السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي

السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي

السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي

 السعودية اليوم -

السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي

علي الأمين

تضافر عوامل داخلية واقليمية تساهم في دفع "السلفية" الى المسرح اللبناني بقوة. الاسير من عين الحلوة الى العبودية نحو تيار سلفي لبناني-فلسطيني جامع تبدي جهات دبلوماسية غربية في بيروت اهتماما بمتابعة ظاهرة آخذة في التنامي داخل الطائفة السنية، خصوصا على صعيد ما يشار اليه، اصطلاحا، بـ"ظاهرة السلفيين". وهو اهتمام بطبيعة الحال يتجاوز الدوائر الدبلوماسية هذه الى العديد من القوى السياسية اللبنانية داخل الطائفة السنية وخارجها. ومنشأ الاهتمام وتركيزه على هذه الظاهرة ينطلقان من تحولات واضحة في المزاج السني عموما يصب في هذا الاتجاه، ومن الشرخ اللبناني الداخلي الذي غالبا ما يهمّش الاعتدال السياسي على المستوى الوطني، ويغذّي ظواهر تميل نحو التطرف. وهو رصد ينطوي كذلك على قراءة تداعيات الاحداث في سورية على لبنان عموما، وفي مدى التحولات التي يحدثها على الخارطة السياسية اللبنانية وعلى العلاقات بين المكونات المذهبية والطائفية. لم يخفِ الشيخ احمد الاسير طموحه في ان يؤسس اطارا لبنانيا يضم القوى الاسلامية. تلك التي يمكن وصفها بحديثة النشأة سياسيا. وبعض المتابعين تحدث عن اطار يجمع المجموعات السلفية في لبنان من لبنانيين وفلسطينيين. علما ان الاسير نفى اكثر من مرة ان يكون سلفيا او على رأس حركة سلفية. وفي خطوة تشي بمثل هذا الطموح زار السبت مخيم عين الحلوة وتم استقباله بحفاوة من قبل "عصبة الانصار" ومن ثم "الحركة الاسلامية المجاهدة" بقيادة الشيخ جمال خطاب. كما حرص الاسير ان يكون في استقبال جثامين مقتلة تلكلخ الذين جرى تسليم الدفعة الثانية منهم امس من معبر العبودية شمالا. ولا يمكن النظر الى هذه الظاهرة السلفية السياسية في لبنان من دون الاطلالة على اخواتها عربيا. ففي الخارطة الاسلامية العربية اليوم برز تيار ديني سياسي ومنافس للتيار الاسلامي السياسي الذي تمثله حركة "الاخوان المسلمين". هذا التيار المنتشر اثبت حضوره وتأثيره في مصر وتونس وغيرها من الدول. وهو تيار نما في الأصل تحت عيون وانظار الانظمة السياسية وبرعايتها في كثير من الاحيان، ولم يكن لديه اي اهتمام بتغيير تلك الانظمة سواء في مصر او تونس او اليمن وحتى سورية، ولا هو اصطدم بها، بل أدى دورًا في حمايتها واضفاء الشرعية الدينية عليها، اللهم الا من انخرط منهم في تنظيم "القاعدة" داخل تلك الدول. وهو ايضا تيار توافرت له حماية وامكانيات مالية ضخمة وفرتها بعض دول الخليج، خصوصا المملكة العربية السعودية بشكل رسمي وغير رسمي طيلة العقود الماضية، بحيث تأسست في هذا المناخ شبكة دينية بنت وسيطرت على العديد من المساجد، وبنت مؤسسات اجتماعية واغاثية، اتاحت لها الحضور والنفوذ والاستقطاب. في لبنان لم يحظَ التيار السلفي باهتمام ومتابعة كما هي الحال اليوم. ربما شكل نفوذ الرئيس رفيق الحريري و"تيار المستقبل" وعلاقاتهما الخليجية المتينة كابحا لنموه، فيما برزت هذه التيارات في بعض المحطات بإيعاز سوري وفي وجه الحريري وضدّه. ونشط بعضها على خط لبنان سورية العراق قبل العام 2005 وبدرجة اقل، وبإشراف سوري. لكن هذا التيار اليوم امام تضافر عوامل داخلية واقليمية تساهم في دفعه الى المسرح السياسي بقوة. فهذه المرة يغرف من باب المواجهة التي تتخذ بعدا مذهبيا في المنطقة، ويتنفس من مقولة اختلال التوازن السياسي والمذهبي في سورية ولبنان ضد السنّة. وهي مقولة من الثابت انها تجد لها صدى واسعا وتوفر استقطابا واهتماما في الاوساط الشعبية السنية. فرموز هذا التيار،  يتقاطعون سياسيا على محاربة النظام السوري اليوم، ويشكل انتقاد حزب الله وايران  المشترك  في خطابهم السياسي والديني. على ان ما يحول دون تجمع القوى السلفية في اطار سياسي واحد يحيله المتابعون إلى ظروف نشأة هذه الحركات وطبائع رموزها اللبنانيين. فهم لا يقبلون بأن يتقدم واحد منها لتزعم البقية، فضلا عن ان علاقات هذه المجموعات ليست مقتصرة على مرجعية واحدة. منها ما هو مرتبط بالرياض او الدوحة، او بنى علاقات خارج العنوان السياسي مع جهات كويتية واماراتية وغيرها. ويدرك هؤلاء عموما ان تلبية طموح الشيخ الاسير اليوم فيه محاذير تحول السلفيين عموما في لبنان هدفا لبعض الدول الغربية التي تتعامل بحذر مع هذه التيارات انطلاقا من مخاوف انزياحها نحو تنظيم القاعدة. الى هذه المحاذير ثمة أخرى تبرز لدى السلفيين الفلسطينيين الذين، وان يتضامنون مع مواقف الاسير وحركته الى حد كبير، إلا أنهم لا يزالون حذرين من خطوة غير محسوبة تدخلهم في نزاع لبناني، ومع حزب الله تحديدا. في الخلاصة، وأمام طموح الشيخ الاسير بتوحيد السلفيين، وسعيه للدمج بين سلفيي المخيمات واللبنانيين، هناك مشكلة الشرخ الفلسطيني الآخذ في التعمّق مع النظام السوري، وهو ما زادته احداث مخيم اليرموك السوري، وفرار احمد جبريل منه بعد سيطرة المعارضة السورية عليه بدعم فلسطيني.ثانيا هناك استمرار ايران وحزب الله بالوقوف الى جانب الرئيس بشار الاسد رغم سيل الدماء المرشح الى التزايد في الاشهر المقبلة. هذان العاملان يشكلان وقود تبلور تيار سلفي فاعل ومنتشر في بيئة سنية سياسية ليست مقتنعة بأن هذا التيار يمثل تطلعاتها كلّها، لكنّ كلّ ما يحيط بها لا يجعلها تقف في وجهه اليوم، موقفا سيجعلها في الاشهر الآتية عاجزة عن ضبط انجرارها نحوه، أي التيار السلفي، هذا إن أرادت. نقلاً عن جريدة "البلد"

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي السفينة السلفية أمام المدّ المذهبي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab