إزالة الشعارت اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ

إزالة الشعارت: اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ

إزالة الشعارت: اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ

 السعودية اليوم -

إزالة الشعارت اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ

علي الأمين

إزالة الشعارات والرموز الحزبية من شوارع بيروت ليست حدثاً سياسياً ولا يمكن وصفها بالانجاز، رغم محاولة طرفي الحوار، اي تيار المستقبل وحزب الله، اعطاء هذه الخطوة اكثر من حجمها. خصوصا انها تبدو سبيلا لإغراق الناس بتفاصيل وجدالات عقيمة حول ماهية تعريف الشعار او الرمز الحزبي، وأين يختلف عن صور الشهداء مثلا. وهل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وصور القدّيسين "شعارات حزبية"؟

اللبنانيون عموماً يترقّبون من هذا الحوار بين حزب الله وتيار المستقلب إنجازات سياسية، تتّصل بتثبيت مرجعية الدولة وتثبيت سيادة القانون، وانتخاب رئيس للجمهورية، وحلّ أزمة السلاح غير الشرعي... فتمخّض جبل الحوار عن فأر إزالة الشعارات الملتبسة.

عفواً، ربّما لم ننتبه إلى أنّ كلّ ما يتّصل بهذه العناوين هو خارج الحوار، وعذراً إن قلّلنا من شأن الدخول في نفق الشعارات الحزبية، المرجّح أن يستمرّ تضخيمه من قبل الطرفين، في سبيل إشعار الجمهور بأنّ هناك إنجازات سياسية يحقّقها الحوار. غير أنّ السؤال الذي لا نعرف الإجابة عليه هو التالي: ما هي استراتيجية الحوار لدى الطرفين؟ ماذا يريد جزب الله من الحوار وماذا يريد تيار المستقبل من الحوار ايضا؟

هل هي استراتيجية تحصين الدولة والنظام العام وتطبيق الدستور وحفظ أمن الدولة؟

كلّ ذلك خارج النقاش. وبالتالي فإنّ ملعب الحوار هو بحر التفاصيل غير المستندة إلى أسس حوار واضحة. ربّما حزب الله، بخلاف تيار المستقبل، نجح في تحدييد السقف، وعلى تيار المستقبل أن يجهد لتحقيق ما يستطيع من مكاسب حوارية، أي أن ينجح في حماية صورة الرئيس رفيق الحريري في هذا الحيّ أو على مدخل إحدى مكاتبه، أو إجبار حزب الله على نزع أحد شعاراته من إحدى مداخل مدينة صيدا أو في أحد شوارع بيروت. وهو معني بأن يقدّم إجابة حول أحقيّة نزع صور فيها من الآيات القرآنية: "وخود على مزايدات".

ببساطة حزب الله لا يريد ان يكون الحوار لا مع تيار المستقبل ولا مع غيره في قضايا جوهرية تمسّ وجود الدولة. فلا حوار حول السيادة ولا حول الرئاسة ولا حول استكمال بسط سلطة الدولة وسيادتها على الأراضي اللبنانية. وما دون ذلك لا مانع لديه، وعلى الآخرين أن يختاروا الموضوعات شرط ألا تكون استراتيجية.

تجربة حزب الله اعتبرتها قيادات ايرانية عدّة نموذجاً يجب تعميمه في أكثر من دولة عربية، أبرزها اليمن حالياً، لو لم تكن إسرائيل على حدودها. فلكلّ بلد إسرائيله" أو عدوّ يمكن ابتداعه. لذا فإيران تسعى بوضوح إلى تأسيس قوّة ضاربة في كلّ دولة عربية تمتلك فيها حيّزاً من النفوذ: في اليمن والعراق وسورية ولبنان وصولا إلى غزّة. إستنساخ حزب الله يبدو يسيراً في البيئات الشيعية، من خلال تأسيس نموذج لمرجعية عسكرية منفصلة عن الدولة وسلطتها. وقد استفادت إيران من أنّ بنية الدولة ضعيفة في المجتمعات العربية، لاسيما أنّ بنية الدولة الحديثة لا يمكن أن تنسجم مع بنية مجتمعية قبلية وعشائرية.

إستثمار ايران العصبيات ساهم في تعليق مشروع الدولة. وبالتالي في النموذج اليمني نرى بوضوح صعود الحوثيين كجماعة عسكرية من خارج الدولة وقادرة على التحكّم والسيطرة على مفاصلها. في العراق عملية بناء الميليشيات الشيعية تتقدّم بتسليح نوعيّ من المال العام، وتتحوّل إلى جيش منظّم سلطته خارج سلطة الجيش النظامي، وربّما أقوى وأعلى، وتستعين به الحكومة العراقية وجيشها الرسميّ.

التجربة في سورية لم تتضّح بالكامل بعد. فربّما وجود حزب الله مقاتلا في سورية ساهم في تغطية هذا الفراغ الميليشيوي السوري المرتبط بإيران، لكنّ محاولات بناء تشكيلات عسكرية وميليشيوية مستمرّة برعاية إيرانية. في حين أنّ طبيعة المجتمع السوري وعدم وجود بيئة اجتماعية سورية لها ارتباط وثيق بإيران يجعل الحاجة الإيرانية إلى حزب الله اللبناني حاجة متزايدة ومستمرّة في سورية.. إلى أمد بعيد.

نموذج حزب الله هو الذي يتقدم في هذه المرحلة الانتقالية التي افتتحتها ثورات الربيع العربي. وهذا النموذج، الذي يربح في بيروت، بإلهاء خصومه بإزالة الشعارات من الشوارع، في حين يرسّخ دوره السوري ونموذجه الإقليمي، تجد إيران فيه قوّة تواجه قوّة الدفع التي مثّلها الربيع العربي، أي تلك النزعة العميقة في المجتمعات العربية، المنحازة إلى خيار الدولة الحديثة.

وخلال هذه المرحلة الانتقالية التي تتّسم بالعنف والفوضى، يبدو حزب الله الأكثر تنظيماً، في حين أنّ الثورات لم تبنِ مؤسّساتها ولم تبلور أفكارها في مشاريع سياسية... هكذا يتقدّم النموذج الإيراني بمثال حزب الله في دوائر مختلفة، أمّا في العمق فتذهب الشعوب العربية، بالمعنى التاريخي، إلى مجال سياسي جديد.

بعيدا عن إزالة الشعارات أو الإبقاء عليها، نحن في مرحلة الانتقال الدموي من خيار دولة الوصاية إلى الدولة الديمقراطية. وإيران التي تراكم المكاسب "الصورية"، تعرف جيّداً أن الربيع العربي، ومجتمعاته، لا بدّ واصلٌ إلى خواتيم فيها تغييرات "هيكلية".

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إزالة الشعارت اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ إزالة الشعارت اللهو الحواريّ في لحظات الجدّ



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab