الفشل الثالث انهيار الحواضر

الفشل الثالث؟ انهيار الحواضر!

الفشل الثالث؟ انهيار الحواضر!

 السعودية اليوم -

الفشل الثالث انهيار الحواضر

حسن البطل

يحفظ العتّاق فينا هذا النشيد: "لنا مدنيّة سلفت/ سنُحييها وإن دثرت..".. وربما من أهم تساؤلات ما يُسمى "الربيع العربي" ليست في المماحكة إلى قلبه خريفاً أو شتاءً إسلامياً، بل في أفول المشروع المديني العربي.. والمشروع التنموي! نقصد بالمدنيّة الحضارة أو المجتمع المدني، أو عواصم الدول القطرية، بينما ثلاث عواصم عربية كانت في الغابر من الزمان "مدنيّة سلفت" تعاني، ليس من "ترييف المدينة" حسب شكوى المفكّر عزمي بشارة قبل هذا "الربيع العربي" بل فشلاً ثالثاً لثلاث عواصم عربية: بغداد ـ دمشق ـ القاهرة، في قيادة مشروع عربي ـ نهضوي، وفشل آخر في المشروع القطري لبناء دولة.. وفشلاً للمشروع المديني في الأساس. هل نضيف إلى حواضر ـ عواصم المدنيّة العربية السالفة الثلاث مدنيّة ـ عاصمة لبنان بيروت، باعتبارها بؤرة فكرية لدعاة المشروع القومي ـ النهضوي؟ سنلاحظ، أولاً، أن حواضر المدنيّة العربية السالفة (عواصم الخلافة ـ الإسلامية ـ العربية : الأموية، العباسية، الفاطمية) لم تكن في الجزيرة العربية (مكة والمدينة) بل كانت زهوة المدنيّة العربية الرابعة في الأندلس وغرناطة التي طويت صفحتها، وكانت أكبر اقتراب للمجتمع المديني ـ المدني من الكوزموبوليتية والعلمانية! سنلاحظ، ثانية، أن المدن، أو نواة المدن، الفلسطينية الساحلية المدينية (حيفا، يافا، عكا) سقطت، ولحقتها القدس (ولو نهضت بعدها مدن الضفة). طوى سقوط بغداد بيد المغول صفحة مدنيّة عربية إسلامية زاهية (كانوا يقولون عن المتمدن أنه تبغدد)، ثم سقوطها الثاني مطلع هذا القرن طوى مشروعاً لبناء دولة قطرية تكون نواة مشروع قومي، والأهم أن السقوط الثاني أطلق عنفنا، تفتيت الدولة العراقية، واندلاع حرب طائفية ـ مذهبية.. وأضحت "مدينة السلام" عاصمة الانفجارات الانتحارية العشوائية. كانت بغداد، قبل سقوطها الثاني، فضاء لتذويب الانقسامات القومية والقبلية والمذهبية والطائفية، ونواة لحياة مدنية، ولو كانت تحت استبداد مدني عسكري، إلى أن صار يهددها استبداد ديني ـ مذهبي. بيروت سقطت في معمعان حرب أهلية (ربما نتيجة الخلاف بين بغداد ودمشق والقاهرة) ثم سقطت بعد حرب غزو إسرائيلية لمدة شهور وليس سنوات مثل سقوط بغداد الثاني، لكنها تعاني من تداعيات "ربيع عربي" في ثلاث عواصم عربية : بغداد، دمشق والقاهرة، وهي التي أطلق الفلسطينيون عليها لقب "أم العواصم العربية". يمكن أن نرى السقوط، والدمار والعنف الأهلي، في مرحلة مابعد الاستعمار، أو نراه أسوأ في مرحلة جارية هي "الربيع العربي". ومن ريادة المشروع القومي الحديث (البعثي في بغداد ودمشق.. والناصري في القاهرة) إلى حروب أهلية ومذابح دينية ومذهبية تهدد بانقسام الشعب وتفتيت الدولة القطرية، وبوادر اندلاع استبداد ديني بدل الاستبداد المدني، ثم استبداد مذهبي. في عصر ما بعد الاستعمار سقطت عاصمتان تحت الغزو (بغداد وبيروت) بينما سقطت عاصمتان أخريان في الخلاف الأهلي بين المشروع القطري ـ المدني ـ العسكرتاري ودعاة المشروع الديني المذهبي، كما حالة القاهرة (عاصمة المدنية الإسلامية الفاطمية، ودمشق عاصمة المدنية العربية الأموية). في الحروب الخارجية كان الخلاف حول رئيس النظام، والنظام، ودور الجيش في الرئاسة والنظام، والقمع، وكان الفشل في الحروب الخارجية يهدد سيادة الدولة على بعض أراضيها (مصر وسورية) أو يمس بمكانة الجيش والنظام والدولة. لكن، في الحروب الداخلية فالخطر أدهى وأمرّ، لأنه يحمل في طيّاته تدمير الحواضر ـ المدن ـ العواصم، وانقسام الشعب وربما الدولة القطرية ذاتها، بعد أن كانت الحواضر والعواصم نواة الدولة القطرية ذات التطلع القومي؟ إلى جانب فشلها المزدوج في قيادة مشروع نهضوي ـ قومي، وقيادة مشروع قطري لأن فشلها في السلم الاجتماعي، والمساواة، وسيادة القانون، والحرية هو الذي مهّد لمشروع حرف "الربيع العربي" عن الديمقراطية وضد الاستبداد، إلى مدّ أصولي ديني يكره الآخر بسبب دينه أو مذهبه، ويكره الفنون والآداب والمساواة بين الرجل والمرأة. جاؤوا من الصحراء ليعيدوا الحواضر إلى الصحراء. هذه مرحلة في المدن/ الحواضر/ العواصم العربية، يدور خلالها صراع داخلي بين دعاة الاستبداد المديني ـ العسكرتاري ودعاة الاستبداد الأدهى الديني ـ المذهبي، وهي تدور بعنف أهوج في سورية والعراق وبعنف سياسي يزداد حدّة في الدولة العربية القطرية الأولى، أي مصر. .. وفي مصر بالذات تدور المعركة الطويلة الفاصلة بين نمط الحياة المدنية ونمط الحياة الدينية! بينما تنمو عواصم الغرب إلى مدن عالمية ـ كوزموبوليتية تنتكس العواصم العربية من حياة وطنية إلى حياة دينية متزمتة.  

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفشل الثالث انهيار الحواضر الفشل الثالث انهيار الحواضر



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab