غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه

غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه

غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه

 السعودية اليوم -

غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه

حسن البطل

على منصّة، خلف طاولة عليها ميكروفون، توالى الخطباء في قاعة من قاعات مدينة الخليل.. وفي الخلفية وعلى الجدار تأمّلت صور ضحايا المجزرة في الحرم الإبراهيمي، قبل عشرين عاماً. أغلب ضحايا مجزرة الطبيب ـ السفّاح باروخ غولدشتاين من "كريات أربع"، يبدون في الصور، شباباً، أي في نصف عمر الخطباء على المنصّة. على كثرة المناسبات الفلسطينية لإحياء ذكرى المجازر، فإن الاحتفال في الخليل بمرور عشرين عاماً على مجزرة الحرم له أهمية كبيرة، ولو كان الاحتفال به محلياً في المدينة، لأنه رسم وجه المدينة حتى الآن، بل وأعطى اتفاقية أوسلو بعض ملامحها، الأكثر قسوة، وأبرزها تقسيم الحرم، وجعله بأسره ثكنة من الخارج. أيضاً، قسم المدينة، أو شطر قلبها في منتصفه إلى H1 (حبرون واحد) وH2 (حبرون اثنان) وأقام في قلبها مستوطنة يهودية ذات أمن خاص وصارم جداً لـ 500 من المتطرفين الدينيين اليهود، وسط مدينة فلسطينية هي الأكثر سكاناً بعد مدينة القدس الشرقية، ومحافظة فلسطينية هي الأكثر سكاناً في فلسطين السلطوية. يراهنون الآن على نجاح أو فشل جون كيري.. لكن الرهان على الحل الأميركي فشل في مدينة الخليل، أو في سوق رئيسة وشارع تجاري رئيسي هو شارع الشلالة ـ الشهداء. صرف الأميركيون جهداً ومالاً قبل الانتفاضة الثانية لفتح الشارع أمام حركة المشاة والسيارات الفلسطينية، وقاموا بترميم الشارع، وطلاء مغاليق حوانيته باللون الأخضر.. وبقي الشارع قفراً. كانت مجزرة غولدشتاين في الحرم كبيرة (29 مصلياً) وخسيسة ووحشية، ونال جزاء فعلته الموت بالأيدي والأرجل والأحذية، وأقام مناصروه له قبراً صار مزاراً قرب مستوطنة "كريات أربع". ألقت المجزرة ظلاً ثقيلاً على العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود المتطرفين بعد أن فتحت أوسلو أفقاً ما في السلام. نتيجة من نتائج المجزرة أن اتجهت أعمال المقاومة الفلسطينية، خصوصاً من حركة "حماس" إلى ضرب المدنيين الإسرائيليين والتفجيرات، والأعمال الانتحارية اللاحقة التي صبغت الانتفاضة الثانية. بعد المجزرة، فكّرت بعض أوساط حكومة رابين بإنهاء ظاهرة الاستيطان اليهودي في قلب المدينة، لكن "لجنة شمغار" عاقبت الضحية بتقسيم الحرم، وتقسيم المدينة نفسها 10% لليهود المتطرفين في ما تدعوه الصحافة الإسرائيلية "الحاضرة اليهودية" و90% للفلسطينيين، وهذا تمّ لاحقاً في عهد أولى حكومات نتنياهو، وفق اتفاقية الخليل، وهي آخر انسحاب إسرائيلي من المدن الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو. إذا سمّمت المجزرة أي علاقة مستقبلية بين الشعبين، فإن اغتيال المأفون ايغال عمير لرئيس الوزراء رابين كان الضربة الثانية التي حلّت بأي احتمال لتنفيذ أوسلو بعد خمس سنوات، وكان المحرّض الأكبر ضد رابين هو نتنياهو نفسه! كان هناك من توقع، بعد أوسلو، وصفاً يمكن فيه التعايش، وزيارة مشتركة للأماكن المقدسة والمقامات والقبور، لكن الأمور سارت نحو أوضاع استثنائية غريبة، شملت معظم مدن الضفة. سيطرت إسرائيل على جزء من مدينة بيت لحم، وأقامت أسواراً حول مكان عبادة مشترك (قبة قبر راحيل)، وفي نابلس لم تعد الزيارات اليهودية سالمة لـ "قبر يوسف" وليست غير زيارات استفزازية لكنيس يهودي في أريحا. دون أن ننسى أن الانتفاضة الثانية أخذت اسم "انتفاضة الأقصى" رداً على زيارة استفزازية للوزير شارون، وما تلاها من "مجزرة" في الحرم القدسي، كانت شرارة الانتفاضة. لا مصادفة أن تمر الذكرى العشرون للمجزرة في الحرم الإبراهيمي مع ذروة مساع محمومة لزيارات استفزازية للحرم القدسي، بل ومداولات في الكنيست لفرض السيادة الإسرائيلية عليه. صارت "يهودية الدولة الإسرائيلية شعاراً ومطلباً سياسياً إسرائيلياً تعجيزياً، وعقبة كبيرة أمام مشروع كيري، سوية مع تجدد المحاولات لتهويد قلب القدس العربية، وأيضاً، مع تجدد المطالبات والمساعي والخطط لتهويد الجليل والنقب، بل مع التهويد الزاحف للأحياء العربية في المدن الساحلية، مثل يافا وحيفا. ما يجري هو تحويل الصراع القومي، والحل السياسي بدولتين لشعبين إلى صراع ديني، تقسيم الشعب الفلسطيني في إسرائيل إلى أديان ومذاهب، وكذلك دعاوى تقسيم الضفة بين المستوطنين والفلسطينيين. تتصرف إسرائيل على منوال: ما هو في أيدينا لنا، وما هو في أيديكم لكم ولنا.. والنتيجة؟ لا يوجد مستقبل مشترك!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه غولدشتاين وعمير غيّرا الاتجاه



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab