بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي

بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي

بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي

 السعودية اليوم -

بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

أيّ بلد عربي لا يقرأ موازين القوى الدولية والإقليمية على حقيقتها ويعتقد أن المزايدات قادرة على تغيير موازين القوى، إنما يأخذ نفسه إلى كارثة محقّقة.

مرّ اللقاء الذي عقده قبل أيّام الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي في السودان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتيبي في أوغندا مرور الكرام. يبدو غياب الضجّة على عقد مثل هذا اللقاء الفريد من نوعه حدثا بحدّ ذاته، خصوصا أنّه يحمل في طيّاته رموزا كثيرة. من بين الرموز كون اللقاء انعقد في عنتيبي التي خطفت “الجبهة الشعبية” – جناح الدكتور وديع حدّاد إلى مطارها طائرة ركاب فرنسية في تموز – يوليو 1976. كان بين ركاب الطائرة عدد كبير من الإسرائيليين تولت إنقاذهم وحدة كوماندوس انطلقت من تل أبيب في اتجاه عنتيبي. قتل في تلك العملية قائد وحدة الكوماندوس جوناتان نتنياهو الشقيق الأكبر لرئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي. الأكيد أن اختيار المكان لم يكن صدفة بعد أربعة وأربعين عاما على حدث بالغ الأهمية كان الفلسطينيون يحاولون من خلاله إظهار إلى أي حدّ هم مستعدون للذهاب من أجل تذكير العالم بأن قضيتهم ما زالت حيّة.

هل كان أسلوب خطف الطائرات مفيدا للقضيّة الفلسطينية أم لا؟ لا يزال النقاش مستمرّا إلى اليوم. لكن الأكيد أنّ “بيبي” نتنياهو أراد تسجيل موقف في وقت يبدو مستقبله السياسي في مهبّ الريح إثر توجيه القضاء إليه اتهامات بالفساد. إنّها اتهامات يمكن أن تقوده إلى السجن على الرغم من أنّه أمضى المدة الأطول، مقارنة مع أيّ سياسيّ آخر، في موقع رئيس الوزراء في إسرائيل.

لن يخدم لقاء عنتيبي “بيبي” في شيء، كما لن تخدمه صفقة القرن في الهرب من السجن في حال ثبوت الاتهامات الموجّهة إليه. فقد سبق للقضاء الإسرائيلي أن أدخل إيهود أولمرت رئيس الوزراء السابق إلى السجن. كذلك أدخل إليه أحد رؤساء الدولة ويدعى موشي كاتساف.

بغض النظر عن النقاط التي حاول “بيبي” تسجيلها، كان اللقاء السوداني – الإسرائيلي أمرا عاديا. وجد السودان الذي تخلّص من عمر حسن البشير ونظامه المتخلّف أن لديه مصلحة في اجتماع بين الفريق البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي وأنّ لا مفرّ من عقد مثل هذا الاجتماع.

في الواقع، كان هذا الاجتماع شرطا من أجل رفع السودان عن لائحة الإرهاب الأميركية. دافع السودان عن مصالحه وأمنه آخذا في الاعتبار أن معاهدة السلام المصرية صار عمرها 41 عاما وأنّ لا وجود لقناة أخرى من أجل إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتّحدة. ماذا يستطيع أي نظام في السودان عمله في حال بقيت الولايات المتحدة غاضبة عليه؟ لن يتمكن السودان من الاستفادة من ثرواته الطبيعية أو استغلالها من دون مساعدة أميركية، اللهمّ إلّا إذا كان يريد العيش مجددا على سياسة الابتزاز والبيع والشراء بالجملة والمفرّق كما كان يفعل عمر حسن البشير الذي تنقل بين أحضان إيران وأحضان إسرائيل وأسامة بن لادن.. من أجل البقاء في السلطة ولا شيء آخر غير ذلك.

في النهاية، انعقد الاجتماع بعد أيّام من الإعلان عن صفقة العصر من واشنطن في احتفال كان نجماه الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي. اتخذ السودان موقفا في غاية العقلانية عندما أكّد أن لا تغيير في موقفه من القضيّة الفلسطينية. على الصعيد العملي لا يقدّم اللقاء السوداني – الإسرائيلي أو يؤخر في شيء باستثناء أنّه خطوة على طريق رفع العقوبات الأميركية عن السودان. لكنّ ما لا يمكن تجاهله أن هناك تحولات كبيرة على الصعيد الإقليمي لا يمكن تجاهلها. لو لم تحصل هذه التحوّلات لما كان شخص مثل الرئيس ترامب قادرا على الإعلان عن صفقة القرن، التي هي لمصلحة إسرائيل، من دون أي ردود فعل لها وزنها وتأثيرها على أرض الواقع.

هناك بكل بساطة موازين جديدة للقوى في المنطقة لا يستطيع أي عاقل تجاوزها. ما يؤكد ذلك، أنّه باستثناء بعض المواقف الحماسية ذات الطابع الفولكلوري، لا أكثر، من صفقة القرن، لم يستطع الجانب الفلسطيني الإقدام على أي خطوة ذات مغزى على طريق تحقيق الطموحات المشروعة لشعب لديه حقوقه المشروعة وموجود على الخريطة السياسية للمنطقة. سيذهب الفلسطينيون إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة. ماذا بعد ذلك؟ كيف يحلّ الفلسطينيون مشكلتهم مع إسرائيل وهم منقسمون على نفسهم؟

إن موازين القوى هذه التي يزداد الخلل فيها يوميا جعلت رجلا عاقلا، لا يمكن إلّا أن نتذكّره في مثل هذه الأيّام في مناسبة مرور واحد وعشرين عاما على غيابه، إن العرب لم يدخلوا يوما في مفاوضات مع إسرائيل وكانوا في وضع أفضل من ذلك الذي كانوا فيه في المرحلة التي سبقت تلك المفاوضات. هذا الرجل اسمه الملك حسين الذي عرف كيف يستغل ظروفا معيّنة في العام 1994 كي يوقع اتفاق سلام مع إسرائيل استعاد بموجبه الأردن كلّ حقوقه في الأرض والمياه. ماذا لو لم يستغل الملك حسين وجود إسحاق رابين في موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي وتوقيع ياسر عرفات لاتفاق أوسلو في العام 1993؟ لو لم يفعل ذلك، لكانت إسرائيل تسعى إلى زعزعة الاستقرار في الأردن نفسه عن طريق إحياء فكرة الوطن البديل التي عرف الحسين ومن ثم عبدالله الثاني كيف دفنها.


ما لا بدّ من تذكّره في كلّ وقت أنّ إسرائيل دولة في غاية العدوانية في تعاطيها مع الجانب الفلسطيني. وهذا حال دون أي تطبيع معها في مصر أو الأردن. لكنّ ما لا بدّ من الاعتراف به في كلّ وقت أنّ العرب أضاعوا كلّ الفرص التي سنحت لهم من أجل استعادة أرضهم، على غرار ما فعلت مصر. فحافظ الأسد، مثلا، ثم ابنه بشّار، كانا يعتبران أنّ المتاجرة بالجولان أهمّ بكثير من استعادة الهضبة المحتلة.

ذهب البرهان إلى عنتيبي وعاد منها وحصل على ما يريد الحصول عليه من الأميركيين. بقيت ردود الفعل العربية في إطار المعقول، تماما كما كانت عليه الحال في تشرين الأول – أكتوبر 2018 عندما استقبل السلطان قابوس قبل سنة وبضعة أشهر من وفاته، رئيس الوزراء الإسرائيلي في مسقط. المفارقة أن إيران لم تنبس ببنت شفة. على العكس من ذلك، زادت اقتناعا بأن القناة العمانية هي بين أفضل القنوات للتفاوض غير المباشر مع الإدارة الأميركية وتبادل الرسائل معها. من حسن الحظ أن إدارة ترامب تعرف “الجمهورية الإسلامية” جيدا وتتعاطى معها باللغة التي لا تفهم غيرها.

ثمّة دروس يمكن استخلاصها من لقاء البرهان- نتنياهو. في مقدّم هذه الدروس أن أيّ بلد عربي لا يقرأ موازين القوى الدولية والإقليمية على حقيقتها ويعتقد أن المزايدات قادرة على تغيير موازين القوى هذه، إنما يأخذ نفسه إلى كارثة محقّقة.

 

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي بعد اللقاء السوداني – الإسرائيلي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين

GMT 11:59 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 18:43 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

طريقة ترتيب السفرة في الدعوات الرسمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab