روسيا السورية

روسيا السورية

روسيا السورية

 السعودية اليوم -

روسيا السورية

غسان شربل

كان فلاديمير بوتين ينتظر الفرصة المناسبة لتصفية حسابه مع أميركا التي دفعت الاتحاد السوفياتي الى المتاحف. كان يريد أن يثأر من محاولتها تطويق روسيا بتحريك بيادق حلف الأطلسي قرب حدودها ومن تشجيعها الثورات الملونة على أطراف الاتحاد الروسي. كان يحلم بهز ركائز صورة القوة العظمى الوحيدة وإنهاء عهد «الغطرسة الاميركية». وكان يدرك أن عملية الثأر ممكنة مع وجود رئيس اسمه باراك اوباما يهجس بإعادة الجنود من الحروب ويُصاب بالذعر من فكرة ارسالهم الى حروب جديدة. رئيس أميركي يعتبر أن للقدرة الاميركية حدوداً وأن أميركا نزفت من جيشها واقتصادها ما يُلزمها التخلي عن الحروب الجوالة وسياسة اقتلاع الانظمة.

وجد بوتين في الأزمة السورية فرصته الذهبية. لن يسمح بتكرار المشهد الليبي. لن يُمرر في مجلس الأمن ما يسمح بإعطاء ظلال من الشرعية لعملية اقتلاع النظام السوري. ثم ان سورية يمكن ان تكون فرصة لاعتراض «الربيع الاخواني» وكسر الموجة الاسلامية. فرصة لإظهار حدود الدور الاميركي.

نجحت روسيا في عملية شراء الوقت للنظام السوري. وربما كانت تعتقد بقدرته على حسم النزاع على معظم الاراضي السورية إن لم يكن على كاملها. عملية جنيف نفسها بدت من جانب موسكو أشبه بعملية لشراء الوقت. ظهر ذلك جلياً خلال انعقاد «جنيف 2». حاول الأخضر الإبراهيمي عبثاً دفع الروس الى دور اكثر جدية في البحث عن الحل. كان سيرغي لافروف يسارع الى إغلاق الباب. في المرة الأولى قال له ان محادثات «جنيف 1» لم تتطرق الى مصير الرئيس بشار الاسد ما يعني ان الهيئة الانتقالية ستشكل في ظل الرئيس. المرة الثانية كان أكثر وضوحاً قال: «ان قدرتنا على ممارسة الضغوط على الاسد اقل من قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغوط على بنيامين نتانياهو». فهم الابراهيمي الرسالة وبدأ يرتب موعد خروجه من مهمته. وبفضل المساعدة الروسية الديبلوماسية والتسليحية ومعها المساعدة الايرانية المالية والميدانية تمكن النظام السوري من البقاء لكن على جزء من الاراضي السورية.

في قراءة التحركات الروسية الجديدة اليوم لا بد من الالتفات الى مجموعة عوامل جديدة. الازمة الاوكرانية والعقوبات الاميركية والغربية على روسيا. الاطلالة المدوية لـ «داعش» ونجاحها في الغاء الحدود العراقية -السورية. ادت هذه الاطلالة الى عودة الطائرات الاميركية الى أجواء العراق وسورية في مهمات قتالية. أدت ايضاً الى اعادة ترتيب الأخطار والاعداء لدى كثيرين وبينهم المبعوث الدولي الجديد ستيفان دي ميستورا. والعامل الذي لا يمكن تجاهله ايضاً هو هبوط اسعار النفط وتهاوي سعر صرف الروبل الروسي.

ثمة من يذهب بعيداً في الشكوك والى درجة القول ان خطة دي ميستورا تحمل في طياتها صدى لافكار روسية وايرانية. ويذهب هذا الفريق ابعد ليقول ان التحرك الاخير لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف يرمي الى توفير ثياب سياسية لخطة دي ميستورا والى ترسيخ فكرة بقاء النظام وتحويل الحل الى مجرد تشكيل حكومة وحدة وطنية في سورية بعد تقسيم المعارضة اكثر مما هي مقسمة وهو ما اوحته اشارات بوغدانوف في لقائه معها.

من التسرع القول إن تهاوي سعر الروبل سيدفع روسيا الى تغيير موقفها في سورية. ومن التسرع ايضاً الاستنتاج ان روسيا تفضل ان تدفع في سورية لأنها لا تستطيع ان تدفع في اوكرانيا. لكن من الخطأ الاعتقاد ان روسيا تستطيع تجاهل كل هذه العوامل الجديدة والتعامل معها كأنها لم تحدث.

سمع بوتين ولافروف في الشهور الماضية كلاماً عربياً يحض روسيا على لعب دور نشط في حل سياسي للازمة السورية. ثمة من لفتهما الى ان سورية تحولت مختبراً لانتاج اجيال من المتطرفين وبينهم فتيان جاؤوا من الشيشان وداغستان وسيعودون في النهاية الى الاتحاد الروسي. وثمة من قال لهما إن خصوم النظام السوري الحالي لا يريدون ابداً تدمير ما تبقى من الدولة السورية في الادارة والمؤسسة العسكرية والأمنية وان الحل قد لا يستلزم ابعاد اكثر من اربعين شخصاً. لم يلمس المتحدثون ان روسيا غيرت موقفها لكنهم يعتقدون ان العوامل الجديدة قد تفتح الباب لقراءة روسية اكثر واقعية اذا تبين ان تآكل الروبل قد يهدد بتآكل مشروع بوتين برمته.

لم تعد الأزمة السورية فرصة لروسيا لتسجيل النقاط. ها هي سورية تتحول فيتنام بشرية ومالية واصولية ومذهبية. انها مكلفة للجميع ولا بد من اعادة القراءة. لا خطة دي ميستورا تكفي ولا الاعيب بوغدانوف. اطفاء فيتنام السورية يحتاج الى قرارات كبرى لا بد من اتخاذها. والمزيد من الانتظار لا يعني غير مضاعفة التكاليف وهي باهظة اصلاً.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا السورية روسيا السورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab