ذكرى انتصار حزب الله على لبنان

ذكرى انتصار 'حزب الله' على لبنان

ذكرى انتصار 'حزب الله' على لبنان

 السعودية اليوم -

ذكرى انتصار حزب الله على لبنان

بقلم :خير الله خير الله

كانت حرب صيف العام 2006 التي افتعلها “حزب الله”، من أجل تغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، هزيمة للبنان الذي نزل مواطنوه إلى الشارع، بعد شهر من تلك الجريمة، وأخرجوا القوات السورية من أراضيه. ففي الذكرى العاشرة لانتهاء “حرب تموز” وصدور القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا يزال زمن الانتصارات على لبنان مستمرّا.

من يرى حال لبنان هذه الأيّام يتأكّد من شيء واحد هو أن المطلوب الانتصار على البلد وليس الانتصار على إسرائيل. هذه هي الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها بعد عشر سنوات من الكوارث المتلاحقة التي حلّت بلبنان، من بينها رفض “حزب الله” وتوابعه النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.

من نتائج “حرب تمّوز” أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله صار في استطاعته أن يلقي خطابا يعلن فيه من يجب أن يكون رئيسا للجمهورية، في حال شاء ذلك، ومن يكون رئيس مجلس النوّاب. صار يسمح لنفسه بالقول إنّه مستعد للتساهل مع اللبنانيين عموما ومع السنّة خصوصا، في شأن من يكون رئيسا لمجلس الوزراء، معبّرا عن ازدراء ما بعده ازدراء للدستور ولمجلس النوّاب ولأهل السنّة في الوقت ذاته.

بعد عشر سنوات على “حرب تمّوز”، تثير شوارع بيروت الحزن والشفقة قبل أي شيء آخر. الشباب اللبناني يبحث عن مكان يهاجر إليه، فيما الوضع الاقتصادي في حال مزرية وفيما لا كهرباء ولا ماء في بلد صار معزولا عن محيطه العربي. لا وجود لسائح عربي في بيروت والجبل. إذا كان هناك من سائح، فقد بات هذا السائح عملة نادرة ليس إلّا.

مرّة أخرى، تكفي جولة في شوارع بيروت وزيارة لأحد مراكز الاصطياف اللبنانية لاكتشاف حجم الكوارث التي حلّت بلبنان بسبب “حرب تمّوز” المفتعلة. لم تكن تلك الحرب، في واقع الحال، سوى محاولة أخرى، بل جريمة أخرى، للتغطية على ما ارتكبه “حزب الله” في حقّ لبنان واللبنانيين.

كانت “حرب تمّوز” حلقة في المسلسل الانقلابي الهادف إلى تحويل لبنان مستعمرة إيرانية لا أكثر، أي مجرّد تابع لإيران. لا يزال لبنان يعاني إلى اليوم من نتائج تلك الهزيمة التي لحقت به والتي يسمّيها الأمين العام لـ”حزب الله” “نصرا إلهيا”. كيف يمكن للبنان أن يكون انتصر على إسرائيل في تلك الحرب بعدما لحقت به هزيمة ساحقة ماحقة لم يفق منها إلى يومنا هذا، هل أخذ حسن نصرالله علما بأن كلّ شيء متوقف في لبنان، خصوصا في المجال العمراني منذ “الانتصار الإلهي” الذي تحقق صيف العام 2006؟

إذا كان يحقّ لحسن نصرالله الكلام عن “انتصار”، فإنّ هذا الانتصار هو انتصار لـ”حزب الله” الذي وقف على جثة اسمها لبنان رافعا علامة النصر، فيما عملت إسرائيل على القيام بعملية نقد للذات بغية البحث عن نقاط الضعف التي عانت منها في “حرب تمّوز”، واستخلاص العبر التي يمكن أن تفيدها في أي حرب مستقبلية.

لم يستخلص “حزب الله” أي عبرة من “حرب تمّوز”. على العكس من ذلك، انطلق من نتائج هذه الحرب لمتابعة حملته الهادفة إلى تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية من جهة، ونشر البؤس في المجتمع اللبناني من جهة أخرى. من الواضح أن الهمّ الوحيد للحزب، وهو لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، القضاء على لبنان عن طريق إفقاره وتهجير أكبر عدد من اللبنانيين من البلد. كيف يمكن تفسير تعطيله الحياة السياسية والاقتصادية في البلد؟ كيف يمكن تفسير رفضه تسليم العناصر، المتهمة باغتيال رفيق الحريري، إلى المحكمة الدولية؟

حسنا، كيف يمكن تفسير غزوة بيروت السنّية والجبل الدرزي في أيّار – مايو 2008؟ وكيف يمكن لحزب مهاجمة ما يسمّيه “المشروع الأميركي في المنطقة”، فيما هو متحالف مع الطقم الحاكم في العراق، وهو طقم مذهبي تابع لإيران وصل إلى السلطة على دبابة أميركية؟ كيف يمكن لـ”حزب الله” المشاركة في الحرب على الشعب السوري في ظلّ تنسيق روسي – إسرائيلي على كلّ المستويات؟ كيف يمكن لـ”حزب الله” الدفاع عن رئيس النظام السوري الذي يوسّط الكرملين كي تبقى إسرائيل حامية لنظامه؟

من يرى حال لبنان هذه الأيام يتأكد من أن المطلوب الانتصار على البلد وليس الانتصار على إسرائيل. هذه هي الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها بعد عشر سنوات من الكوارث التي حلت بلبنان

قليل من الحياء يبدو ضروريا بين حين وآخر. الحياء يعني الامتناع عن الاستخفاف بذكاء اللبنانيين خصوصا والعرب عموما. لم يفعل “حزب الله” منذ حصول جريمة اغتيال رفيق الحريري إلّا السعي إلى تغطيتها بجريمة أخرى. كان من بين هذه الجرائم افتعال “حرب تمّوز”، ثمّ الاعتصام في وسط بيروت بغية توجيه ضربة قاضية إلى الاقتصاد والانقضاض بعد ذلك على أهل السنّة، وصولا إلى تشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي وضعت اللبنة الأولى لمنع الخليجيين من المجيء إلى لبنان والاستثمار فيه.

ليس “حزب الله” سوى أداة إيرانية تنفّذ مهمات معيّنة. لم ينته الحزب من حربه على لبنان واللبنانيين بعد. لكنّ ذلك لم يمنعه من الانتقال إلى سوريا للمشاركة في الحرب ذات الطابع المذهبي التي يشنّها النظام على شعبه. أمس، عندما كانت حلب محاصرة، اعتبر حسن نصرالله أن معركة حلب أمّ المعارك. اليوم، عندما فكّ الثوار وأهل المدينة الحصار، غابت معركة حلب عن الخطاب!

اكتفى حسن نصرالله بالقول إن مقاتليه باقون في حلب. من أجل ماذا البقاء في حلب؟ هل من أجل سقوط المزيد من الضحايا في صفوف أبناء الطائفة الشيعية الكريمة… إرضاء للرغبة الإيرانية ليس إلا؟ هل يدرك حسن نصرالله أن حلب لا يمكن أن تسقط وأن بين أسباب ذلك أنّها خط الدفاع الأوّل عن رجب طيب أردوغان الذي تعمل إيران كلّ شيء هذه الأيّام من أجل استرضائه؟

صار حسن نصرالله يريد أخذ الناس إلى فلسطين، علما أنّ الطفل يعرف أن طريق فلسطين لا تمرّ بحلب ولا تمرّ بأي مدينة سورية أخرى، لا بحمص ولا بحماة ولا بدمشق. أكثر من ذلك، إن الفلسطينيين يعرفون ما هو “حزب الله”، وما دوره في المتاجرة بهم وبقضيتهم.

نعم، بعض الحياء ضروري. والحياء يعني احترام عقول الناس الطبيعيين قبل أيّ شيء آخر. لبنان واللبنانيون في أسوأ حال. من بين الأسباب “حرب تمّوز”. هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع الذي لا بد أن يعترف به كلّ من يمتلك حدا أدنى من الحس الوطني والرغبة في التعاطي مع الواقع، بدل الهرب منه من أجل أن يكون لبنان ورقة إيرانية في لعبة تستهدف استرضاء “الشيطان الأكبر” في كلّ وقت، و”الشيطان الأصغر” متى كانت لبشار الأسد مصلحة في ذلك.

 

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى انتصار حزب الله على لبنان ذكرى انتصار حزب الله على لبنان



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab