ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

ايران: القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

ايران: القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

 السعودية اليوم -

ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية

علي الأمين

الخطاب الامبراطوري الذي تفوّه به مستشار الرئيس الايراني لشؤون القوميات والاقليات المذهبية علي يونسي يعكس مسار من الانتقال من مرحلة التبشير بالوحدة الاسلامية لمحاربة الشيطان الاكبر، الى مرحلة تضخيم الهوية الشيعية والتمهيد لدولة المهدي لمحاربة الثورات العربية، وصولا الى الخطاب الامبراطوري الفارسي في سبيل الامة الايرانية.

 

ووفقاُ لوكالة إسنا للأنباء الإيرانية (الأحد)، قال يونسي في مؤتمر «الهوية الإيرانية» بطهران: «الآن العراق ليس مجرد ساحة لنفوذ الحضارة الإيرانية، بل نعتبر العراق هويتنا وعاصمتنا، وكان هكذا من الماضي البعيد والآن أيضاً».

 

وطالب مستشار حسن روحاني بإنشاء اتحادية بين الدول الواقعة في الهضبة الإيرانية لمواجهة التحديات، وأكد أن طهران ستدافع عن شعوب هذه الدول، واعتبرهم جزءاً من الشعب الإيراني.

 

الجديد هنا ان الخطاب الرسمي الايراني لم يعد يضع نصب عينيه كما بشّرت ثورة الامام الخميني، مشروع الوحدة الاسلامية، الذي لم تستطع الحرب العراقية الايرانية طيلة ثماني سنوات ان تفقد ايران في الوعي الاسلامي العام مشروعية رفع هذا الشعار. فالحرب هذه لم تستطع ان تفرز انقساما سنّيا شيعيا في العالم العربي ولا انقساماً عربياً فارسياً. ورغم فداحة هذه الحرب الاّ انها احدثت فرزاً سياسيا بقيت خلاله ايران حاضرة في مشروعها الاسلامي بوجدان ملايين العرب والمسلمين السنّة. اما حاليا فالوضع اختلف كليا.

 

ربما لا يفوت القارىء ان مصطلح "امبراطورية" ينتمي الى عالم ما قبل العصور الوسطى والى ما قبل الاسلام. العالم على هذا الصعيد تغير منذ سقوط روما، والحديث عن امبراطورية فارس اليوم هو كلام اكثر من سخيف بالنسبة الى النموذج الايراني. واذا صحّ الأمر فيمكن لحلفاء ايران واتباعها في الدول العربية ان يسألوا انفسهم ما هو موقعهم في هذه الامبراطورية؟ ولحزب الله وللشيعة العرب ان يسألوا اين دولة الامام المهدي في هذا المشروع، حتى لا نسأل اين وحدة الامة الاسلامية التي طالما بشرت بها ايديولوجيا الثورة الاسلامية.

 

العرب شيعة وسنّة واقليات دينية واثنية هم "سكان الهضبة الايرانية"، بحسب يونسي، ولا محل لهم في المشروع الا التبعية لايران. كلام يونسي اقل ما يقال فيه انه كلام عنصري يتجاوز كل عنصرية. ويعبر غن رغبة في اعادة انتاج الجغرافيا بذهنية ما قبل الاسلام، واعادة انتاج الجغرافيا السياسية وفق الرسم السياسي لما قبل الاسلام. ومن يتحدث هو صاحب عمامة شيعية فضلا عن كونه مستشارا للرئيس الايراني.

 

على ان هذا الخطاب القومي الايراني، يمكن ادراجه في سياق طبيعي لتطور الدولة الايرانية، وهو خطاب موجّه الى الداخل الايراني، يخاطب الانتماء العميق للناس، انطلاقاً من ان الانتماء القومي هو الذي يوفر الهوية السياسية للدول وليس الايديولوجيا الدينية. البعد الايديولوجي ربما كان مفيدا في بدايات الثورة الايرانية لتغيير الواقع الاجتماعي والقيمي لدى المجتمع، لكن الدول لا يمكن ان تستمر في هذا الخطاب، وهذا ما يمكن ملاحظته في ايران من خلال التترس خلف اهداف الامن القومي الايراني بين فريقي المحافظين والاصلاحيين. الطرفان يتبنيان نظرية الدفاع عن ايران خارج الاراضي الايرانية.

 

كما ان الخطاب الامبراطوري هو جزء من عرض العضلات امام الادارة الاميركية التي انتقلت من كونها الشيطان الاكبر الى موقع بات اقرب الى صفة الصديق المنافس او المشاكس. في هذا السياق يأتي التعبير الامبراطوري، اي في سياق سياسي هو الحوار مع واشنطن، وفي سياق اقتصادي يحاول التغطية على الازمات الحرجة التي يعاني منها الشعب الايراني بسب العقوبات وفشل النموذج التنموي والاقتصادي الذي بشرت به الثورة الايرانية شعبها طيلة اكثر من ثلاثة عقود.

 

لذا فان نموذج تمدد ايران اليوم في العالم العربي، يعجز عن تقديم تجربة ناجحة للاستقرار السياسي وللتنمية. اذ تمتلك ايران قدرة التخريب في الدول وعلى القوى الاقليمية والدولية، لكنها عاجزة عن تقديم نموذج سياسي وسلطة مستقرة. وهذا ما يتنافى مع معيار الامبراطورية وتعريفها الذي يقوم على السيطرة من خلال تكوين مستقر وقابل للاستمرار والحياة... او الاحرى اغراء الاطراف بقدرة المركز على تامين الاستقرار وربما البحبوحة لسكانه.

 

المهم ان القيادة الايرانية تحاول تقديم نفسها كطرف شريك في المعادلة الاقليمية، وساعٍ لتوفير شروط الامن القومي الايراني في الجغرافيا العربية، من دون ايّ اوهام. فايران ليست منهمكة بمشروع اسلامي هذه المرة ولا في بالها كيف يستعيد العرب حضورهم، بل الثابت ان التغيير في المنطقة العربية اصبح مشروعا خطرا على نفوذها، خصوصا ان المشروع القومي الايراني كشف عن ان قوته ونفوذه يقومان على مبدأ اساسي وهو ان الجغرافية العربية هي قطعة جبنة للتقاسم.

 

يكفي المشروع الايراني ان يكون نظام بشار الاسد نموذجه الذي استحق ان تدمر سورية من اجل بقائه واستحق ان تهدر في سبيله كل ما تبقى من رصيد لايران - الثورة في الوجدان العربي والاسلامي.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية ايران القوة الاقليمية لا تصنع امبراطورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab