في أي سياق اغتيل رفيق الحريري

في أي سياق اغتيل رفيق الحريري

في أي سياق اغتيل رفيق الحريري

 السعودية اليوم -

في أي سياق اغتيل رفيق الحريري

خيرالله خيرالله

ليس صدفة أن رفيق الحريري اغتيل بعد أقل من سنتين على سقوط بغداد وخروج إيران المنتصر الوحيد من الحرب الأميركية على العراق

بعد عشر سنوات على الجريمة، لا يزال لبنان إلى اللحظة تحت تأثير الزلزال الذي خلفه اغتيال رفيق الحريري. ما زال الوطن الصغير يبكي من أعاده إلى خارطة المنطقة والعالم. ما زالت بيروت تشعر باليُتم بعدما فقدت من أعاد الحياة إليها. كان يمكن لوسط بيروت أن يتحوّل إلى مزبلة لولا رفيق الحريري الذي عرف معنى أن تكون هناك مدينة على المتوسّط قادرة على التعايش مع تحديات القرن الحادي والعشرين، وأن تكون مكانا يلتقي فيه اللبنانيون من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق والطبقات الاجتماعية.

في المقابل، ما زال المتهمون باغتيال رفيق الحريري ورفاقه يوم الرابع عشر من فبراير 2005 يسعون إلى تبرئة أنفسهم.

يدّعي النظام السوري أنّه دفع ثمن الجريمة عندما انسحب من لبنان، فيما الطرف الذي تولّى التنفيذ على الأرض في حيرة من أمره. ولذلك يهاجم المحكمة الدولية أحيانا، ويتظاهر بتجاهلها في أحيان أخرى. هذا الطرف المنفّذ، مثله مثل النظام السوري، يحاول الإيحاء بأنّه دفع ثمن فعلته. لذلك، حاول قبل أيّام الربط، بطريقة أو بأخرى، بين اغتيال عماد مغنيّة في دمشق من جهة، وبين تفجير رفيق الحريري من جهة أخرى.

ما الذي تغيّر في عشر سنوات، وما الذي لم يتغيّر؟ الأهمّ من ذلك في أي سياق يمكن إدراج جريمة اغتيال رفيق الحريري؟

ما تغيّر أنّ لبنان يعاني اليوم من حلول الوصاية الإيرانية مكان الوصاية السورية الإيرانية. تسعى إيران إلى الإمساك بالبلد بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك منع انتخاب رئيس للجمهورية.

ما لم يتغيّر أنّ لبنان ما زال يقاوم. قاوم الاحتلال السوري بطرق مباشرة وغير مباشرة. قاومه خصوصا عبر البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، أطال الله عمره، الذي وقف، باكرا، في وجه النظام السوري، ودعا إلى مباشرة الانسحاب العسكري من لبنان.

جسّد رفيق الحريري المقاومة السلمية للاحتلال السوري. كان حريصا على سوريا ولبنان في الوقت ذاته. كان مشروع الإنماء والإعمار الذي باشره الدليل الصارخ على مدى التزامه سيادة لبنان واستقلاله. كان هدفه إقناع النظام السوري بالانصراف إلى معالجة مشاكله في سوريا، بدل متابعة الهرب إلى الخارج، إلى لبنان خصوصا. كان يعتقد أن ازدهار دمشق لا يقوم على خراب بيروت. على العكس من ذلك، كان يؤمن بأن ازدهار دمشق من ازدهار بيروت، والعكس صحيح.

منذ الرابع عشر من فبراير 2005، توقف كلّ شيء في لبنان. توقّفت الساعة في الوطن الصغير. لم يعد هناك من يضع حجرا فوق حجر في سياق مشروع شامل ذي طابع وطني يساهم في إعمار هذه المنطقة اللبنانية أو تلك.

يكاد اللبنانيون أن يفقدوا الأمل في مستقبلهم ومستقبل أولادهم. لكنّ ذلك لم يمنعهم من متابعة مقاومتهم لعملية وضع اليد على البلد وتهجير أكبر عدد من اللبنانيين بغية تحويل البلد إلى مستعمرة إيرانية.

لم يفقد اللبنانيون الأمل كلّيا لأنّهم ما زالوا يؤمنون بمشروع رفيق الحريري الذي أكّد أنّ هناك ما يوحدّ بين اللبنانيين. لعلّ أهمّ ما أكّده رفيق الحريري أنّ اغتياله لن يمرّ مرور الكرام كما حصل قبل ذلك، منذ اغتيال كمال جنبلاط في العام 1977.

قال رفيق الحريري قبل أقلّ من ثمانية وأربعين ساعة من تفجير موكبه بالحرف الواحد: “من سيقتلني مجنون”. تبيّن أن القاتل مجنون بالفعل لأنّ اللبنانيين انتفضوا، بأكثريتهم الساحقة، في الرابع عشر من مارس وأخرجوا الجيش السوري من لبنان.

من قتل رفيق الحريري، أراد، عمليا، تغيير المعادلة الداخلية في لبنان وتحويله إلى رأس حربة في المشروع التوسّعي الإيراني الذي تلقى دفعة قويّة بعد سقوط بغداد في يد الأميركيين في أبريل من العام 2003، وما تلاه من تقديم العراق على صحن من فضّة إلى إيران. يُفترض وضع الجريمة في هذا السياق. إنّها جريمة تتجاوز لبنان وحدوده وتندرج في إطار تغيير طبيعة الشرق الأوسط وتركيبته والتوازنات فيه.

ليس صدفة أن رفيق الحريري اغتيل بعد أقلّ من سنتين على سقوط بغداد وخروج إيران المنتصر الوحيد من الحرب الأميركية على العراق. ليس صدفة أيضا أنّ الفراغ الذي نجم عن الانسحاب السوري من لبنان ملأه “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني عناصره لبنانية. وليس صدفة أخيرا أن يكون الشعب السوري دخل منذ نحو أربع سنوات في مواجهة مع كلّ الذين شاركوا في تفجير موكب رفيق الحريري. من يقاتل إلى جانب من، وضدّ من، في سوريا منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة الشعبية فيها؟

خسر لبنان رفيق الحريري. ليس هناك من يستطيع تعويض هذه الخسارة. العزاء في أنّ رفيق الحريري كان على حقّ في كلّ كلمة قالها. نعم، “مجنون” من قتله، و”مجنون” من لا يزال يسعى إلى تغطية جريمة العصر بجرائم أخرى بدءا باغتيال سمير قصير، وصولا إلى اغتيال محمّد شطح، مرورا بجورج حاوي وجبران غسّان تويني ووليد عيدو وانطوان غانم وبيار أمين الجميّل ووسام عيد ووسام الحسن.

أصداء الزلزال ما زالت تتردد. لم يكن اغتيال رفيق الحريري اغتيالا لرجل عمل في السياسة والإعمار وأعاد بناء بلد بكامله، كما كان مستعدا لإعادة بناء سوريا بدل تحويلها إلى ركام وإلى مستعمرة إيرانية.

مرّة أخرى، خسارة رفيق الحريري لا تُعوّض ولا يمكن أن تعوّض. لكن حساب القاتل والمحرّض سيكون عسيرا. هذا ليس عائدا إلى وجود المحكمة الدولية فحسب، بل إلى أنّ الجريمة ارتدّت على الداخل السوري أيضا، وعلى كلّ من شارك فيها بطريقة أو بأخرى. من كان يتصوّر أنّ بشّار الأسد أصبح، بعد عشر سنوات على تخلّصه من رفيق الحريري غير قادر على الخروج من دمشق؟ من كان يتصوّر أنّ الادعاء في المحكمة الدولية بات قادرا على تحديد تفاصيل التفاصيل بالنسبة إلى المحرّضين والمشاركين في التخطيط والمنفّذين؟

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في أي سياق اغتيل رفيق الحريري في أي سياق اغتيل رفيق الحريري



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab