عن الإسلام السياسي ونموذج أبي هادي

عن الإسلام السياسي ونموذج "أبي هادي"..

عن الإسلام السياسي ونموذج "أبي هادي"..

 السعودية اليوم -

عن الإسلام السياسي ونموذج أبي هادي

طلال سلمان

لم يحصد المسلمون، عرباً وشعوباً أخرى، منتشرة في انحاء آسيا وأفريقيا، أساساً، مع أقليات في معظم جهات أوروبا والأميركيتين، من تنظيمات «الإسلام السياسي» ممثلاً بـ «القاعدة» و «داعش» و «النصرة» ومشتقاتها، الا الأذى والتشهير بالدين الحنيف الذي تقدمه هذه التنظيمات بلسان «خلفائها» وكأنه تنظيم دولي هدفه القتل الجماعي و «حفلات» الإعدام بحز الرقاب امام الكاميرات.
صار للمسلمين صورة السفاحين، ابطال القتل الجماعي، أعداء الإبداع الأدبي والفني (حتى لا ننسى مذبحة شارلي إيبدو في باريس)، محتقري المرأة، النخاسين، مدربي الأطفال على الذبح وإزهاق الأرواح بذريعة «هداية الكفار» و «تأديب الضالين».
ولأن أمثال هؤلاء «الإسلاميين» لا يعترفون بالأوطان بل يعتبرون الوطنية خروجاً على الدين والقومية رجساً من عمل الشيطان، فقد صاروا ـــ موضوعياً ـــ حلفاء لإسرائيل بالذات وسائر قوى الاحتلال والهيمنة الأجنبية لا فرق بين الامبريالية الأميركية وأصناف الاستعمار كافة، قديمه والجديد.
ربما لهذا، ضمن أسباب كثيرة أخرى، فشلت التنظيمات الإسلامية بعنوان «الإخوان» في الوصول إلى السلطة، حتى حيث كان لها شيء من الشعبية (ربما نتيجة اضطهادها سياسياً)، وحينما وفرت لها المقادير الفرصة لتسنم السلطة أضاعتها بسرعة قياسية (نموذج تونس ثم مصر)، لأسباب عديدة أولها وأخطرها النزعة إلى الاستئثار بالحكم، مع أن الناس جميعاً يعرفون أنها لا تملك رؤية محددة للدولة ولا برنامجاً واضحاً وملبياً لاحتياجات الناس إذا ما آلت إليها مقادير السلطة.
في هذا المجال تحديداً يقدم «حزب الله» نموذجاً فريداً في بابه، فهو قد اقتحم مجال العمل العام عبر جهاده ضد الاحتلال الإسرائيلي للأرض اللبنانية، مقدماً مجاميع من الشهداء، مكتسباً المزيد من الخبرات في الميدان مطوراً أساليب المواجهة بالعلم والكفاءة القتالية، بغير استهانة بقوة العدو التي جعلته متفوقاً بالسلاح والخبرة والدعم الدولي المفتوح.
لقد قدم «حزب الله» في جهاده الوطني (حتى وشعاره إسلامي، وحب الوطن من الإيمان لمن نسي) الشهداء بالمئات، وراكم خبرات مقاتليه مقتحماً مجال العلوم الحديثة، محترماً قدرات عدوه وتجاربه، حريصاً على اكتساب تعاطف الناس ودعمهم، مراعياً موجبات الدولة (وإن كانت أضعف من أن تخوض معركة التحرير) متفهماً مواقف القوى السياسية التي استخصمته وشهرت به وحاولت أن تستعدي عليه السلطة بذريعة أنه خارج عليها.
تحاشى «حزب الله» الصدام مع مخاصميه، ودأب على تكرار المحاولة لمحاروتهم واكتساب تفهمهم، وإن حجبوا عنه تأييدهم وحاولوا ـــ في البداية ـــ التقليل من خطورة الإنجاز الذي ستحققه كفاءة مجاهديه وصدق إيمانهم وتواضعهم الجم، وكل ذلك يتجلى في قيادته، مجسدة، في الشخصية الآسرة لأمينه العام السيد حسن نصرالله، الذي قدم النموذج الفذ للقائد المنتصر، والذي أضاف إليه استشهاد نجله «هادي» ألقاً مؤكِّداً تفوقه على ذاته بتقديم «القضية المقدسة» التي التزمها على عواطفه كأب،
أمس، ولأول مرة، يعترف السيد حسن نصرالله (أبو هادي) في تكريم شهداء القنيطرة بأنه بكى بِكْرَهُ، حين جاءه نبأ استشهاده، وبعيداً عن الناس والكاميرات وتوظيف دم الشهيد لاستدرار العطف أو التعاطف، وإن كان الناس قد عوضوه بصادق عواطفهم ما لم يمنحوه لأي قائد عرفوه أو سمعوا عنه قبله.
حب الوطن من الإيمان. والجهاد في الدين جهاد من أجل كرامة الإنسان وحقه في وطن حر، سيد، يحفظ له كرامته الإنسانية ويعوضه جهده وعرق الجبين.
و»حزب الله» يقدم نموذجاً فذاً لتنظيم سياسي شعاره الإسلام، ولكنه يعمل من أجل حرية الوطن وسيادة دولته، وليس من أجل القفز إلى السلطة، ولا يغادر قائده، وهو أبرز زعيم شعبي في دنيا العرب، عواطفه الإنسانية حتى وهو منهمك في قيادة حرب مفتوحة ومنتصرة ضد عدو الوطن والأمة والدين جميعاً: إسرائيل.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الإسلام السياسي ونموذج أبي هادي عن الإسلام السياسي ونموذج أبي هادي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab