«الذي علّم بالقلم»

«الذي علّم بالقلم»

«الذي علّم بالقلم»

 السعودية اليوم -

«الذي علّم بالقلم»

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

عامر صوّر الخبر. هو طبيب وأديب ويتعاطى الشعر، وكاتب «مراسيل» فيسبوكية، لاذعة وذكية، ينقرها بإصبع واحدة على المحمول. أنا أعطيته الخبر، ولقارئ ما أن يفاضل بين «ذكاء» من ينقر، وبين «تذاكي» من يسطّر.
جعفر محرّر اقتصادي شاطر، بالقلم يكتب بهيروغليفية ـ عربية، رؤوس أقلام، ثم ينقرها على «اللاب توب» بعربية ممتازة.
إيهاب، زميلنا في الجريدة، يتسلّى على «الفيسبوك»، أو بالأحرى يتدرّب، وهو الخطّاط البارع على مستوى فلسطيني وعربي.
الخبر يقول: الأطفال والشباب، الذين يستخدمون الكتابة اليدوية، يزيد ذكاؤهم عمّن يستخدمون الكتابة بالنقر على لوحة مفاتيح (كيبورد) المحمول أو «اللاب توب» وعرّبه الشاعر سعدي يوسف بـ»المحتضَن»؟!
قبل أن أعطي عامر الخبر في الجريدة، كان ينقر، بإصبعٍ واحدة، مرسالاً حجمه ثلث حجم هذا العمود، لكنه استغرق في تدوينه أكثر مما أستغرق في تسطيره بثلاث أصابع أو «جرّة قلم».. لكن معلّم الصف والتنضيد وديع يستخدم أصابعه العشر، في تحويل ما سطّرته يدوياً بثلاث أصابع، إلى مادة مطبوعة إلكترونياً. أكتب خلال نصف ساعة، وهو ينقره خلال دقائق عشر بأصابع عشر!
في جريدة «الأيام» زوايا عدّة، منها «دفاتر الأيام» كان يملؤها أدباء كبار ومثقفون شهيرون سبعة أيام في الأسبوع، وصار يملؤها في يومين شابان. أعتقد أن الكبار «يسطّرون»، والشباب «ينقرون»!
كان في السنوات الأولى من صدور «الأيام» أكثر من نصف دستة من المنضّدين من الكتابة اليدوية إلى الإلكترونية.. والآن، هناك عميد المنضّدين وديع ـ أبو حريص وحده غالباً، ويساعده أحياناً منضد واحد هو جمال.
قلّة، أنا واحد منهم، تسطّر مقالاتهم بالقلم، والغالبية ترسلها مطبوعة وجاهزة بالنقر على «اللاب توب»، وعمّا قليل أو كثير من الوقت والزمن، سيتوقف الزميل عبد الناصر «أبو جمال» عن كتابة مقالته، يوم السبت، بخط هيروغليفي ـ عربي، ثم ينقرها إن أسعفه الوقت كمدير تحرير.
أنا تعلّمت الكتابة الصحافية من مدرسة الصحافة اللبنانية، وبالخصوص صحيفة «النهار» وصرت تلميذاً لأستاذ عمود (من جعبة «النهار») ميشال أبو جودة، التي صارت صحيفة إلكترونية، فغاب عنها نمط إخراجها اليدوي الجميل، ومعه غابت عنها براعة تحريرها للأخبار من مصادر وكالات أنباء عدّة.. وطبخها في تقرير واحد.
بانتقال الصحافة الدولية والعربية والفلسطينية من الكتابة اليدوية والتحرير بالقلم، إلى الكتابة الإلكترونية بالنقر، لم تعد الخبرة التحريرية والثقافة هي سيّدة التحرير، بل صارت الأخبار نقلاً عن وكالات الأنباء، التي بدورها، كانت نشرات ورقية، وصارت نشرات إلكترونية، وتختار الصحف منها ما تشاء، دون إعادة تحرير غالباً، أو بتحرير طفيف.
معظم كبار الصحافيين والكتّاب، خاصة الأدباء والشعراء، في العصر الذهبي للصحف، لم «يتعلّموا» الصحافة من كليات الصحافة.. وعمّا قليل قد يبقى الشعراء المجيدون وحدهم من يكتب بالقلم، وتقرؤون شعرهم مطبوعاً في كتب أو منشورة في صحف (الصحف كلمة وردت في القرآن).
عمود «أطراف النهار» أُدوّنه يدوياً بالقلم ويُنضّدونه بالنقر الإلكتروني، كما يفعل زميلي عبد المجيد سويلم، وربما زميلي هاني حبيب. مرة واحدة نقرته على لوحة المفاتيح «كيبورد» بإصبع واحدة، ولا أظنّ أنني سأُعيد المحاولة مرة أخرى.. طارت الفكرة، أو خبا وهجها.
ينقر زميلي البارع، حسن خضر زاويته «نقطة ضوء»، فتأتي مقالته متماسكة ورصينة ومشغولة بالإبرة لأنه يُدقّق ما نقر، لكنها تخلو غالباً من حرارة ووهج، ربما للقلم شهيق وزفير، ربما له دقّات قلب.. فيه عاطفة ما!
يقولون، إن الكتابة والتحرير اليدوي، وكذا الصحافة الورقية دخلت مرحلة وحالة أفول، وان قراءها دخلوا حالة عزوف عنها.. وعما قريب ستدخل حالة «موت سريري»، وصار كل حامل هاتف نقّال يُحرّر ما في نفسه وعقله بما يشاء من ركاكة في الكتابة واللغة، وغلوّ في الشطط، وانصياع لما في توارد الأخبار من معلومات غير موثوقة.. إلاّ فيما ندر!
في مطلع عصر الصحافة المطبوعة كانت عناوين الأخبار، وحدها، يكتبها خطّاطون، وصارت تصفّ، بدورها إلكترونياً، بعد تطوير كتابة حروفها بشكل مقبول، ثم صارت آرمات المحلات تُكتب إلكترونيا بدورها.
يتكلّمون عن انقراض الأنواع، فقبل تبدّل المناخ أولاً، ثم التلوّث ثانياً، وعن انقراض الصحافة الورقية، ويبدو أن انقراضها يبدأ من تدهور وانحطاط جمال الخط اليدوي، وغياب الحرارة والنبض عن نصوص الكتابة اليدوية.. فهل بقيت المدارس تعطي علامة لتلاميذها عن حسن وجودة الخط اليدوي.
تصعب الكتابة اليدوية دون إصبع الإبهام أولاً، وإصبع السبّابة ثانياً. يقولون، إن جيلاً سيأتي بعد أجيال، ويتغير طول أصابع اليد، لتماشي عصر الكتابة بالنقر بدل الكتابة بالتسطير بالقلم اليدوي.
الذي «علّم الإنسان بالقلم» أعطى للإنسان ملكة أن يعلم بالنقر، أيضاً. صحيح أن الكتابة تزيد الذكاء، لكننا في عصر الذكاء الصناعي.. وبداية عصر «الروبوتات» الرهيب.. خيراً وشرّاً معاً.
حسن البطل

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الذي علّم بالقلم» «الذي علّم بالقلم»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم
alsaudiatoday.com

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

كلاسيكيات الآرت ديكو لغرفة هادئة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab