محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران

محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران

محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران

 السعودية اليوم -

محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران

بقلم : خير الله خير الله

يشير “التريّث” في تقديم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته إلى رغبة في امتحان قدرة رئيس الجمهورية ميشال عون و“حزب الله” على الدخول في تسوية جديدة بشروط واضحة… أو العودة إلى الأسس التي قامت عليها التسوية التي سمحت بتشكيل الحكومة الحالية.

في مقدّم هذه الأسس مبدأ “النأي بالنفس” الذي لم يحترمه “حزب الله” في يوم من الأيّام، خصوصا في ضوء تورّطه في الحرب على الشعب السوري، وتدخله السافر في اليمن إلى جانب الحوثيين (أنصار الله). يلعب الحزب في اليمن، منذ سنوات طويلة، دور الراعي للحوثيين والوصيّ عليهم بتكليف من إيران. كلّ كلام آخر عن دور “حزب الله” في اليمن هو محاولة للالتفاف على الحقيقة لا أكثر.

لعلّ كلام الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد السعودي في الحديث الذي أدلى به إلى “نيويورك تايمز” يختزل الأزمة اللبنانية وأسباب تقديم سعد الحريري استقالته. قال محمد بن سلمان “الخلاصة أن سعد الحريري لن يواصل تقديم غطاء سياسي لحكومة لبنانية تدار أساسا من “حزب الله” الذي تسيطر عليه إيران”. تقول هذه العبارة الكثير، وتضع حدا لكل ما أثير عن ظروف تقديم الاستقالة ثم دخول مرحلة “التريّث” السائدة الآن في لبنان.

ليس سرّا أنّ “حزب الله”، المشارك في الحكومة اللبنانية، متورط أيضا في العراق وفي البحرين والكويت وفي كلّ النشاطات التي تصبّ في أعمال تخريبية تتولاها ميليشيات مذهبية تابعة لإيران. كل ما عدا ذلك استغباء للبنانيين والعرب، خصوصا أهل الخليج. تكمن مشكلة “حزب الله” وأمينه العام السيّد حسن نصرالله، الذي يعتقد أنّ كل اللبنانيين ينتمون إلى أولئك الذين يصفقون له ويصدّقون ما يقوله، في أنّ العرب ليسوا أغبياء.

معظم اللبنانيين ليسوا أغبياء وسذّج أيضا. عندما يتحدث وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد الأحمد بالطريقة التي تحدّث بها في الاجتماع الأخير لمجلس جامعة الدول العربية، فهذا دليل على أن أهل الخليج يعرفون عن نشاطات “حزب الله” أكثر بكثير مما يعتقده الحزب وأولئك الذين يدافعون عنه. اختارت إيران تأكيد كلّ ما يصدر عن المسؤولين الخليجيين في شأن “حزب الله” ودوره التخريبي في لبنان وعن أنّه ليس سوى ذراع لها.


أدان الإيرانيون نفسهم بنفسهم عندما أكّد قائد “الحرس الثوري” محمد علي جعفري أن “سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض”. من الواضح أن إيران ترفض استعادة لبنان لحريته وسيادته وأن يكون بلدا مزدهرا. مطلوب من لبنان أن يكون ورقة إيرانية في تفاوضها مع “الشيطان الأكبر” الأميركي و”الشيطان الأصغر” الإسرائيلي، في حين أن هم رجل مثل سعد الحريري هو لبنان، “لبنان أوّلا” ومصلحة كل لبناني…

ماذا يعني “التريّث”؟ إنّه يعني بكلّ بساطة أن على لبنان اعتماد لعبة الانتظار في انتظار معرفة على ماذا ستستقرّ عليه الأوضاع في محيطه. هذا لا يعني، في طبيعة الحال، السكوت على ما يقوم به “حزب الله” في الداخل اللبناني وفي المنطقة وعلى استفزازات إيران التي يقول قائد “الحرس الثوري” فيها أن رجاله “باقون في سوريا” من أجل الإشراف على وقف للنار. هل سوريا في حاجة إلى “قوّات ردع” إيرانية تشبه ما كانت عليه “قوات الردع” السورية في لبنان. هل سوريا في حاجة إلى احتلال إيراني مثلما كان لبنان في حاجة إلى احتلال سوري كان الهدف منه وضع البلد تحت الوصاية؟

في كلّ الأحوال والظروف، على لبنان السعي إلى تفادي كل ما يمكنه أن يؤدي إلى مزيد من التدهور. والتدهور ليس مرتبطا بالعلاقات بين اللبنانيين أنفسهم وسعي “حزب الله” إلى نشر البؤس في كلّ أرجاء الوطن الصغير فحسب، بل هو مرتبط بسلوك عام أيضا يصبّ إلى الإساءة إلى دول الخليج وعزل لبنان عن محيطه العربي.

ليست أمام سعد الحريري خيارات كثيرة. عليه السعي إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالتعاون مع رئيس الجمهورية ومع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

من فوائد الاستقالة أن سعد الحريري عاد إلى لبنان مسلّحا بدعم فرنسي وعربي. لا يمكن الاستهانة أيضا بالدعم الأميركي الذي لعب دوره في إظهار أن رئيس الوزراء اللبناني يمتلك شبكة علاقات دولية لا يمكن الاستخفاف بها.

عاد سعد الحريري إلى بيروت بعد قرار ذي سقف عال اتخذه مجلس جامعة الدول العربية الذي كشف أن العرب يعرفون تماما ما الذي تفعله إيران، وما الدور الذي يقوم به “حزب الله” في المنطقة كلّها. أكثر من ذلك، ظهر جليّا أن مصر على استعداد لمساعدة لبنان ودعمه، فيما لا تزال فرنسا، السائرة إلى استعادة وزنها أوروبيا، تقيم علاقة من النوع المتميّز مع سعد الحريري.

في مرحلة تبدو فيها المنطقة مقبلة على أحداث كبيرة، خصوصا أن الكلام عن دخول سوريا مرحلة انتقالية حقيقية، ليس أمام لبنان سوى “التريّث”. هذا لا يمنع التساؤل عن أنجع الوسائل كي يصدّ لبنان الهجمة الإيرانية التي يتعرّض لها والتي تستهدف كلّ مؤسسة من مؤسساته والنسيج الاجتماعي للبلد.

ليس أمام لبنان سوى المقاومة. مقاومة من يسمّون أنفسهم “مقاومة” والذي ينشرون البؤس باسم “المقاومة”. إنهم ينشرون البؤس عن سابق تصوّر وتصميم من أجل منع لبنان من استعادة موقعه على خريطة الشرق الأوسط.

مرّة أخرى، ما يواجهه لبنان في الوقت الراهن هو معركة مصيرية. هذه معركة الاستقلال الثالث، بعد الاستقلال الأوّل في 1943، والاستقلال الثاني في 2005 حين اضطر الجيش السوري إلى الخروج من الأراضي اللبنانية إثر اغتيال رفيق الحريري. من أجل تحقيق الاستقلال الثالث، يُفترض الانتصار على سلاح “حزب الله”، وهو سلاح إيراني موجه إلى الصدر العاري لكل لبناني شريف.

في معركة الاستقلال الثالث التي يخوضها سعد رفيق الحريري، ليس “التريّث” عيبا. على العكس من ذلك، إنّه ضرورة من ضرورات هذه المعركة الكبيرة التي باتت مرتبطة بأحداث تتجاوز لبنان. في النهاية إن معركة لبنان جزء من المعركة الإقليمية التي قرّر العرب الواعون خوضها من خلال معرفتهم العميقة لطبيعتها وللنتائج التي ستترتّب عليها.

الأكيد أن إيران لن تخرج منتصرة، لا لشيء سوى لأنّها دولة متخلّفة لا تمتلك الوسائل التي تسمح لها بتنفيذ أحلامها المريضة. إنّها بكل بساطة بلد من بلدان العالم الثالث يعتقد أنّ هناك فراغا إقليميا يستطيع ملؤه على حساب كلّ ما هو عربي في الشرق الأوسط والخليج. صحيح أن العرب ضعفاء في هذه المرحلة، لكن الصحيح أن تغييرا حقيقيا يحصل في السعودية ورغبة في المواجهة ووضع النقاط على الحروف.

تخلّصت المملكة التي هي رأس الحربة في المواجهة مع إيران من عقد كثيرة. من كان يتصوّر أن محمّد بن سلمان سيقول الكلام الذي قاله في “نيويورك تايمز”، خصوصا عن الإسلام وعن احترام اليهود والمسيحيين وعن أن “خامنئي هتلر جديد في الشرق الأوسط وقد تعلّمنا من أوروبا أن التهدئة لا تفيد. لا نريد من هتلر الجديد في إيران أن يكرّر في الشرق الأوسط ما حلّ في أوروبا”.

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران محمد بن سلمان وسعد الحريري… ولبنان وإيران



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"

GMT 22:30 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يبرر تواصل ليوناردو بونوتشي مع كونتي

GMT 00:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

حقيبة اليد تضيف المزيد من الأناقة للرجل في 2018

GMT 02:50 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

ياسين الصالحي يتمسك بالطرق القانونية للانتقال إلى "الكويت"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab