حركات إعراب المشهد

حركات إعراب.. المشهد

حركات إعراب.. المشهد

 السعودية اليوم -

حركات إعراب المشهد

حسن البطل

1- السكون .. لكن، لم تحتلنا الهواجس. هذا جيد، فلم نر في أسراب ذباب فوق ثلاثة أكياس من البلاستيك الأبيض، كفناً لجثة مقطعة الأوصال، أو ثلاث جثث. الطريق، من مفرق سردا، نزولاً الى مفرق التفافي بيت إيل، يحتله السكون.. وحطام سيل من عاصفة المطر، وجثث سيارات مهروسة، وبصمة جنزير دبابات الميركفا-3 (70 طناً من الفولاذ) تبدو بصمة هندسية تماماً. ملء ثلاثة أكياس من الفراخ المذبوحة، المربوطة بإحكام، صارت فطيساً، بعد ان غير جيش الاحتلال "فورة" التجوال ثلاث ساعات يومياً يوماً آخر. أربع اقدام فقط: قدماي وقدما صديقي تطرق سكون الشارع، وتجتاز الحاجز الشهير (صار حاجزين: احدهما خندق يبقر الشارع، والآخر متراس). فوضى السيل؛ وفوضى مكعبات الحاجز؛ وفوضى السيارات المدنية المهروسة. كان المكان صورة مصغرة عن لقطة من فيلم "اليوم التالي" لحرب نووية. في المكان فيزياء الخراب، وفي عظامنا كيمياء العناد. سيعود الشارع الى فوضاه، اذا عاد الجنود الى حاجزهم. فاذا لم يعودوا بدأت عجلات الشاحنات الثقيلة في تذليل عقبة المتراس، وفي ردم عقبة الخندق. هكذا صار. بالفعل، لم يعد الجنود، منذ سقط احدهم على الحاجز، ولم يعودوا إلى ذلك المبنى نصف المكتمل، أعلى التلة، الذي جعلوه منطرة تكللها أقمشة التمويه العسكرية ( الكامفولاج). تم تحرير الحركة، جزئياً جداً، في ذلك الحاجز الشهير جداً، وصار المرور سالكاً بصعوبة بالغة. في ذاكرتي البصرية حالات الطريق كلها، منذ كان ضيقاً ومتهرئاً، الى ان صار فخر الشوارع بين المدن في الضفة، الى ان صار نموذجاً من ذلك الحوار، متعدد الوجوه والفصول، بين حق المرور الآمن، الفلسطيني وضريبة الامن الغاشم الإسرائيلي. ذاهبان، لمرة أولى منذ ثلاثة أسابيع، لرؤية ما فعلته آلة الحرب في وجه المدينة. كان الجو في السماء ذيول عاصفة. وكان الجو في الشارع سكوناً غريباً. ومن حيث التقطت، ذات مرة، قنبلتي غاز فارغتين وجعلتهما مزهريتين.. كانت هناك ثلاثة اكياس معبأة بجثث الفراخ المذبوحة والمقدمة وجبة شهية لأسراب الذباب. 2- الفتحة أول علامة عودة الشارع الشهير الى الحراك هو سيارات الشحن الثقيلة. ملء صناديق من البحص والرمل، وحديد التسليح، وأخشاب البناء، او خلاطات الإسمنت. طوال أربعة شهور متواصلة غابت هذه الحركة عن هذا المقطع من الشارع ثم غابت سيارات الإسعاف. بقي أسطول سيارات الأجرة الأصفر يقف أمام "مرفأ" حاجز المتراس، أو "مرفأ" حاجز الخندق.. ويقطع الناس المسافة على أقدامهم، وبأيديهم حاجات قوت يومهم، او حاجات تحصيل علمهم في جامعة بيرزيت، او مدارس رام الله. لا منطق في فوضى حاجات الناس، لأنها فوضى منطقية تماماً. لا منطق في القصد المدروس للحواجز، لأنها تعسف غير منطقي ابداً. المنطق هو ان الفتحة في اللغة اقوى من السكون.. وفي نبض الحياة ايضاً. 3- الضمة نيسان ماطر على غير العادة، بارد فوق العادة.. وبين انقشاعتين تصرخ كائنات الغطاء النباتي طلباً لنور الشمس. نيسان أيضاً، ساكن على غير العادة في حركة بناء المساكن. همدت حركة البناء تماماً، لأول مرة منذ اتفاقية أوسلو. في سكون حركة العمار، اكتشفتُ الحكمة التي جعلت مشهد المسكن الفلسطيني يختلف عن مشهد المسكن في المستوطنات المجاورة، اكتشفت هذه البديهية، الغائبة سهواً، عندما حطمت الدبابات والجرافات قساطل المياه، فلجأت الناس الى مخزون "آبار الجمع" من مياه الشتاء. "عكروت" يسمى عاموس جلعاد، كبير ضباط الإدارة المدنية، يقول على شاشة تلفازهم: بفضلنا لم يعطش الفلسطينيون. لم يجوعوا. لم ينفد الأوكسجين من مستشفياتهم. لسطوح بيوت مستوطناتهم قبعات من قرميد. لا يهدد ساكنيها زمن الشحائح ما داموا جعلوا الضفة الغربية كلها مثل سطح جمع لتغذية مخزونهم من المياه. نحن نبني وهم يبنون بطريقة مختلفة، وبسقوف مختلفة.. ومن اجل ان نبني تجتاز سيارات مواد البناء طرقنا المغلقة بحواجزهم، غفلة عن عيونهم، او احتيالاً على يقظتهم. - الكسرة لعل الإنسان نبات من البروتين؛ والنبات انسان من اليخضور. ها نحن نتصارع وإياهم على الأرض، وعلى حقنا في افق بين الأرض والسماء. يحكون عن الفصل الديموغرافي، ثم يحكون عن الوصل البيدوغرافي (التربي)، ولا يتعلمون ديمقراطية النبات الذي يغشى أديم هذه الأرض. أديم هذه البلاد غني جداً بالتنوع النباتي، من نباتات شبه قطبية، الى نباتات استوائية. لكن، حتى النباتات المتوسطية من الأعشاب البرية، تتصارع بطريقة ديمقراطية. عشرون او ثلاثون نوعاً متجاورة.. وفي كل عام يطغى، نسبياً، نبات ما، ليطغى، في عام آخر، نبات آخر. نبات هذا العام الطاغي هو السّفيرية (بتشديد حرفي السين والفاء). إنه أشبه بسرب من السنونو الأخضر المربوط بخيط هو ساق النبات، حتى إذا هزته النسائم، أو عصفت به الريح، بدأ يبحث عن بوصلة ما لافق ما، لسماء ما.. وفي أيار تفرد هذه "السنونوات" أجنحتها من الشوك، ثم تذهب بعيداً في كل اتجاه.. بانتظار دورها من سيادة نباتات الربيع. ربما بعد خمسة أعوام أو عشرة يأتي "ربيع سفيري" آخر. نقلا عن  جريدة الايام  

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حركات إعراب المشهد حركات إعراب المشهد



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab