حكومة التحوّلات العربية

حكومة التحوّلات العربية

حكومة التحوّلات العربية

 السعودية اليوم -

حكومة التحوّلات العربية

طلال سلمان

مع الترحيب، لبنانياً، بضم تمام سلام إلى نادي رؤساء الحكومات، بعد «اضطهاد» أو ـ أقله ـ استبعاد طال أمده وإن غمضت أسبابه، فمن الضروري قراءة هذا الحدث من خلال موقعه في مسار التطورات التي تزلزل المشرق العربي جميعاً، وأخطرها ما يحصل في سوريا وما يدبّر لمستقبلها، بغير أن ننسى العراق وجرحه النازف فضلاً عن الأحداث المقلقة في مصر تحت حكم الإخوان. وليس سراً أن الكثير من القرارات المتصلة بأمن المنطقة، بممالكها وجمهورياتها وإماراتها والمشيخات، تتخذ بقدر من التنسيق بين «الخصوم» في المعسكرات المختلفة، أو عبر الإبلاغ المسبق بمضمونها، أو أقله عبر الإيحاء باتجاه الريح. وكان طبيعياً أن تنعكس التطورات التي شهدتها وما تزال تشهدها المنطقة على امتداد السنتين الأخيرتين، وتحديداً منذ أن تفجّرت سوريا بأزمتها الدموية، على الوضع السياسي في لبنان خصوصاً أنه وليد توازنات تتبدى الآن وكأنها من زمن مضى، وهي لم تعد مناسبة، بالتالي، لليوم، أو خاصة للغد الذي يجري «تصنيعه» في «دول القرار» للمنطقة جميعاً. فسوريا اليوم هي غير سوريا قبل عامين، وقد انتقلت من الشريك الأساسي في القرار حول لبنان إلى «الضيف الثقيل»، بل ربما إلى مصدر الخطر على كيانه السياسي وليس فقط على نظامه ولعبة التوازنات بين «أقطابه» و«أحزابه» ومواقع الرئاسة وطبيعة أدوار الحكومات. الأسئلة، الآن، تتجاوز الدور والموقع إلى طبيعة النظام الذي استطاع أن يصمد للعواصف والحروب لأكثر من أربعة عقود... فسوريا اليوم هي غير سوريا قبل عامين، بل لكأنها قد فقدت مكانها ومكانتها كشريك في القرار في الشؤون العربية عموماً، وانطلاقاً من دورها في لبنان، وصارت الأسئلة تتركز على مصيرها في ضوء تطورات الصراع الدموي المخيف بين نظامها الشرس وبين معارضيه الكثر متعددي الانتماءات والهويات. ولا أحد يعرف، على وجه اليقين، ماذا ستنتج الحرب المفتوحة فيها وعليها والتي تملأ أرضها بدماء أبنائها ومعهم أشتات «المجاهدين» و«المرتزقة» الوافدين لتصحيح «الخطأ التاريخي الذي ارتكب قبل أربعين عاماً أو يزيد، وعبر التساهل في هوية حاكم سوريا»... على حد ما يقول بعض أمراء التحليل السياسي وشيوخه المفوهين. ثم أن العراق اليوم هو غير العراق الذي كان: تمزقه الصراعات السياسية التي يسهل إضفاء الطابع العرقي عليها وصولاً إلى توكيد الطابع الطائفي: «بغداد للعباسيين كما دمشق للأمويين، والعاصمتان لورثة هؤلاء وليس لأي وافد طارئ»، حسب التحليل السائد ذاته... و«يجب أن يكون النظام القائم في بغداد التالي، بعد النظام في دمشق، على قائمة الإسقاط، واستعادة بروسيا العرب». كذلك فمصر مثقلة بهمومها، وأخطرها اختطاف انتفاضة الميدان وسيطرة الإخوان المسلمين على السلطة، بكل ما نجم وسوف ينجم عن هذا الاختطاف منذراً بدخول أعرق دولة في العالم، وأكبر دولة عربية وأخطرها نفوذاً، في الأصل، دوامة الاضطراب السياسي الذي يلغي دورها في محيطها العربي، وهي التي كانت «الضامن» لغيرها عبر نموذجها الفذ لوحدتها الوطنية والتطهّر من آثام الطائفية والمذهبية. أما دول الخليج، بزعامة السعودية، فقد استعادت موقع القيادة، عربياً، بتزكية دولية واسعة، لا سيما أنها تشكل رأس الحربة في محاصرة إيران ومطاردتها لإخراجها من مواقع نفوذها في المنطقة العربية وأفريقيا... وها هي «قطر العظمى»، كما يطلق عليها الأمير سعود الفيصل، تتصدّر الحملة على النظام السوري، في حين تواصل السعودية محاصرة العراق، وتنأى الجزائر بنفسها عن صراعات المشرق متخوّفة من عودة «الإسلاميين» إلى العبث بأمنها كما في بداية التسعينيات. على هذا يمكن القول إنك تستطيع، في هذه اللحظة بالذات، أن تقرأ ما يُراد للبنان أن يكونه في المستقبل القريب، بافتراض أن مرحلة كاملة من حياته السياسية قد انتهت لتبدأ مرحلة جديدة، برموز مختلفة وتوجهات مختلفة عما كان سائداً بقوة الأمر الواقع الذي يعيده البعض إلى ماضي النفوذ السوري، أو يمده آخرون إلى بروز «حزب الله» كقوة أساسية في البلاد بعد نجاحه الباهر في التصدي للاحتلال الإسرائيلي وإجلائه في أيار 2000 ثم بمقاومته الباسلة للحرب الإسرائيلية في تموز 2006 حتى إجلاء العدو عن الأرض اللبنانية. من هنا يمكن اعتبار رئيس الحكومة العتيد تمام سلام بمثابة «فدائي» تقدم حيث لم يجرؤ الآخرون، وتصدى لمهمة لن تكون سهلة، وهو يحتاج فيها تأييداً أكيداً وثابتاً وواسعاً، حتى لا يترافق وصوله إلى سدة الرئاسة الثالثة مع افتراضه طرفاً في الصراع المحلي الذي اتخذ في لحظات أبعاداً طائفية ومذهبية لطالما كان منزل صائب سلام بعيداً عنه، خصوصاً أن مناخه الطبيعي يختلط فيه ياسمين دمشق مع شميم برتقال فلسطين فضلاً عن هواء لبنان العليل. نقلاً عن جريدة "السفير"

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة التحوّلات العربية حكومة التحوّلات العربية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab