لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة

لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة!

لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة!

 السعودية اليوم -

لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة

طلال سلمان

يعيش اللبنانيون هاجس المصير وهم يتأملون أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يتملكهم الخوف على مستقبل أبنائهم في هذا الوطن الصغير والبلا دولة... حتى إذا ما نظروا إلى محيطهم، بالأقرب من دوله إلى الأبعد، انتبهوا إلى انهم الأقل بؤساً من معظم أهل هذا المشرق ومعهم بعض أهل المغرب.

تمتلئ الإعلانات عن مهرجانات الصيف في مختلف المدن، قديمها والمستحدث، بالمطربات والمطربين العرب والأجانب والفرق الموسيقية عالمية الشهرة، شاشات التلفزة وصفحات الصحف وجدران الأبنية ذات الموقع «الاستراتيجي»، ويتنافس المغنون على دفع الجمهور إلى حلبة الدبكة بأغنيات مرتجلة بكلماتها وألحانها المستهلكة.

يدفع المواطن الصالح كلفة الكهرباء مرتين على الأقل، والمياه ثلاث مرات، يومياً، وأقساط المدارس الخاصة التي معظم معلميها من ملاك التعليم الرسمي، مع ارتفاعها السنوي المقرر (من دون ان يحصل أبناؤه على الشهادة الرسمية)...
موقع الرئاسة الأولى شاغر. لكنها ليست المرة الأولى، وقد اعتاد أحفاد الفينيقيين على التعايش مع الشغور في مؤسسات الحكم، فكلهم رئيس وكلهم مسؤول عن رعيته!

مجلس النواب مقفل، ولا عذر في إقفاله إلا هرب النواب من مسؤوليتهم في التشريع لتمكين الدولة من إثبات حضورها والحكومة من إنجاز مهمتها في تأمين مصالح الرعايا...

أما مجلس الوزراء فيسير بخطى أضعفهم، مدركاً انه لن يستطيع تعويض «الرئيس» المغيب حتى تقرر اسمه «الدول»، ولا هو سينجح في تأمين انعقاد المجلس النيابي للتشريع، لأن المجلس في إجازة مفتوحة من مسؤوليته بل واجبه.
ولبنان جميعاً في عهدة الجيش والقوى الأمنية. أما الرواتب والمخصصات اللازمة لشراء السلاح والتجهيزات الضرورية فتنتظر الهبات الملكية، وعقود التسليح التي يتعطل تنفيذها في انتظار التفاهم على العمولة، في العواصم البعيدة ودائماً عبر بيروت وفيها.

في هذا الوقت، تستمر «العصابات المسلحة» في احتجاز أكثر من ثلاثين رتيباً وجندياً في جرود عرسال... ولا يملك أهاليهم إلا الدعاء والصبر انتظاراً لفرج عليه ان يعبر عاصمتين وربما أكثر في البعيد، قبل الوصول إلى الخاتمة السعيدة في تاريخ غير معلوم.

مع ذلك كله، وبالرغم من ذلك كله، فاللبنانيون أسعد حالاً من معظم أهلهم، سواء في الجوار (سوريا والعراق وضمناً الأردن) أو في البعيد كاليمن أو ليبيا المتفجرة التي تهدد شظايا حروبها الأهلية كلاً من مصر وتونس والجزائر والعديد من دول الجوار الأفريقي.

لقد اعتادوا العيش بلا دولة... لكن إخوانهم من السوريين والعراقيين وسائر العرب المصدعة دولهم بالخلافات والعصابات المسلحة بعنوان «داعش»، لم يألفوا الحياة إلا تحت سلطان الدولة وبمالها وإنتاج أرضها ودخل الصناعة فيها.

... وها ان بعض فوائد العيش بلا دولة تتجلى عبر تجاوز النازحين من سوريا المليون من الرجال والنساء والأولاد والأطفال الذين توزعوا على مختلف أرجاء لبنان من دون ان يختل كيانه الأبدي ـ السرمدي، ومن دون ان تحفز هذه الكارثة القومية، التي يرى البعض فيها تهديداً للاستقرار، المسؤولين فيه على الذهاب إلى مجلس النواب وانجاز المهمات المعلقة بدءاً بالسلسلة التي تطوق الدولة بمؤسساتها جميعاً والمواطنين في مستقبل أبنائهم، وانتهاء بالقوانين والتشريعات الضرورية وأخطرها الموازنة... ولو كانت «الرشوة» المطلوبة التمديد ـ مرة ثانية ـ للمجلس العاطل عن العمل، مع ان النواب يتخذون من مبناه إطاراً لمقابلاتهم ومداخلاتهم التلفزيونية التي يرون فيها تعويضاً عن غيابهم عن مهماتهم الأصلية.

الخوف من ان تنتشر العدوى اللبنانية في دنيا العرب، حيث يتهدد دولَهم خطرُ «دولة العراق والشام الإسلامية» الذي تجتاح جيوشه الكرارة الأقاليم النفطية خاصة، لأسباب مفهومة، وتعمل تقتيلاً وتشريداً بالأقليات التي تشكل أصول أهل البلاد والشهود على تاريخ هذه المنطقة بالانجازات الباهرة فيها وأخطاء حكامها التي ذهبت بذلك التاريخ المضيء...

لكن اللبنانيين عباقرة في التعامل مع مثل هذا التنظيم الإرهابي... وبالتأكيد فإن بعضاً من هؤلاء بصدد إقامة «علاقات عمل» مع هؤلاء «المجاهدين» الذين يدفعون نقداً ثمن الخدمات التي يحتاجونها. فكل لبناني يمكنه ان يمثل أكثر من دولة، وأكثر من شركة لتوريد السلاح مقابل النفط المنهوب... مع استعداد دائم لتسويق الاعتراف بهذه «الدولة الإسلامية» الوليدة التي خلخلت الكيانات جميعاً ما عدا وطن الأرز الذي تحول أهله وبعض أركان دولته إلى كتائب نجدة جاهزة للاندفاع إلى أي موقع خطر لإنقاذ الناس فيه من كل ما يهددهم في أمنهم ورفاه حياتهم وحتى من أنفسهم.

أما الخوف على المصير فأغنية فولكلورية نظمت خصيصا للدبكة في مهرجانات الصيف التي تؤكد «عالمية» هذا الوطن الصغير.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة لبنان البلا دولة يعيش صيفه بإيقاع الدبكة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab