شجيرات أندلسية، أصيلة وأصلية، من «الجورية»، ربما من حدائق قصر الحمراء.. وأعادتها إلى بلادها الأصلية، دونما تأصيل وراثي.

البندورة
تبدأ حبة البندورة من نوارة زهرة صفراء كعيون النمر المفترس، لكن ماذا؟ أين راحت رائحتها ونكهتها؟ لمّا كنّا صغاراً في الغوطة لمشوار أو سيران، كان نسيم طفيف من الريح يشدّ حاسّة الشمّ في خياشيمنا إلى رائحة أوراق البندورة. نقطف الثمرة ونفغمها فغماً بأسناننا، دونما حاجة إلى رشّة ملح، ودون إحساس حاسة الذوق بقشرة البندورة التي صارت ذات طعم يشبه طعم الجلد!

فاكهة في مسمّى خضار صارت سيّدة الموائد في نطاق العالم، لكنها خسرت الرائحة والنكهة معاً. لا بأس من ضمة ورد بلا شذى الورد على مائدة الطعام، لكن متى يعيدون لإحدى هدايا العالم الجديد إلى العالم القديم طعمها الأصلي القديم: رائحة في الخيشوم ونكهة في الفم!

نارنج !
البرتقالة سيّدة الحمضيات، ونطاقها الأصلي هو النطاق المتوسطي، كما الزيتونة المباركة خاصة، وثمرة الليمون الحامض هي أولى نائبات سلالة الأم في السيادة.. لكن هناك ضربا من ثمار الحمضيات يسمّى النارنج.

كان في بيتنا البيروتي القديم ثلاث أو أربع من شجيرات التاريخ. عيبها الوحيد في مذاقها الحاد بما يُبعدها عن كل صنف من صنوف الذائقة المستساغة، لكن امتيازها الفريد هو شذى رائحتها الفوّاح، بعد اقتطاف زهورها وتقطيرها في زجاجات من الزجاج.. وقطرة أو قطرتان من رحيقها في فنجان قهوة تجعل نكهة القهوة لا مثيل لها، عدا عن «تنكيه» صنوف عدة من الحلويات!
حلويات؟ آه.. نعم، يمكن تقشير ثمرة النارنج ونزع عباءتها الصفراء، ثم غلي اللبّ الأبيض بالماء والسكر، لتغدو نوعاً لا مثيل له من المربّى، إضافة إلى الفائدة الطبية التي لا تُنازع لصحة القلب، أكثر من بقية الحمضيات.

هل تصدقون؟ قد تحمل زجاجة العطر الباريسي بقايا رائحته وقتاً، لكن زجاجات مقطّر النارنج تبقى سنة وسنوات بعد فراغها من ماء النارنج.

«الهوا» ؟
ليس ما أقصد هو الريح، بل نبات متسلق يتكئ على الحيط، ويسمّونه في لبنان «هوا».. وفي موعد محسوب على ساعة وميقات الفصول الطبيعية «ينوّر» هذا النبات، ويطرح في الجوّ شذىً غريباً يشبه شذى «ماء الرجل» ـ ماء الحياة.

يقولون إن خيشوم الأنثى حساس للروائح أكثر من خيشوم الخنشار (الرجل)، ولهذا ربما لا يحب الرجل رائحة «ماء الحياة» يراق في الأرحام» بينما تحبّ الإناث رائحة نبات «الهوا» التي يفوح عطرها في شهر أيار، المسمّى، أيضاً، شهر «نوّار».

أهي صدفة؟ في كفّ يدك خمس أصابع، ووضع الخالق الأعظم في جسدك خمس حواس. يُقال إن الإنسان البدئي زمن العيش في الغابات، كانت حاسة الشم وحاسة السمع لديه ناميتين، لأنه كان قريباً من رائحة الأرض.. ثم بقيت الحيوانات كالكلاب وغيرها تفوق ما لدى الإنسان من رهافة وقوة حاسة الشم والسمع.

البصيرة من البصر، وهذا نعمة الحواس الخمس، فإن أسقطت قطرة لون على دلو من الماء.. رأيت كيف يتغيّر لون الماء (قيل: الماء من لون الإناء!) في مجال آخر.

حقاً، تأتي الذاكرة البصرية، أولاً، لكن ألا يُقال: طعم نكهة البندورة الأصلية تحت أسناني، أو رائحة عطر النارنج في خيشومي.. كما يُقال شيء آخر عن بقية الحواس الخمس!

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab