لبنان يقاوم المشروع الإيراني

لبنان يقاوم المشروع الإيراني

لبنان يقاوم المشروع الإيراني

 السعودية اليوم -

لبنان يقاوم المشروع الإيراني

بقلم :خير الله خير الله

من بين الأهداف التي وضعتها إيران لنفسها في لبنان، تحويل البلد إلى جرم يدور في فلكها. لذلك حرصت في السنوات القليلة الماضية على أن يكون وزير الخارجية اللبناني موظّفا برتبة مدير عام في الخارجية الإيرانية. وهذا ما كشفته المواقف الأخيرة للوزير جبران باسيل الذي كان صوت إيران في الاجتماعات العربية والإسلامية.
هذا ما تنبّهت إليه دول الخليج العربي التي اتخذت مواقف واضحة تدعو اللبنانيين إلى تحمّل مسؤولياتهم.

في نهاية المطاف، لا تقتصر الهيمنة الإيرانية على وزارة الخارجية، بل تتعدى ذلك بكثير وتغطي معظم مؤسسات الدولة. من دون أن يعني ذلك أن لبنان استسلم نهائيا للقدر الإيراني. لبنان لا يزال يقاوم. ثقافة الحياة ما زالت تقاوم ثقافة الموت التي يسعى “حزب الله” إلى جعلها تعمّ البلد بكلّ الوسائل المتاحة معتمدا على سلاحه غير الشرعي أوّلا.

في سياق ما أثارته فضيحة شبكة الإنترنت في لبنان، يسأل أحد نوّاب “حزب الله” كيف دخلت أجهزة لها علاقة بالشبكة العنكبوتية، من دون علم الأجهزة المختصة، إلى لبنان ومن سمح بذلك؟ لماذا لا يسأل كيف دخل سلاحه غير الشرعي، بما في ذلك الصواريخ، إلى البلد ومن سمح بإدخاله من أجل أن يصبح اللبنانيون الشرفاء ومؤسسات الدولة ومرافقها تحت تهديد هذا السلاح؟

كانت زيارة الرئيس سعد الحريري لموسكو واللقاء الذي عقده مع الرئيس فلاديمير بوتين جزءا لا يتجزّأ من هذه المقاومة اللبنانية، التي تعني، أوّل ما تعني، مقاومة المشروع التوسّعي الإيراني. ذلك أن إثبات وجود لبنان، أو ما بقي من الدولة، في الساحة الدولية فعل مقاومة قبل أيّ شيء آخر.

يدلّ اللقاء بين سعد الحريري والرئيس فلاديمير بوتين على أن لبنان ما زال موضع احترام لدى كثيرين في العالم.

لبنان ما زال موجودا. ليس سهلا على بوتين أن يجد وقتا لاستقبال شخصية لا تشغل موقعا رسميا. لا شيء يحدث بالصدفة. من هذا المنطلق، يعتبر استقبال الرئيس الروسي لسعد الحريري تكريما للبنان قبل أيّ شيء آخر.

يظهر هذا الاستقبال أنه لا يزال صعبا إلغاء البلد وتحويله إلى مجرّد تابع لإيران، على الرغم من تراكم الفضائح بكلّ أنواعها وأشكالها، بدءا بفضيحة الإنترنت والنفايات والدعارة والمتاجرة بالبشر والإهمال الذي يتعرّض له مطار رفيق الحريري، وصولا إلى الفضيحة الأكبر المتمثلة بمنع “حزب الله” اللبنانيين من أن يكون لديهم رئيس للجمهورية.

كان لا بدّ من البدء من مكان ما. هذا المكان هو إثبات وجود لبنان الذي هو وجود لبقايا مؤسسات الدولة التي يستطيع العالم التعاطي معها. لذلك، لم يكن صدفة التحاق نهاد المشنوق وزير الداخلية بالوفد المرافق لسعد الحريري في موسكو.

زار نهاد المشنوق قبل ذلك لندن، حيث حصل على دعم بريطاني قوي للمؤسسة الأمنية. جاء الدعم البريطاني لقوى الأمن الداخلي، التي لا تزال بين المؤسسات القليلة للدولة التي تعكس وجود نواة لدولة في لبنان، دليلا على أن المجتمع الدولي لم يتخل نهائيا عن البلد.

في آخر المطاف، يعتبر دعم قوى الأمن بمثابة فعل إيمان بلبنان المتعدّد والمتنوع وقدرته على النهوض يوما. على الرغم من كلّ العراقيل التي يضعها “حزب الله” في وجه إعادة الحياة إلى الدولة اللبنانية وجعلها تحت سيطرة إيران، لا يزال في العالم من هو مستعد للتعامل مع لبنان في ظلّ ظروف صعبة وتعقيدات ذات طابع داخلي وإقليمي في آن.

هناك تفهّم روسي لأهمية انتخاب رئيس للجمهورية ولخطورة استمرار الفراغ في لبنان. وهناك أيضا توجّه روسي محدّد بالنسبة إلى سوريا. يقوم هذا التوجه على السير بموجب خطة الطريق التي رسمها قرار مجلس الأمن، وصولا إلى انتخابات رئاسية في أجواء حرّة تشرف عليها الأمم المتحدة. من المهمّ الاستفادة مما لدى موسكو لتقوله عن تدخلها في سوريا، خصوصا في ظلّ التنسيق الأميركي ـ الروسي في هذا المجال، وهو تنسيق لم يعد خافيا على أحد.

لا يزال هناك من يعمل من أجل المحافظة على لبنان وحمايته. ليس سرّا أن روسيا لاعب أساسي في المنطقة، بل صارت اللاعب الأساسي في سوريا. لماذا عدم الاستفادة من الدعم الذي يمكن أن توفّره للبنان، خصوصا في مجال السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟

لماذا أيضا الامتناع عن معرفة ما لديها عن الوضع السوري، خصوصا أنّها دخلت في مرحلة إعادة بناء الجيش في هذا البلد بعيدا إلى حدّ كبير عن التدخلات الإيرانية. هناك تنسيق روسي ـ إيراني في مجالات معيّنة. هذا واقع. لكنّ هناك اختلافا بين الجانبين في مجالات معيّنة، خصوصا أن روسيا مصرّة على اعتبار الجيش السوري “ابنا شرعيا لها”. وهذا ما يفسّر ذلك الإصرار على المحافظة على الجيش تفاديا لتكرار التجربة العراقية في سوريا. إنها تجربة كانت إيران أول المستفيدين منها، إذ حلّت ميليشياتها المذهبية مكان الجيش العراقي.

ليس كثيرا على لبنان أن يكون فيه من يعمل من أجل كسر طوق العزلة التي يحاول “حزب الله” المتورط في الحرب على الشعب السوري فرضها عليه. يقود سعد الحريري حملة تستهدف منع إيران من الاستفراد بلبنان. يعرف تماما ماذا يعني عزل لبنان عن محيطه العربي، أي محيطه الطبيعي وجعله ورقة تستخدمها إيران، الطامحة إلى علاقات متميّزة مع “الشيطان الأكبر” من خلال عقد صفقات مع هذا “الشيطان”.

كانت زيارة موسكو أفضل دليل على أنه لا يمكن عزل لبنان، وأن الدويلة التي أقامها “حزب الله” لا يمكن أن تنتصر على الدولة اللبنانية.

هذه الدولة اللبنانية ما زالت تقاوم ولا يمكن أن تنطلي عليها بأي شكل الشعارات المزيّفة التي يطلقها “حزب الله” ومن خلفه إيران. فالحريص على لبنان لا يذهب إلى القتال في سوريا من منطلق مذهبي بحت. والحريص على لبنان لا يضع سلاحه فوق سلاح الشرعية. والحريص على لبنان لا يعمل كلّ ما يمكنه إثارة الغرائز المذهبية في منطقة تقف على كفّ عفريت.

الحريص على لبنان لا يجعل العرب يتفادون لبنان ولا يعتدي على مكاتب مؤسسة صحافية مثل “الشرق الأوسط” ولا يهاجم المملكة العربية السعودية وأهل الخليج العربي.

الحريص على لبنان ينزل إلى مجلس النواب وينتخب رئيسا للجمهورية. كلّ ما عدا ذلك يدخل في سياق الحرب التي تشنّها إيران على الوطن الصغير، وعلى كلّ ما هو عربي فيه وفي المنطقة.

 

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يقاوم المشروع الإيراني لبنان يقاوم المشروع الإيراني



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab