ماذا فعلتَ في سورية

ماذا فعلتَ في سورية ؟

ماذا فعلتَ في سورية ؟

 السعودية اليوم -

ماذا فعلتَ في سورية

غسان شربل

في قمة العشرين في بريزبن جلس القيصر مجروحاً. انقضى زمن القبل والعناقات الحارة وتوزيع شهادات حسن السلوك. تغيّر موقع الرجل، وتغيّرت صورته. استقبله الزعماء الغربيون بالشكوك. أجلسوه في موقع المتهم. ولولا اللياقات الديبلوماسية لقالوا له: انظر دم الأوكرانيين على أصابعك. ولدى هؤلاء دم الأوكرانيين شيء ودم السوريين شيء آخر، وهو معني بالوليمتين.

كان موقفه صعباً. لم يعد باستطاعته التنديد بالتفرد الأميركي، وإلقاء اللوم على القيادة الأحادية للعالم، والتذكير بما ارتكبه الأميركيون في العراق، وما فعله «الأطلسي» في ليبيا. لم يعد بريئاً. صار متهماً. يعرف قسوة ما يقال عنه، وأن سلوكه أعاد إطلاق سموم الحرب الباردة، وأن سياسته تتسم بالشراهة والبلطجة، وأن هاجسه ترهيب الدول المحيطة بروسيا، وأنه يستخدم سلاح النفط والغاز وزعزعة الاستقرار لتركيعها. ويهدد القارة العجوز بسلاح الصقيع.

لم يكن الجو مواتياً في القمة. ثم أن الأرقام لا تكذب. العقوبات الغربية أوجعت الاقتصاد الروسي. الروبل يتقلص أمام الدولار، وانخفاض سعر النفط ليس خبراً ساراً. غادر القيصر قبل اختتام القمة. تذرّع بحاجته إلى النوم. أغلب الظن أنه يحتاج إلى مراجعة السياسة الثأرية التي يقودها «الرفيق» سيرغي لافروف.

المشكلة ليست فقط في أوكرانيا. إذا نظر إلى الشرق الأوسط لن يشعر بالارتياح. هذا هو المشهد في العراق وسورية. طائرة أميركية في الجو والجنرال قاسم سليماني على الأرض. يزرع لافروف فيحصد سليماني. ليس بسيطاً أن يستجير العراقيون بسلاح الجو الأميركي، أي بالمحتل السابق الذي احتفلوا سابقاً بخروجه. وليس بسيطاً أن تصبح الأجواء السورية في عهدة الطائرات الأميركية.

المشكلة ليست فقط في أوكرانيا. ماذا لو توصّل الأميركيون والإيرانيون إلى اتفاق؟ ماذا لو فتح الباب لتكون إيران الشريك الأكبر لـ «الشيطان الأكبر» في هذا الجزء من العالم، حيث كانت لروسيا تحالفات ومعاهدات واتفاقات؟ ومَنْ هو المنافس الحقيقي لروسيا في هذه المنطقة، أميركا أم إيران؟

نجحت روسيا في منع أميركا من التستر بقرار دولي لإطاحة النظام السوري. أظهرت قدرتها على العرقلة، لكنها أضاعت فرصة إظهار قدرتها على الحل. أعطت النظام السوري مزيداً من الوقت. كان أفضل لو ساعدته على التقدم نحو الحل. براعات لافروف ساهمت في توفير فرصة إطلالة «داعش». عمّقت النزاع السوري والحرب المذهبية وهزّت الوضع العراقي إلى حد الاستغاثة بالأميركيين. هكذا ولد المشهد الحالي: طائرة أميركية في الفضاء والجنرال سليماني على الأرض.

واضح الآن أن موسكو تريد العودة إلى تحريك الملف السوري. أميركا تقيم الآن في عقر دارها السورية. لا يحمل باراك أوباما برنامجاً لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. لا يريد إحراج إيران أو استثارتها. لكن واشنطن تجمع الأوراق وتستعد لتدريب «المعارضة المعتدلة» لتشديد الضغوط حين تجيء الساعة. ربما لهذا السبب أعادت روسيا فتح الأبواب. ثمة من يتحدث عن «موسكو-1» لإطلاق الحل في سورية. لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت لذلك علاقة ببيان جنيف وما إذا كانت روسيا ستوفر الأرضية لانعقاد «جنيف 3» وعلى أي أساس.

تعاطت روسيا مع الأزمة السورية بوصفها فرصة لاستنزاف هيبة الولايات المتحدة. فرصة لغسل الإهانة التي لحقت بروسيا وسلاحها في ليبيا. اعتبرتها أيضاً فرصة لاستنزاف «المجاهدين». فليذهبوا للموت في سورية بدل أن يتخندقوا في الشيشان وداغستان. لكن اللعبة أفلتت من الأيدي الروسية بعد ظهور «داعش» وأخواته.

ماذا ستقول روسيا لوليد المعلم الذي يستعد لزيارتها في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري؟ وماذا ستقول للمعارضين؟ هل ستستخدم الملف السوري لاستعادة صورة الشريك المسؤول والمقبول، أم ستتابع سياسة حافة الهاوية فتتكرس سورية فيتنام جديدة لكثيرين؟

من حق بوتين أن يستدعي لافروف ويطرح عليه سؤالاً صريحاً: ماذا فعلتَ في سورية أو ماذا فعلنا هناك. ومن حق أي حاكم انخرطت بلاده في الأزمة السورية أن يطرح السؤال ذاته على وزير خارجيته. شهد الحريق السوري رقماً قياسياً من الأخطاء المكلفة في القراءة والتقدير. استمرار الأخطاء لا ينذر فقط بقتل مزيد من السوريين، بل يُنذِر أيضاً بقتل سورية مع كل ما يعنيه ذلك لحلفائها وللمنطقة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا فعلتَ في سورية ماذا فعلتَ في سورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab