ضربة أميركية للحوثيين أم حدث عابر

ضربة أميركية للحوثيين... أم حدث عابر!

ضربة أميركية للحوثيين... أم حدث عابر!

 السعودية اليوم -

ضربة أميركية للحوثيين أم حدث عابر

بقلم - خيرالله خيرالله

لن تعني مهاجمة البحريّة الأميركية لزوارق حوثية في البحر الأحمر شيئاً، أقلّه في المدى المنظور. قد تعني الكثير يوماً ما في حال حصول تغيير جذري في النظرة الأميركيّة إلى اليمن من جهة، وإلى المشروع التوسّعي الإيراني على صعيد المنطقة كلّها من جهة أخرى.

كان يمكن البناء على هذا الحدث لو كان في الإمكان إدراجه في سياق إستراتيجيّة أميركيّة تستهدف التصدي للمشروع التوسّعي الإيراني ببعده الإقليمي.

هل إدارة جو بايدن مستعدة لمثل هذه الخطوة... أم تفضل الانتظار والرهان على أنّ ما قامت به إلى الآن أكثر من كاف لردع «الجمهوريّة الإسلاميّة» ومنعها من توسيع حرب غزّة؟

يصعب أن يكون للهجوم الأميركي أي تأثير يذكر على سلوك «جماعة انصار الله» الذين لديهم همّ واحد، إضافة في طبيعة الحال إلى وضع أنفسهم في خدمة المشروع الإيراني. يتمثل هذا الهمّ الواحد الوحيد في السيطرة على شمال اليمن وتحويله إلى قاعدة عسكريّة إيرانية في الجزيرة العربيّة، ذات أسلحة فتاكة وصواريخ متطورة نسبياً. يفسر ذلك السعي الحوثي المستمرّ منذ وضع اليد على صنعاء في 21 سبتمبر 2014 إلى توسيع هذه السيطرة. كان ممكناً أن تمتد السيطرة الحوثية لتشمل مدينة مأرب وجزءاً من محافظة شبوة.

كان ذلك احتمالاً وارداً لولا تدخل لواء «العمالقة»، الذي معظم عديده من المحافظات الجنوبيّة، في مرحلة معيّنة. وضع «العمالقة» حدّاً للطموحات الحوثية في التمدد في كلّ الاتجاهات بعد إخراجهم، في 2015، من عدن ومن ميناء المخا الذي يتحكّم بمضيق باب المندب.

تبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى إستراتيجية جديدة في التعاطي مع الموضوع اليمني بعدما كشفت حرب غزّة أهمّية هذا البلد من زوايا عدّة في مقدمتها موقعه الإستراتيجي.

ليس ما يشير إلى استعداد أميركي للذهاب بعيداً في فهم ما يدور في اليمن وما سيترتب على بقاء الكيان الحوثي فيه حيّا يرزق... مع سيطرة هذا الكيان على ميناء الحديدة.

تدفع الإدارة الأميركيّة حالياً ثمن غياب أي فهم لمدى خطورة السيطرة الحوثيّة على جزء من اليمن. لم تفهم يوماً خطورة الظاهرة الحوثيّة.

لم يقتصر الأمر على فريق بايدن. منذ عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، منذ السنة 2000 تحديداً، لدى الهجوم الذي تعرضّت له المدمرة «يو.إس. إس. كول» في ميناء عدن، كان لسان حال المسؤولين الأميركيين واحداً. بالنسبة إلى هؤلاء، لا وجود لخطر اسمه الخطر الحوثي، بل يوجد في اليمن خطر واحد هو وجود تنظيم «القاعدة»، الذي استفاد طويلاً من هيمنة الإخوان المسلمين على قطاعات معيّنة في الأجهزة الأمنيّة، إضافة إلى قطاعات عسكريّة مثل الفرقة الأولى/ مدرّع.

كانت تلك الفرقة بقيادة اللواء علي محسن صالح الأحمر، قريب علي عبدالله صالح، الذي كان من أبرز المشاركين في الانقلاب عليه. في مرحلة ما بعد رحيل علي عبدالله صالح عن السلطة، صار علي محسن صالح في موقع نائب رئيس الجمهوريّة.

لم يحد المسؤولون الأميركيون عن هذا الرأي المتعلّق بالحوثيين وما يمثلونه من خطر على اليمن نفسه وعلى المنطقة. بمجرّد دخوله إلى البيت الأبيض، رفع بايدن الحوثيين عن قائمة الإرهاب.

يناور الحوثيون ومن خلفهم إيران في البحر. لكن ما يريدونه هو البرّ. لا يقدّم التصدي لهم في البحر ولا يؤخّر من دون استيعاب في العمق لمعنى وجود كيان تابع لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» في اليمن، في صنعاء وفي ميناء الحديدة.

لا معنى للضربة الأميركية للحوثيين ولا معنى للتهديدات البريطانيّة في غياب فهم في العمق للنتائج المترتبة على الوجود الإيراني في اليمن وخطورته على المنطقة كلّها، خصوصاً في ضوء امتلاك الحوثيين إمكانات عسكريّة كبيرة.

من الضروري العودة بالذاكرة إلى الخلف قليلاً. لا يزال السؤال الذي يطرح نفسه بحدة: لماذا كل تلك الجهود التي بذلتها بريطانيا في العام 2018 من أجل التوصل إلى اتفاق ستوكهولم ومنع قوات «الشرعيّة» اليمنيّة وأخرى متحالفة معها من إخراج الحوثيين من الحديدة؟

ثمّة أخطاء كبيرة ارتكبتها الإدارات الأميركية في تعاطيها مع الحوثيين. لم يدرك الأميركيون يوماً، باستثناء خلال فترة وجيزة من عهد دونالد ترامب، أنّ لا فارق بين «القاعدة» أو «داعش» من جهة والميليشيات المذهبيّة التي تقف وراءها «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران من جهة أخرى.

تحصد أميركا في البحر الأحمر ما زرعته في اليمن. تحصد موقفها المتردد لسنوات طويلة من الاستثمار الإيراني في مشروع واضح المعالم يستهدف تحويل هذا البلد قاعدة عسكريّة إيرانيّة في شبه الجزيرة العربيّة لا أكثر.

لا تقع المسؤولية على أميركا وحدها. هناك مسؤولية كبيرة تقع على الإخوان المسلمين الذين انقلبوا على علي عبدالله صالح ابتداءً من فبراير 2011 تحت ستار «الربيع العربي».

جاء بعد ذلك الحقد الذي كان يمتلكه عبد ربّه منصور هادي الرئيس الموقت الذي خلف علي عبدالله صالح.

هناك الآن وضع جديد في اليمن. هناك «شرعيّة» جديدة على رأسها الدكتور رشاد العليمي. لماذا لا دعم كافياً لهذه «الشرعيّة» كي تقيم توازناً عسكرياً، عن طريق أسلحة نوعيّة، مع الحوثيين؟

سيتبين في الأيام المقبلة، هل تغير شيء في واشنطن تجاه اليمن أم لا، وما إذا كانت الضربة التي تلقاها الحوثيون في البحر الأحمر تعني شيئاً... أم أنّها مجرد حدث عابر!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضربة أميركية للحوثيين أم حدث عابر ضربة أميركية للحوثيين أم حدث عابر



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها

GMT 23:12 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"النهار" تصدر بصفحات بيضاء احتجاجًا على أزمات لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab