ما يجمع بين حماس وإسرائيل

ما يجمع بين "حماس" وإسرائيل!

ما يجمع بين "حماس" وإسرائيل!

 السعودية اليوم -

ما يجمع بين حماس وإسرائيل

بقلم - خيرالله خيرالله

ذهبت غزّة، بأهلها المظلومين، ضحيّة معادلة في غاية البساطة. شنّت حركة "حماس" هجوماً على إسرائيل في السابع من تشرين الأوّل(أكتوبر) 2023 أدّى إلى زعزعة كيان تلك الدولة، خصوصاً أنّه أدى إلى خسائر بشريّة كبيرة تزيد على ألف ومئتي قتيل، فضلاً عن أسر عشرات الإسرائيليين بينهم عدد لا بأس به من العسكريين. أكثر من ذلك، قضى الهجوم على أهمّ ما تمتلكه إسرائيل وتتفاخر به، أي قوة الردع التي تجعل أي طرف يعدّ عشر مرات قبل شنّ هجوم عليها. ماذا بقي من إسرائيل بعد فقدانها قوّة الردع... أمام تنظيم مسلّح، اسمه "حماس" وليس أمام دولة.

في المقابل، لم يكن أمام إسرائيل التي عرّاها "طوفان الأقصى" سوى الانتقام بطريقة وحشيّة بعدما اكتشفت أنها تخوض ما تعتبره، حياة حرب أو موت. هذا على الأقلّ ما يشعر به كل إسرائيلي اكتشف فجأة أن مناطق معيّنة من الدولة العبرية باتت مكشوفة كلّياً أمام حركة مثل "حماس". ثمة مناطق لم يعد في استطاعة الإسرائيليين العيش فيها، إن في غلاف غزّة أو على طول الحدود مع لبنان. لا بدّ من الاعتراف بأنّ الهجوم الذي شنته "حماس" غيّر طبيعة إسرائيل تغييراً جذرياً.

خاضت "حماس"، انطلاقاً من غزّة، حرباً من دون أفق سياسي. لا تستطيع الحركة الإسلاميّة التي هي جزء لا يتجزّأ من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، على الرغم من نفيها ذلك، قول ماذا تريد وما الهدف من "طوفان الأقصى". هل كانت تتوقع فتح جبهات أخرى في الوقت ذاته... أم كلّ ما في الأمر أنّها قامت بمغامرة غير محسوبة يصعب التكهّن بنتائجها وانعكاساتها على الصعيد الفلسطيني وفي المنطقة كلّها؟

في المقابل، تخوض إسرائيل أيضاً حرباً لا أفق سياسياً لها. يبدو غياب الأفق السياسي ما يجمع بين "حماس" وإسرائيل في الوقت الراهن، خصوصاً في ظلّ وجود بنيامين نتنياهو في السلطة. ماذا تريد إسرائيل من تدمير القطاع الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومتراً مربعاً والذي يعيش فيه ما يزيد على مليونين ومئتي ألف فلسطيني؟ الأكيد أنّه ليس كافياً اعتبار إسرائيل أنّها استعادت قوة الردع التي افتقدتها في السابع من تشرين الأوّل 2023، كي تخلد إلى الراحة وتنصرف إلى التفكير جدّياً في أنه ليس في استطاعتها إلغاء الشعب الفلسطيني وإزالته من الوجود.

تستغلّ حكومة نتنياهو "طوفان الأقصى" للذهاب إلى ما هو أبعد من الانتقام واستعادة قوة الردع في الوقت ذاته. تسعى عملياً إلى إزالة غزّة من الوجود. أخطر ما في الأمر أن ليس هناك من يستطيع وقف حربها المجنونة على غزّة المرشحة للانتقال إلى الضفّة الغربية. لن يكون مثل هذا الانتقال، في حال حصوله، بحسب أجندة فلسطينية، بل بحسب أجندة لحكومة نتنياهو. تسعى هذه الحكومة اليمينية إلى تهجير قسم من سكان الضفّة إلى الأردن، تنفيذاً لحلم قديم غير قابل للتحقيق، لليمين الإسرائيلي.

يجعل مثل هذا التوجه الإسرائيلي الملك عبد الله الثاني شديد الحذر ويدفعه إلى التركيز على نقطة في غاية الأهمّية تتمثل في وقف حرب غزّة في أسرع وقت والبحث جدّياً في حلّ سياسي. يبدو موقف العاهل الأردني ذروة التعقل بغية الخروج من غياب السياسة من جهة، والجنون الإسرائيلي الذي لا يظهر أنّ له حدوداً من جهة أخرى.

لم يعد سراً أن الجنون الإسرائيلي يهدّد الاستقرار في المنطقة كلّها، خصوصاً مع استمرار الاشتباكات بين "حزب الله" وإسرائيل في جنوب لبنان ومع استغلال إيران حرب غزّة لعرض عضلاتها في اليمن وسوريا والعراق. تعرض "الجمهوريّة الإسلاميّة" عضلاتها في اليمن حيث تحرّك الحوثيون في البحر الأحمر وباتوا يهددون الملاحة فيه. كذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا حيث الميليشيات التابعة لإيران هي القوّة المسيطرة كلّياً على النظام الذي يرأسه بشّار الأسد. في العراق، لم يعد هناك وهم بأن الدولة هي ميليشيات "الحشد الشعبي" التي تحشد في مناطق حدودية مع الأردن وتتصرّف كأنّها الدولة العراقية أو ما بقي منها...

من يخرج المنطقة من غياب السياسة الذي تعبّر عنه بكلّ وضوح ووقاحة الوحشية الإسرائيلية؟ الأكيد أن لدى إدارة جو بايدن كلّ النيات الطيبة والصادقة. هذا ما عبّر عنه الرئيس الأميركي في المقالة التي كتبها أخيراً في صحيفة "واشنطن بوست" والتي تحدّث فيها مرّة أخرى عن حلّ الدولتين. الكلام عن الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، كلام جميل وواقعي. لكنّ هذا الكلام الذي يترافق مع الحاجة إلى سلطة وطنيّة جديدة في رام الله وتغيير جذري في إسرائيل، يحتاج أوّل ما يحتاج إلى رئيس أميركي يتمتع بصفات قياديّة. يقول مثل هذا الرئيس لإسرائيل، أول ما يقوله، أنّ كفى تعني كفى. كما يقول لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران إن التهديد بتوسيع الحرب لا ينفع، من جهة، وإن لعبتها القائمة على الابتزاز مكشوفة، من جهة أخرى.

هل تستطيع الإدارة الأميركيّة ملء الفراغ الناجم عن غياب السياسة، خصوصاً بعدما تبيّن أن لا وجود لمشروع سياسي قابل للحياة لدى "حماس"، فيما السلطة الفلسطينية في حال اهتراء ليس بعده اهتراء... وإسرائيل مجرّد وحش فالت لا يمتلك سوى سلاح القتل والتدمير!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما يجمع بين حماس وإسرائيل ما يجمع بين حماس وإسرائيل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab