فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل

فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل

فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل

 السعودية اليوم -

فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل

بقلم : خير الله خير الله

أكثر ما يُحزن بعد ثلاثة عشر عاما على اغتيال رفيق الحريري في بيروت يوم الرابع عشر من شباط – فبراير 2005، ذلك الشعور بأن اللبناني فقد الأمل في مستقبل أفضل له ولأفراد عائلته. لم يفقد كل الأمل بعد، لكنه فقد بعضه، إن لم يكن الكثير منه

هناك شعور بفقدان الأمل الذي كان يمثله رجل عرف كيف يعيد الحياة إلى بيروت، وكيف يعيد لبنان إلى خريطة الشرق الأوسط. هناك حتّى شعور بأن ثمة إهمالا للتفاصيل الصغيرة والكبيرة مثل أخلاق الناس وطريقة تصرفهم في الشارع.

حتّى الطرقات لم تعد تجد من يريد إصلاحها. لم يعد هناك من يؤمن بأنّ الرصيف يجب أن يكون موجودا. هناك إهمال ليس بعده إهمال لمظاهر وجود دولة تعمل من أجل البناء والإعمار. إنّها دولة تعمل فعلا من أجل إعادة الكهرباء وإيجاد سبل للانتهاء من أزمة النفايات في عالم يستطيع توفير حلول سهلة ومربحة في الوقت ذاته لمشاكل من هذا القبيل.

طاول الإهمال وسط بيروت، الذي كان حلم رفيق الحريري الذي تحقق والذي لم يعد يجد من يعتني بأرصفته ولا بمنع الوقوف في أماكن ممنوعة. تتسلل الفوضى إلى وسط بيروت من أجل أن يكون امتدادا للتخلّف والعشوائية بدل أن يكون منطقة نموذجية يجري تعميمها ليس على العاصمة وحدها، بل على كل لبنان أيضا.

كلّ ما هو متوافر حاليا أمام اللبنانيين يتمثل في الذهاب إلى انتخابات نيابية مؤجلة منذ أربع سنوات من أجل أن يكون هناك مجلس جديد للنواب يمتلك فيه “حزب الله” أكثرية، ولو أكثرية بسيطة لا تسمح له بتعديل الدستور. يُفترض في اللبنانيين إعداد نفسهم منذ الآن إلى أنّ “حزب الله” سيكون قادرا على عمل الكثير بفضل أكثرية النصف زائدة صوتا واحدا في مجلس النوّاب.

في أيام رفيق الحريري، كانت الوصاية السورية قائمة، لكن كان لا يزال هناك أمل في التخلّص منها وبيوم لا يعود فيه “حزب الله” الحزب المهيمن على البلد بالتفاهم مع النظام السوري. لم يكن “حزب الله”، في أيّام رفيق الحريري في حاجة إلى أن يكون ممثلا في الحكومة بسبب كثرة ممثلي النظام السوري فيها، لكنّ مشروع الإنماء والعمار كان يتقدّم. كان هناك عرب يأتون إلى لبنان كسيّاح وكمستثمرين. لعلّ أخطر ما نشهده الآن يتمثّل في عزلة لبنان عربيا من جهة، والرغبة العميقة لدى فئة معيّنة في منع قيام أي مشروع حقيقي يصب في تحسين وضع البنية التحتية من جهة أخرى.

توجد نيّة لدى جهات كثيرة في نشر البؤس في البلد استكمالا للانقلاب الكبير الذي بدأ تنفيذه قبل اغتيال رفيق الحريري في يوم “عيد الحبّ”. بدأ الانقلاب مع التمديد لإميل لحود، رئيس الجمهورية وقتذاك، رغم صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

من الواضح أنه كانت هناك ولا تزال توجد رغبة واضحة لدى جهات عدّة في أن يكون لبنان “ساحة” لحروب الآخرين ولا شيء آخر غير ذلك. مطلوب أن يكون لبنان مجرّد ورقة إيرانية وقبل ذلك ورقة لدى النظام السوري الذي عاش على سياسة الابتزاز… ابتزاز العالم وابتزاز المجتمع الدولي.

لا يزال لبنان يقاوم، لكنّ هذه المقاومة اللبنانية تزداد ضعفا مع اقتراب موعد الانتخابات التي تجري في ظلّ قانون وضع من أجل تفتيت كلّ المجموعات التي ترفض مشروع “حزب الله” وتشكل حجر عثرة في وجهه. هنا تكمن الخطورة، وهنا تكمن نقطة الضعف اللبنانية بعد تمرير قانون للانتخابات وضع على قياس تلك الميليشيا الإيرانية التي ليست سوى لواء في “الحرس الثوري”.

يقاوم اللبنانيون الذين يعرفون تماما من اغتال رفيق الحريري ومن سعى إلى تدمير كلّ مؤسسات الدولة اللبنانية. يفعلون ذلك منذ ما قبل تفجير موكب رفيق الحريري وقبل اليوم الذي تعرّض فيه مروان حماده لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة في الأوّل من تشرين الأوّل – أكتوبر 2004.

لا تزال هناك نواة لمقاومة يجسدها سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء الذي يعرف معنى انهيار الحد الأدنى من الاستقرار الذي ينعم به بلد فيه حزب مسلّح بات شريكا في الحرب على الشعب السوري، ويلعب أدوارا في العراق والبحرين واليمن، ويسعى إلى وجود في كلّ دولة من دول المنطقة من منطلق ميليشيوي ومذهبي ليس إلا. يظل السؤال في نهاية المطاف أن لبنان عانى الكثير من إيران، التي تستخدم “حزب الله” في مشروعها التوسعي الذي بات يتجاوز البلد. هل هناك رغبة دولية جدّية في التصدي لهذا المشروع الذي يكاد يقضي على لبنان أم لا؟

تبقى المقاومة الخيار الوحيد أمام اللبنانيين في بلد يعاني من سياسة إيرانية تصبّ في عملية تطويع للبلد تتكل على امتلاك النفس الطويل. فمن اغتيال رفيق الحريري، وصولا إلى قانون الانتخابات الحالي، كانت حرب صيف 2006 وكان الاعتصام في وسط بيروت وكانت غزوة بيروت والجبل في أيار – مايو 2008، وكانت بالطبع سلسلة الاغتيالات التي استهدفت اللبنانيين الشرفاء فعلا، بما في ذلك جبران تويني وسمير قصير كي يحلّ بجريدة “النهار” ما حلّ بها وبالصحف اللبنانية الأخرى التي تعاني من أزمات لم يسبق أن مرّت بمثلها في يوم من الأيّام. هناك خيط رفيع يربط بين كلّ الأحداث التي تلاحقت بين 2005 و2018. هذا الخيط هو كيف وُضع لبنان مجددا تحت الوصاية.

بعد ثلاثة عشر عاما على غياب رفيق الحريري، يفتقده لبنان أكثر من أيّ وقت. تزداد الحاجة إليه في منطقة تغيّرت فيها التوازنات كليا بعد كل الذي حصل في سوريا. العزاء الوحيد أن دمه لم يذهب هدرا. أخرج الجيش السوري من لبنان وسيخرج بشّار الأسد من سوريا عاجلا أم آجلا. لكنّ نقطة الضعف الأساسية تبقى في غياب مشروع لبناني جامع يستطيع الوقوف في وجه ما يعدّ له “حزب الله” ومن خلفه إيران. يُضاف إلى ذلك، أن الدعم العربي للبنان صار غائبا، بل شبه معدوم. صحيح أن لبنان ساقط عسكريا، لكنّ الصحيح أيضا أنّه لم يسقط سياسيا، بعد، سقوطا تاما. هناك قوى لبنانية تقاوم وهناك دولية ما زالت تدعمه وتعرف معنى استخدامه كـ”ساحة” صراع بين قوى إقليمية ودولية وأبعاد ذلك.

نعم، يشعر اللبناني بفقدان الأمل. يشعر أن القليل بقي من حلم رفيق الحريري، لكنه يشعر أيضا أنّ المشروع البديل من لبنان ليس قابلا للحياة، لا لشيء سوى لأنّه مرتبط بفكرة نشر البؤس والتخلّف لتطويع اللبنانيين، بدل نشر العلم والثقافة ودعم الجامعات وتخريج طلاب لبنانيين من أفضل جامعات العالم، كما فعل رفيق الحريري.

هذا المشروع البديل من مشروع رفيق الحريري، المرتبط أصلا بثقافة الموت، يمكن أن يقضي على لبنان إذا لم يجد من يتصدّى له عبر مشروع مضاد متكامل. إنّه مشروع مضاد يستند إلى إيمان المجتمع اللبناني بثقافة الحياة والبدء بترميم بيروت وإعادة الاعتبار إلى الرصيف قبل أيّ شيء آخر… وصولا إلى الاقتناع بأن لا سبيل للتعايش مع سلاح غير شرعي يعمل يوميا على جعل مؤسسات الدولة اللبنانية، وما بقي منها، تتآكل من الداخل.

المصدر : جريدة العرب

 

arabstoday

GMT 12:45 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 22:45 2020 الأحد ,23 آب / أغسطس

من كان وراء قتل رفيق الحريري

GMT 07:38 2020 الخميس ,20 آب / أغسطس

من اغتيال رفيق الحريري... الى اغتيال بيروت

GMT 11:31 2020 الثلاثاء ,11 آب / أغسطس

فدرلة موانىء لبنان وربما مطاراته

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل فقدان رفيق الحريري… فقدان بعض الأمل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين

GMT 11:59 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 18:43 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

طريقة ترتيب السفرة في الدعوات الرسمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab