أين هي البيئة الحاضنة لـداعش

أين هي البيئة الحاضنة لـ"داعش"؟

أين هي البيئة الحاضنة لـ"داعش"؟

 السعودية اليوم -

أين هي البيئة الحاضنة لـداعش

علي الأمين

يمكن القول ان المشهد السوري دخل اكثر فأكثر في سلم الاهتمامات الدولية لاسيما بعد العمل الارهابي الذي شهدته باريس اخيرا وادى الى سقوط عدد كبير من الفرنسيين تجاوز 250 ضحية بين قتيل وجريح. الارهاب الذي يمثله تنظيم داعش يوسع دائرة استهدافاته ويطلق حملة من الانتحاريين مرجح ان تطال اكثر من دولة عربية وغربية بحسب اكثر من خبير في تنظيم داعش.

هذا التنظيم الذي يطمح الى تشكيل ما يسمى دولة الخلافة، يجد له حواضن في العديد من البيئات الاسلامية التي تنتشر في اصقاع العالم وفي الدول الغربية، لقد شكلت الساحتين السورية والعراقية منطلقا استثنائيا لقوة هذا التنظيم وانتشاره، اذ توفر له اداة للتعبئة والقدرة على جذب الانصار والمريدين من داخل العراق وعلى امتداد المجتمعات الاسلامية والسنية منها تحديداً.

ففي العراق توفر "العدو المذهبي" الشيعي الذي يسيطر بقوة النفوذ الايراني، وتوفرت مظلومية لأهل السنة في العراق بدا ان ايران تساهم في تثبيتها كما هو شائع في مواقف العديد من التيارات العراقية السنية فضلا عن الموقف الاميركي والدولي على وجه العموم. هذا الخطاب وجد صداه في البيئات السنية وشكلت سورية ايضا مساحة لتمدده ليس بالقوة العسكرية فقط، لكن بايقاع الصراع المذهبي الذي ساعد عليه تحالف النظامين الايراني والسوري في مواجهة الاكثرية السورية المعارضة لنظام الاسد ولخلفيته الطائفية.

ولقد عززت الحملات الايرانية المذهبية لاستقطاب المقاتلين الشيعة من لبنان والعراق وافغانستان وباكستان، دفاعا عن المراقد المقدسة في سورية، في نفوذ التيارات المتطرفة في البيئة السنية السورية والعراقية، وكان تنظيم داعش يزداد نفوذا وتمددا وقدرة على الاجتذاب، ومستثمرا الشعور بالمظلومية وخطاب العداء للغرب الذي يدغدغ مشاعر الكثير من الجماعات في المنطقة الاسلامية، وهذا ما يفسر قدرة هذا التنظيم على التوسع والانتشار واعلان الولايات التابعة له في اسيا وافريقيا واوروبا...

ولعل تنظيم داعش وهو ينفذ عملياته الانتحارية في فرنسا، يطمح لأن يحدث ردود فعل دولية وحالة غضب سياسي واجتماعي وشعبي ضد كل ما هو مسلم سواء في الدول الغربية او في مناطق الصراع في الشرق الاوسط، فاخذ الصراع نحو وجهة دار الحرب ودار السلام او شرق وغرب او دار الاسلام ودار الكفر، هي ليست من اختراع داعش لقد اعتمدت هذه المنهجية من عديد من التيارات الاسلامية الجهادية والسياسية السنية والشيعية خلال العقود الاربع الماضية.

المنظمات الجهادية الايرانية الاسلامية اعتمدت هذا المنهج في مواجهة الغرب و"الشيطان الأكبر" لاسيما في عقد الثمانينيات من القرن الماضي خلال حربها مع العراق وداعميه الغربيين والعرب، من خلال تفجيرات في اوروبا وفي لبنان من خلال عمليات خطف الرهائن وغيرها من تفجير المراكز الدبلوماسية العربية والغربية. اذاً هذه المنهجية الذي يعتمدها تنظيم داعش هي منهجية جرى اعتمادها وتبنيها، والخلاف بين داعش وسواها هو خلاف في الكمّ وليس في النوع او المنهجية.

تفجيرات باريس وقبلها في لبنان والطائرة الروسية في مصر، فتح الباب امام مزيد من التقارب الدولي والاقليمي في مقاربة الملف السوري، ومن خلال تبني الرؤية الروسية للحل. تركيا والسعودية لن تستطيعا التمرد على الاجماع الذي تقوده واشنطن في اولوية محاربة الارهاب والدخول في تسوية سياسية مع بشار الاسد. فاي تمرد منهما سيدرج في سياق التعاطف مع تنظيم داعش والارهاب على العموم. هذا ما سيزيد من فرص تنامي قوة هذا التنظيم وتمدده، وهو لن يقبل برفع المظلومية عن السنّة وسيسعى لتخريبها سعيا وراء تثبيت مقولته الايديولوجية نحن امة الاسلام وهم امة الكفر، وهذا ينطبق على كل اعداء تنظيم داعش سواء كانوا من المسلمين او من غير المسلمين.

منهجية التكفير هذه التي يتبناها تنظيم داعش، هي التعبير الأقصى لذهنية التكفير التي تحكم الاجتماع السياسي في دول المنطقة العربية، وهذه الذهنية التي تحول دون الوصول الى اجماعات وطنية تنتظم تحت سقف الدولة وشروطها الدستورية والقانونية وضمن نظام ديمقراطي، ويمكن القول ان تنظيم داعش يجد بيئة حاضنة ودافئة.

فالقتل هي العملة الرائجة في الشرق الأوسط، ومع عدم حسم الهوية الوطنية كهوية انتماء، واهمال خيار التحول نحو انظمة ديمقراطية تتيح فرص الارتقاء لأفراد المجتمع، وعدم الانتقال من نمط الاستهلاك القاتل الى الانتاج الاقتصادي الذي يفعل من قيمة الفرد ومن معنى الانتماء الوطني. ازاء هذا الواقع تنظيم داعش سيبقى النموذج المسيطر ولو تعددت الأسماء.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين هي البيئة الحاضنة لـداعش أين هي البيئة الحاضنة لـداعش



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab