كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران

كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران

كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران

 السعودية اليوم -

كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران

بقلم : خير الله خير الله

لن يقدم الاعتراض على الصواريخ الباليستية الإيرانية في شيء. مثل هذا الاعتراض الصادر عن بان كي مون يظل كلاما بكلام، وسيوظفه علي خامنئي في خدمة المشروع التوسعي الإيراني.

اعترضت طهران على اعتبار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الصواريخ الباليستية التي تجري تجارب عليها “لا تنسجم” مع الاتفاق الذي وقعته بشأن ملفّها النووي. هل انتهى ابتزاز إيران للعالم عبر الملف النووي ليحل مكانه ابتزاز من نوع آخر عبر الصواريخ الباليستية؟

يطرح هذا السؤال نفسه بعدما بدا أن الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الذي وقعته إيران مع مجموعة الخمسة زائد واحدا لم يؤد إلى النتائج المطلوبة، أقله في ما يتعلّق بما كانت تطمح إليه طهران. لم ينه الاتفاق العزلة الدولية والإقليمية لإيران، كما لم يؤد إلى تحسين الوضع الاقتصادي في بلد يعيش أكثر من نصف عدد سكّانه تحت خط الفقر. على العكس من ذلك، تبيّن أن لا أساس صلبا لكلّ ما حلمت به إيران في مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق. صار عليها الآن البحث عن سبب آخر تلهي به الإيرانيين من جهة، وتلهي العالم عن أهدافها الحقيقية التي تتمثل من جهة أخرى في مشروع توسّعي ذي طابع مذهبي يشكل رأس الحربة فيه “حزب الله” والميليشيات التابعة لأحزاب عراقية.

باستثناء لملمة الوضع الداخلي حول “المرشد” علي خامنئي وتوفير حبوب تهدئة للمواطن العادي، لم يحل الاتفاق في شأن الملف النووي أي مشكلة تعاني منها إيران، التي فيها نظام مرفوض من الشعب بأكثريته الساحقة. لم يطرأ تحسن على الوضع الداخلي، على الرغم من كل الجهود التي بذلتها إدارة باراك أوباما للترويج لأهمية هذا الحدث من منطلق أن إيران هي من وجهة نظر الرئيس الأميركي الدولة الأهم في المنطقة، وأن من حقها لعب كلّ الأدوار التي ترغب في لعبها. أظهرت وثائق كثيرة أن الإدارة الأميركية دخلت في مفاوضات سرّية مع إيران قبل الإعلان رسميا عن بدء المفاوضات الرسمية وذلك عبر القناة العُمانية.

يبدو أن الاتفاق في شأن الملف النووي استنفد الغرض منه، إذ صبّ في تمرير مرحلة معيّنة لكنه لم يـؤد كل الغرض المطلوب في نهـاية المطاف. لذلك لا بدّ من لعبة جديدة تقـود إلى تنفيس الاحتقان الداخلي. اسم هذه اللعبة هو الصواريخ الباليستية.

عندما يثير بان كي مون قضية الصواريخ الإيرانية والتجارب على هذه الصواريخ، إنّما يؤدي خدمة للنظام وذلك من حيث يدري أو لا يدري. الأرجح أنّه يدري نظرا إلى أن الأمين العام للمنظمة الدولية لا يقدم على أي خطوة أو يدلي بأيّ تصريح من رأسه. الدليل الافتراء المكشوف على المغرب عندما زار مخيمات تندوف، الواقعة في الأراضي الجزائرية، والتي يقيم فيها لاجئون صحراويون تحولوا مادة لتجارة يمارسها النظام في الجزائر.

قد تستطيع إيران إنتاج قنبلة نووية يوما، كما قد تستطيع تطوير ما لديها من صواريخ، وهي في معظمها صواريخ كورية شمالية. ليست تلك المسألة. في نهاية المطاف، يظل الملف النووي الإيراني مادة للاستهلاك الداخلي، كذلك الصواريخ الباليستية. تمتلك باكستان القنبلة النووية منذ سنوات عدّة. ما الذي استطاعت أن تفعله بالقنبلة باستثناء الادعاء أنها باتت تمتلك سلاحا نوويا تحيّد به السلاح النووي الهندي، علما أن لا أطماع هندية في باكستان. هل تغيّر شيء في الداخل الباكستاني بفضل القنبلة النووية؟ هل طرأ تطور أدّى إلى الحد من المعدل الجنوني للنمو السكاني؟ لم يتغيّر شيء في بلد يزداد فيه المجتمع فقرا وتخلّفا وانغلاقا على الذات، فيما الهند تتقدّم وتتطور في كلّ المجالات.

تعود الشكوى من باكستان إلى أنّها لا تلعب الدور المطلوب في مواجهة الإرهاب والتطرّف. كذلك، الشكوى من إيران ليست من ملفّها النووي أو من صواريخها الباليستية التي تعكس عمق العلاقة المريبة بينها وبين كوريا الشمالية. الشكوى، وهذا ما يفترض في الأمين العام للأمم المتحدة إدراكه، هي من الاستثمار الإيراني في نشر الميليشيات المذهبية من أجل تمزيق مجتمعات دول الجوار، وما بقي من مؤسسات مدنية فيها. هذا ما تفعله إيران في البحرين، وهذا ما تحاول أن تفعله في كلّ دولة من دول الخليج العربي. هذا ما تفعله في اليمن حيث رهانها على الحوثيين الذين صاروا يُعرفون بـ“أنصارالله” بعدما تلقوا دروسا في كل المجالات على يد ميليشيا “حزب الله” اللبنانية.

وهذا ما تفعله إيران قبل أي شيء آخر في العراق. تنفّذ إيران منذ خاضت الحرب على هذا البلد إلى جانب “الشيطان الأكبر” في العام 2003 خطة مدروسة تستهدف تقسيم البلد وتدمير المجتمع العراقي عبر عمليات تطهير عرقي تشنّها ميليشيات عراقية تابعة لها من جهة، ودفع أهل السنّة في اتجاه “داعش” كي يوفّروا حاضنة له ولإرهابه من جهة أخرى.

في حال لم يكن بان كي مون على علم بخطورة الممارسات الإيرانية في اليمن والعراق والبحرين والجوار الخليجي المباشر، في إمكانه التساؤل ما الذي تفعله إيران في سوريا؟ لماذا صرفت كلّ هذه المليـارات لإبقـاء نظـام بشّار الأسد حيّا يرزق، علما أن هـذا النظـام ورئيسه صارا في مزبلة التـاريخ منذ اليوم الأوّل لاندلاع ثـورة الشعـب السوري في آذار ـ مارس من العام 2011؟

هل من سبب آخر، غير أن سوريا ذات النظام العلوي ممر لإرسال الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان من أجل تدمير الوطن الصغير ومنعه حتّى من أن يكون له رئيس للجمهورية؟

كـلام بـان كي مون عـن الصواريخ الباليستية يريح إيران ولا يضايقها في شيء في ظل نظام في حال هرب دائم إلى أمام وإلى خارج حدوده. ما لا يمكن تجاهله أن ما يزيد على نصف عدد سكان إيران لا يزيد عمرهم على خمسة وعشرين عاما. هؤلاء الشبان المنفتحون على ما يدور في العالم يعانون من كلّ أنواع الظلم، بما في ذلك أن نسبة البطالة في صفوفهم تتجاوز الاثنين والعشرين في المئة. هؤلاء يريدون انفتاح إيران على العالم، ونمط حياة جديد يتفق مع تطلعاتهم ومع الثقافة التي اكتسبوها في المدرسة والجامعة ومن الاحتكاك بالعالم الخارجي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

لن يقدم الاعتراض على الصواريخ الباليستية الإيرانية في شيء. مثل هذا الاعتراض الصادر عن بان كي مون يظلّ كلاما بكلام، وسيوظّفه علي خامنئي في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني. يقوم هذا المشروع على خطف القضية الفلسطينية والمتاجرة بها والإدلاء بتصريحات معادية لإسرائيل التي تستفيد من العداء اللفظي الإيراني لها إلى أبعد حدود، وتعميق الشرخ السنّي – الشيعي في المنطقة خدمة لكلّ ما يمكنه تدمير مجتمعاتها.

هذا ملخّص المشكلة مع إيران، وهي مشكلة ليست في الملف النووي ولا في الصواريخ الباليستية. إنّها مشكلة يطرحها سؤال في غاية البساطة: هل تريد إيران أن تكون دولة طبيعية في المنطقة تعالج آفة المخدرات المنتشرة كالنار في الهشيم في الأوساط الشعبية، أم أن النظام فيها لا يحتمل مثل هذا المنطق نظرا إلى أن المشروع التوسعي الذي ينادي به هو شريان الحياة بالنسبة إليه لا أكثر ولا أقل؟

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران كلام بان كي مون عن الصواريخ يريح إيران



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab