سايكس ـ بيكو جواً ونظام «الزبالة» أرضاً

سايكس ـ بيكو جواً.. ونظام «الزبالة» أرضاً!

سايكس ـ بيكو جواً.. ونظام «الزبالة» أرضاً!

 السعودية اليوم -

سايكس ـ بيكو جواً ونظام «الزبالة» أرضاً

طلال سلمان

هي مصادفة قدرية لكن القراءة السياسية لها توحي وكأن التأريخ يعيد نفسه في منطقتنا العربية، بمشرقها خاصة، الذي تم انكار هويته الاصلية عبر تسميته الجغرافية ـ قياسا للغرب ـ: الشرق الأوسط.
ففي الذكرى المئوية لاتفاق سايكس ـ بيكو بين البريطانيين والفرنسيين، عشية انتصارهم على الأتراك (والالمان) في الحرب العالمية الأولى، تم تقاسم المشرق العربي بينهما مع ابتداع دول وكيانات سياسية فيه تتجاوز منطق التاريخ والجغرافيا لتخدم مصالح الدولتين الاستعماريتين اللتين «ورثتا» بعض «أملاك» السلطنة العثمانية... ويتبدى اليوم وكأننا امام تكرار منقح ومعدل لذلك المشروع.
...وها هو هذا المشرق يعيش، منذ سنة وحتى اليوم، نوعاً من تقاسم اجوائه بين الدول الكبرى، الولايات المتحدة الأميركية ومعها حليفاتها بريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا وصولاً إلى اوستراليا... اذ فتحت حكومة العراق أجواء أرض الرافدين ـ وصولاً إلى السماء السورية ـ للأساطيل الجوية الحربية لهذه الدول متعددة الراية موحدة الهدف المعلن: الحرب على «داعش»..
ثم جاء الطيران الحربي الروسي، مؤخراً، بطلب من دمشق ليحلق في السماء السورية من ادناها عند البحر المتوسط في اللاذقية وطرطوس وبانياس إلى أقصاها عند الحدود التركية شمالاً والحدود العراقية شرقاً...
أما في الطرف الآخر لهذا المشرق، عند اليمن، فالأسطول الجوي السعودي قد ظهر، فجأة، جاهزاً وقادراً على التدمير، ومعه ما تيسر من الطيران الحربي لبعض دول الخليج العربي... وهكذا انطلقت الطائرات جميعاً، بالتناوب، في غاراتها التدميرية على المدن والقرى اليمنية ذات التاريخ الحضاري العريق، منذ ثمانية شهور وحتى اليوم، من دون انقطاع.
طبعاً ليس الروس في موقع الغرب الامبريالي، ولا هم جاؤوا ليحتلوا هذه البلاد، بل لقد جاؤوا بناء على طلب القيادة السورية وحددوا إطار مهمتهم زمنياً وجغرافيا: فهم يحتاجون ستة شهور لتدمير البنية التحتية لـ «داعش» و «جبهة النصرة»، آملين ان يؤدي ذلك إلى نوع من التفاهم حول سلطة الغد في سوريا بين الحكم القائم وبعض المنظمات المعارضة، وفي طليعتها «الجيش الحر»، فتعود الطائرات الروسية الحربية إلى مطاراتها في بلادها، مع الشكر والتقدير، ويكون على السوريين ان يتواصلوا لصياغة الحل السياسي.
هذا يعني ان معظم الدول المؤثرة في العالم تتقاسم سماءنا ومياهنا و «نفطنا» وبعض أرضنا.
ولكي تتحاشى الدول الغربية التصادم بين طائراتها فقد أنشأت «لجان تنسيق» مهمتها ابتداع نظام يشبه «إشارات السير» لتنظيم مرور القاذفات.. كما أنشأت غرفة عمليات حتى لا تتصادم في سماء العراق طائرات حربية تابعة لعشر دول غربية، او تتصادم هذه مع «السوخوي» الروسية التي تغطي سماء سوريا.
لقد اندفعت المملكة المذهبة إلى الحرب على اليمن من دون مبررات مقبولة، مدمرة المدن ومعالم الحضارة وبيوت الفقراء المتناثرة في الجبال الجرداء.. وكانت الذريعة انها تقاتل إيران حتى لا تتخذ من اليمن قاعدة للحرب على أهل النفط.
يجري كل ذلك «فوق» اما «تحت» فيهرب الرجال بعائلاتهم من مكان إلى آخر مراعين ألا يدخلوا ـ بالخطأ ـ منطقة تسود فيها طائفة غير طائفتهم...
يتواصل عقد اللقاءات السياسية، رباعية وثلاثية وثنائية، ويتم تبادل الرسائل الكترونيا، وينكشف تواطؤ دول عربية، اساسا على سوريا وبعدها على اليمن، وتطلق الكوفيات الحمراء تصريحات عنترية ضد «التدخل الروسي» في سوريا، وقد تناسى أصحابها حربهم، بالتواطؤ مع الاميركيين وطائراتهم المن دون طيار، وكذلك مع «القاعدة» على شعب اليمن، مع محاولة تبريرها بذرائع مذهبية.
في الذكرى المئوية الأولى لاتفاق سايكس ـ بيكو، ها هي البلاد العربية، أرضا وفضاء وبحاراً، مفتوحة للتدخل الأجنبي بالطلب، او بدافع المصالح المشتركة، تتبدى كأرض مشاع لا تملك قرارها لافتقارها إلى قيادات تاريخية تقدم مصلحة الأمة على مصالح «الامراء ـ القادة» من الهواة الذين يطمحون إلى لعب أدوار تاريخية، ولو بدماء «رعاياهم» فضلاً عن دماء الشعوب الأخرى.
وحده لبنان متروك، ربما ليكون جائزة المنتصر في هذا الصراع المصيري...
لكن أهل الطبقة السياسية فيه يواصلون لعبتهم الخطرة، مطمئنين إلى ان هذا النظام الذي اثبت انه الأقوى بين مجموع الأنظمة العربية، ملكية وجمهورية، نفطية وغازية وبين بين، لن يتأثر بكل ما يجري الآن وسوف يجري غداً من حوله.. لأنه نقطة تقاطع عظمى بين مصالح الدول جميعاً، غربا وشرقا، عربا واتراكا (من دون اغفال العدو الإسرائيلي)... وبالتالي فمعهم فائض من الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية ان لم يكن هذا العام ففي عام مقبل، أي عام، و«بعث» المجلس النيابي من غيبوبته وانعاش الحكومة التي دخلت في «الكوما»، وتحتاج إلى معجزة لعقد مجلس الوزراء ولو مرة واحدة... قبل إشهار افلاس الدولة او غرقها في النفايات!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سايكس ـ بيكو جواً ونظام «الزبالة» أرضاً سايكس ـ بيكو جواً ونظام «الزبالة» أرضاً



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab