عرسال الضحية مرتين

عرسال: الضحية مرتين!

عرسال: الضحية مرتين!

 السعودية اليوم -

عرسال الضحية مرتين

طلال سلمان

أبسط شروط إنقاذ عرسال هو الموقف الوطني الجامع والذي يتعامل مع هذه البلدة ذات التاريخ الوطني المميز على أنها الوطن مصغراً وقد وقع تحت احتلال عصابات إرهابية تكاد تكون أقوى من «جيش» بسبب من اتخاذها الأهل فيها كرهائن..

أما سحب الخلافات السياسية بين القوى والأطراف متباينة المواقف إلى حد الخصومة إلى عرسال واتخاذها منصة لتأجيج هذه الخلافات ودفعها إلى الأتون الطائفي والمذهبي فلن يكون إلا خدمة مجانية للإرهابيين الذين يحاصرون أهلنا في عرسال، ويحاولون ـ بدورهم ـ الاتكاء على المذهبية لتبرير إرهابهم الذي يؤكد «مذهبيته» بإعلان ولائهم لتنظيم «القاعدة» بقيادة الظواهري.

ويفترض أن تشكل المقابلة ـ الفضيحة التي نظمتها قناة «الجزيرة» لقائد «جبهة النصرة» أبي محمد الجولاني وثيقة دامغة ضد هذا التنظيم الإرهابي الذي يتخذ ـ بالشراكة مع تنظيم «داعش» ـ من عرسال رهينة لابتزاز لبنان بخطر الفتنة.

إن هذه المقابلة المرتبة بدقة فائقة، شملت إضافة إلى محاور «الحوار» الذي حاول القيمون على قناة «الجزيرة» تبريره بمقولة «الرأي والرأي الآخر»، تقديم قائد هذا التنظيم الإرهابي «كبطل وطني» في سوريا، وكداعية للتحرر والتحرير والديموقراطية في ظل «الإسلام الصحيح»... وهو «الإسلام» الذي شهدنا وسوف نشهد المزيد من «إنجازاته» في سوريا، سواء تحت راية «النصرة» أو تحت راية «الخلافة الإسلامية» التي يعمل لإرساء قواعدها «شقيقه» «داعش» في بلاد العراق والشام بالجثث والدماء والسبايا وتدمير معالم الحضارة وشطب الدور التاريخي لشعوب هذه الأرض في إنجاز ركائز التقدم الإنساني، فكراً وثقافة وفنوناً تشكيلية قبل ألفي عام أو يزيد متصدرين الريادة بالإبداع.

وحرام أن يزج بعرسال، بكل تاريخها الوطني ـ القومي ـ التقدمي، في بازار طائفي يسيء إلى كرامة أهلها المحاصرين، بقدر ما يسيء إلى كرامة أهلها في جوارها ومن حولها، والذين يعيشون آلام الحصار ومهانة العجز عن إنقاذها، والأخطر محاولة الإيقاع بينهم وبين أهلهم فيها، وكأن أهالي رأس بعلبك والفاكهة والقاع والهرمل واليمونة ويونين وبريتال والنبي شيت، قد تحولوا ـ فجأة ـ إلى أعداء يتحيّنون الفرصة للهجوم على عرسال وتدميرها.. حجراً حجراً، حتى لا ننسى الحجر العرسالي الذي غمرت شهرته الآفاق في القريب والبعيد عنها.

ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل فهم هذه المعادلة المقلوبة التي يُراد فرضها على اللبنانيين والتي تحاول تصوير مصادر الخطر على عرسال من أهلها في محيطها وليس من العصابات المسلحة التي تتخذها رهينة، وتنتشر في الجرود فوقها ومن حولها مهددة بذلك المحيط جميعاً بالخطر مضاعفاً (إذا ما تنبهنا إلى استخدام عصابات الإرهاب المسألة المذهبية كسلاح مسموم في حربها المفتوحة ضد أتباع المذاهب الإسلامية جميعاً وكذلك ضد المسيحيين بطوائفهم المختلفة).

الخطر على عرسال خطر على الوطن بشعبه ودولته جميعاً،
والوضع المأساوي الذي تعيشه عرسال ومحيطها أقسى وأمرّ من أن يعالج بالمزايدات وبإثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وبمحاولة الإساءة لدور الجيش الذي ينفذ قرار الدولة ولا يتصرف بدوافع الانتقام.. (هل نسينا أن كثرة من أبناء عرسال قد أعطوا وما زالوا يعطون زهرة شبابهم لهذا الجيش وأن العديد منهم قد استشهد على أيدي عصابات الاتجار بالدين في مناطق شتى من هذا الوطن الصغير، أولاها مخيم نهر البارد وليس آخرها عصيان الأسير في صيدا وبينهما في الاشتباكات بين جبل محسن والتبانة وأحياء أخرى في طرابلس، فضلاً عن مطاردة الخارجين على القانون في بريتال ومحيطها والصدامات الدموية مع بعض عشائر بعلبك ـ الهرمل..).

أبسط شروط الانتصار على الإرهاب وحدة ضحاياه ووقوفهم صفاً واحداً إلى جانب دولتهم وجيشهم وهو يدفع عنهم هذا الخطر المصيري.. لا سيما أن مصدر هذا الإرهاب سرعان ما يجهّله ضحاياه المحتملون بلسان قياداتهم السياسية ذات الغرض، والتي كثيراً ما تبني زعاماتها بجراح «رعاياها» من المواطنين الذين يحبون الحياة ويحبون أرضهم وأهلها جميعاً.

إن تصوير عرسال كقضية طائفية أو مذهبية إساءة بالغة وإهانة جارحة لأهلها.. وليس بتجارة الفتنة تُبنى الزعامات السياسية في وطن الأرز!

وها إن عرسال ضحية مرتين، والمرة الثانية «لبنانية صرف»!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرسال الضحية مرتين عرسال الضحية مرتين



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab