مشكلة إيران مع السعودية

مشكلة إيران مع السعودية

مشكلة إيران مع السعودية

 السعودية اليوم -

مشكلة إيران مع السعودية

بقلم - خير الله خير الله

هناك مشكلة كبيرة، على الصعيد الإقليمي، تتمثّل في رفض الاعتراف بأن تغييرا كبيرا حصل في المملكة العربية السعودية على كلّ المستويات والمفاهيم، وذلك منذ خلف الملك سلمان عبدالعزيز الملك عبدالله إثر وفاة الأخير مطلع العام 2015. هذه هي المشكلة إيرانية أساسا، وهي مشكلة تنسحب على آخرين أيضا في المنطقة يرفضون الاعتراف بالواقع السعودي الجديد.

من لا يعترف بهذا التغيير، يسهل عليه الدعوة، كما تفعل إيران، عبر غير مسؤول، من بينهم وزير الخارجية محمّد جواد ظريف، إلى حوار من أجل حل كل المشاكل الإقليمية وتلك العالقة بين البلدين. هل هناك حوار من أجل الحوار، كما تفعل إسرائيل التي تدعو دائما إلى حوار ومفاوضات تستغلها من أجل فرض أمر واقع على الأرض؟ كان ذلـك ممكنا في الماضي، لكنه صار مستحيلا بوجود المملكة العربية السعودية الجديدة، وذلك بغض النظر عن الرأي الشخصي بهذا التغيير الذي شهدته المملكة والذي صار واقعا لا يمكن تجاوزه.

لا يمكن التعاطي مع السعودية الجديدة حيث الملك سلمان وولي العهد محمّد بن سلمان استنادا إلى مفاهيم قديمة. حسنا، حصل اعتداء إيراني على القنصلية السعودية في مشهد وعلى السفارة في طهران في مطلع العام 2016. من الطبيعي بعد مرور بعـض الوقت، وبعـد قطـع العلاقات بين البلدين أن يكون هناك اتصال بين الجهتين المختصتين في البلدين لتفقـد الأملاك السعودية في إيران والأملاك الإيـرانية في السعـودية. هـذا كل ما في الأمر.

هل من تفسيرات أخرى لذلك؟ الجواب لا كبيرة على الرغم من كل ما تروّج له أطراف إقليمية تسعى إلى تبرير الذهاب بعيدا في العلاقة مع إيران، كما لو أن إيران جمعية خيـرية. إيـران ليست جمعية خيـرية ولا يمكن استخدامها في ابتـزاز السعودية. إيران تأخـذ ولا تعطي وهي تمتلك قـدرة فائقة على استغلال الخلافات العربية-العربية والاستثمار فيها إلى أبعد حدود خدمة لمصالح خاصة بها ولا شيء آخر غير ذلك.

في كل الأحوال، وبعد صدور كلام إيراني إيجابي عن كيفية تعاطي السعودية مع الحجاج الإيرانيين في موسم الحج لهذه السنة، كان لا بد من وضع النقاط على الحروف. جاء الكلام الإيجابي الإيراني عن موسم الحج في السعودية في وقت يعرف كلّ مسؤول في طهران أن المملكة ابتعدت دائما عن أي تسييس للحج في حين أن إيران، ومنذ حصول “الثورة” التي قادها الخميني على الشاه في العام 1979، سعت إلى استغلال موسم الحج لمواجهة ما تسمّيه “الاستكبار العالمي”. الاستكبار الإيراني على العرب مسموح به دائما، بل مرحّب به. أما “الاستكبار العالمي” على إيران، فهو مرفوض، علما أنّ الموضوع كله لا أساس له من الصحّة ويمكن أن يكون موضوع أخذ وردّ طويلين.

تولّى وضع النقاط على الحروف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أثناء وجوده في لندن أخيرا. قال الجبير في العاصمة البريطانية إن تصريحات وزير الخارجية الإيراني عن تقارب بين البلدين “مثيرة للسخرية”. أضاف أن “إيران تزعزع الاستقرار في المنطقة من خلال حزب الله والهجمات الإرهابية” التي تقف وراءها.

لم تعد الأحابيل الإيرانية تنطلي على أحد. كانت تنطلي على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والمحيطين به الذين كانوا يعتقدون أن الملف النووي الإيراني يختزل كل مشاكل الشرق الأوسط وأزماته. تبين أن هذا النهج في التفكير، الذي استغلته إيران إلى أبعد حدود في دعم مشروعها التوسّعي، سواء أكان في العراق أم في سوريا ولبنان واليمن، والبحرين طبعا، لا يحل أي مشكلة كما لا يساهم في التعاطي الجدي مع أي أزمة. على العكس من ذلك، إن مثل هذا النهج في التفكير يشكّل الطريق الأقرب إلى تعميق الأزمات والمشاكل وتعقيدها في منطقة لا ينقصها ما يعزّز حال انعدام الاستقرار فيها.

يظل السؤال في نهاية المطاف هل تريد إيران التصرف كدولة طبيعية من دول المنطقة أم لا؟ لا مشكلة مع إيران في كل ما يتعلق بملفها النووي. ماذا إذا حصلت إيران على القنبلة النووية؟ ما الذي ستفعله بها؟ هل حصول إيران على مثل هذه القنبلة وعلى مثل هذا السلاح يعني شيئا آخر غير إدخال دول المنطقة في سباق تسلّح على كلّ المستويات من أجل إقامة توازن رعب، كما الحال بين الهند وباكستان وكما كانت عليه الحال إبان الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفياتي؟

بعض التبسيط للأمور قد يكون مفيدا بين حين وآخر. تكمن البداية في أن على إيران استيعاب أن ليس في استطاعتها لعب دور القوة الإقليمية المهيمنة مهما استثمرت في إثارة الغرائز المذهبية ومهما صنعت من ميليشيات في لبنان والعراق واليمن ثمّ في سوريا. إذا كانت إيران تريد حوارا جدّيا مع السعودية وغير السعودية، يفترض بها اللجوء إلى المنطق.

يقول المنطق أن ليس لدى “الجمهورية الإسلامية” ما تقدّمه لجيرانها ولا للعالم. تستطيع الذهاب بعيدا في تصدير الإرهاب وصنع الصواريخ، بمساعدة من كوريا الشمالية، وإقامة علاقات مع “داعش” وتوابعه ومن سبقه مثل تنظيم “القاعدة” ومن سيخلفه ويخلف “داعش”. صار هذا النوع من العلاقات مكشوفا، بل مكشوفا أكثر من اللـزوم، بعد الصفقـة الأخيرة بين “داعش” و“حزب الله” وبعد كل هذا الحرص الإيراني على مقاتلي “داعش” وعائلاتهم من وجهة نظر “إنسانية”. ما هذه الإنسانية الإيرانيـة التي لم يظهـر منها شيء عندما قتل “حزب الله” مئات اللبنانيين الشيعة في حرب إقليم التفاح في ثمانينات القرن الماضي، أو عندما بادر النظام السوري إلى قتل أبناء شعبه بطريقة منظّمة ومنهجية بكل الوسائل المتاحة له، بما في ذلك السلاح الكيميائي.

لا مفرّ من العودة دائما إلى السؤال البديهي: هل تريد إيران أن تكون دولة طبيعية بين دول المنطقة تهتمّ بأمور شعبها ومشاكله وما يعاني منه على كلّ صعيد وكيفية الانفتاح على العالم أم لا؟

لنأخذ لبنان مثلا على الارتكابات الإيرانية. ما الذي فعلته إيران في لبنان منذ باشرت تدخلها فيه قبل العام 1982 عندما أدخل حافظ الأسد عناصر من “الحرس الثوري” إلى منطقة بعلبك؟ هل من دور إيراني في لبنان غير جعل بلد بكامله بكلّ مؤسساته تحت رحمة ميليشيا مذهبية تتلقى أوامرها من طهران، وتنفذ مهمات داخل البلد وخارجه خدمة لسياسة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتطوير القيم الإنسانية في أيّ مجال من المجالات؟

مرّة أخرى، لا بدّ من بعض التبسيط للأمور. التبسيط يعني هنا أنّ لا وجود لإنسان عربي يمتلك حدا أدنى من المنطق يستطيع أن يكون معاديا بالفطرة لإيران كبلد يمتلك حضارة قديمة وثقافة عظيمة. لكنّ التبسيط يعني أيضا أن ليس في الإمكان الدخول في حوار مع طرف لا يحدّد مسبقا ما الذي يريده.

كلّ ما هو مفهوم من التصرّفات الإيرانية أنّ إيران تريد الهيمنة على المنطقة وتعتبر ذلك حقّا طبيعيا لها، وذلك عبر ميليشياتها المنتشرة من الخليج إلى المتوسط. من يستطيع الدخول في حوار مع طرف لا طموح له سوى الهيمنة عليه؟

هل ضحكة محمّد جواد ظريف، التي انطلت على جون كيري وزير الخارجية في عهد أوباما، كافية كي يقتنع العرب أنّ لدى إيران وجها آخر غير وجه ميليشياتها المذهبية. هذه الميليشيات التي لا هدف لها سوى القضاء على مجتمعاتهم وعلى حضارتهم، بحسناتها وسيئاتها، والتي لا يمكن تجاهل أنّها حضارة قديمة أيضا، قدم الحضارة الفارسية.

المصدر - جريدة العرب

arabstoday

GMT 05:46 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

GMT 05:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يستطيع الحريري؟!

GMT 00:24 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الحديث عن زلازل قادمة غير صحيح

GMT 00:22 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الـقـدس .. «قــص والصــق» !

GMT 00:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد النظم وتحديث الدول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة إيران مع السعودية مشكلة إيران مع السعودية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"

GMT 22:30 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يبرر تواصل ليوناردو بونوتشي مع كونتي

GMT 00:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

حقيبة اليد تضيف المزيد من الأناقة للرجل في 2018

GMT 02:50 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

ياسين الصالحي يتمسك بالطرق القانونية للانتقال إلى "الكويت"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab