الانقلاب الأميركي… في فلسطين

الانقلاب الأميركي… في فلسطين!

الانقلاب الأميركي… في فلسطين!

 السعودية اليوم -

الانقلاب الأميركي… في فلسطين

بقلم : خير الله خير الله

في السنة 2017، لن يعود من فارق بين دونالد ترامب وبنيامين نتانياهو. الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي يمتلكان هدفا واحدا يعبر عنه السفير الأميركي الجديد في إسرائيل.

هذا ليس وقت المماحكات الفلسطينية التي لا أفق لها، باستثناء تسخيف قضية شعب يبحث عن حقوقه المشروعة “غير القابلة للتصرّف” والمعترف بها من الأمم المتحدة.

لا بدّ من قول هذا الكلام في وقت تشير عشرات المقالات التي صدرت في الصحف الأميركية أخيرا إلى انقلاب منتظر لإدارة دونالد ترامب على السياسة الأميركية التقليدية تجاه التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

يعطي فكرة واضحة عن هذا الانقلاب، الذي سيكرسّه الدعم الأميركي للاستيطان الإسرائيلي في الضفّة الغربية، تعيين الإدارة الجديدة لديفيد فريدمان سفيرا لها في إسرائيل. هذا ليس حدثا عاديا في ضوء ما يمثّله فريدمان رئيس “جمعية بيت إيل”، وهي مستوطنة تقع قرب رام الله.

في بيت إيل مدرسة للبنات تحمل اسم السفير الأميركي الجديد الذي يعتبر حلّ الدولتين، أي وجود دولة فلسطينية مستقلّة، إلى جانب دولة إسرائيل، مجرد “وهم”. يذهب فريدمان إلى حدّ القول أن السياسة الصحيحة الوحيدة هي تلك التي تقرّرها إسرائيل. يصف اليهود الرافضين للاحتلال الإسرائيلي بأنّهم أشبه باليهود الذي تعاونوا مع هتلر وكانوا يسمّون “كابو”.

لا يشبه الانقلاب المتوقع أن ينفّذه ترامب، الذي بدأ بالاعتراض على قرار ضد الاستيطان كان سيصدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سوى ذلك الذي قام به باراك أوباما الذي تخلّى عن سياسة تقليدية أخرى للولايات المتّحدة تجاه دول الخليج، وانحاز بوقاحة ليس بعدها وقاحة إلى إيران التي عرفت كيف تمارس الابتزاز في ما يخصّ ملفّها النووي.

أكثر من ذلك، ضحّى أوباما بالشعب السوري وبكل القيم الإنسانية من أجل استرضاء إيران. أيّد مشروعها التوسّعي القائم أوّلا وأخيرا على الاستثمار في الغرائز المذهبية في كلّ دولة من دول الخليج، إضافة بالطبع إلى العراق وسوريا واليمن.

منذ نهاية عهد بيل كلينتون في بداية السنة 2001، لم يعد من اهتمام أميركي يذكر بالشرق الأوسط، وذلك على الرغم من أنّ العرب سعوا إلى كسر الحلقة المغلقة التي دخلت فيها التسوية منذ فشل قمّة كامب ديفيد بين بيل كلينتون وياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، وإيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك، صيف السنة 2000.

جاءت غزوتا نيويورك وواشنطن اللتين وقفت خلفهما “القاعدة” بقيادة الإرهابي أسامة بن لادن لتأخذا جورج بوش الابن إلى مكان آخر. كان بوش الابن في بحث دائم عن عذر للابتعاد عن كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بفلسطين. لم تنفع كلّ الجهود المبذولة لإقناع إدارة بوش الابن بأنّ هناك شيئا اسمه قضية الشعب الفلسطيني الذي يحقّ له أن يجد مكانا طبيعيا له على خارطة الشرق الأوسط.

صارت مبادرة السلام العربية، التي كان في أساسها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، (وليّ العهد وقتذاك) والتي أقرّتها قمة بيروت في السنة 2002 في خبر كان بعدما أدارت لها إسرائيل ظهرها، فيما قرّرت الإدارة الأميركية تفادي أي تعاط مع هذا التطور التاريخي الذي كان يمكن أن يوفّر تغطية عربية لتسوية شاملة في المنطقة.

جاء الاجتياح الأميركي للعراق، والزلزال الذي نتج عنه والذي مازالت تداعياته وارتجاجاته تتردّد إلى اليوم، ليغيّر الأولويات العربية في المنطقة. في اليوم الذي قدّمت فيه إدارة بوش الابن العراق على صحن من فضّة إلى إيران، في 2003، لم تعد فلسطين القضية الأولى للعرب. كلّ من يقول عكس ذلك وينادي بتحرير القدس في هذه الأيّام، إنّما يسعى إلى المتاجرة بفلسطين والفلسطينيين لا أكثر.

هناك من يريد أن يضحك على الفلسطينيين واستخدام قضيّتهم للمزايدة على العرب ليس إلا. هذا ما تفعله إيران هذه الأيّام وهذا ما فعله النظام السوري في كلّ وقت من أجل تغطية قمعه للشعب السوري باسم “المقاومة” و”الممانعة”، ولتغطية كونه نظاما أقلّويا يقتات من تسليم مؤسّسه حافظ الأسد الجولان لإسرائيل في العام 1967، عندما كان الأسد الأب لا يزال وزيرا للدفاع.

جاء وقت تغيير أميركا سياستها التقليدية. لا شيء يمنع دونالد ترامب من ذلك. ليس تعيين ديفيد فريدمان سفيرا في إسرائيل وإعلانه صراحة أنّه ينوي نقل السفارة إلى القدس سوى تتويج لتراكمات تجمّعت منذ ما يزيد على ستة عشر عاما أدّت إلى الوصول إلى المرحلة الراهنة التي لم يعد فيها سوى الملك عبدالله الثاني يشدّد، بين حين وآخر، على أهمّية قيام الدولة الفلسطينية المستقلّة وذلك حفاظا على القضية الفلسطينية من جهة، وحماية للأمن الأردني من جهة أخرى.

هناك وعي أردني لخطورة ما يجري في فلسطين. يكشف هذا الوعي كم كان عبدالله الثاني بعيد النظر في توجيه التحذير تلو الآخر من استمرار الجمود، ومن متابعة بنيامين نتانياهو، الذي يمثّل صعود اليمين الإسرائيلي، سياسة الاستيطان.

في السنة 2017، لن يعود من فارق بين دونالد ترامب وبنيامين نتانياهو. الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي يمتلكان هدفا واحدا يعبر عنه السفير الأميركي الجديد في إسرائيل. يتمثّل هذا الهدف في أن الاستيطان أمر طبيعي. هناك أفراد من عائلة ترامب يتبرّعون سنويا لمستوطنة بيت إيل من دون أي عقدة من أيّ نوع كان. بالنسبة إلى هؤلاء لا وجود لشيء اسمه قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الضفّة الغربية والقدس الشرقيّة أرضا محتلّة.

مؤسف أن لا تكون القيادة الفلسطينية أخذت علما بذلك. تتلهى هذه القيادة، كما ظهر من المؤتمر الأخير لحركة “فتح”، بالقشور وتصفية الحسابات ذات الطابع الشخصي مع هذا القيادي “الفتحاوي” أو ذاك.

هذا ليس وقت تصفية الحسابات واختلاق المعارك التي لا أفق لها. هذا وقت استيعاب أن هناك تغييرا في العمق داخل الولايات المتحدة لمصلحة إسرائيل. يشمل هذا التغيير اعتبار احتلال الضفّة الغربية أمرا مشروعا. هناك ضرب بالحائط لكلّ ما تمثّله الشرعية الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن.

هناك بكلّ بساطة رئيس أميركي لا يريد أن يعرف شيئا اسمه فلسطين والقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني المعترف بها من الأمم المتحدة.

ليس لدى العرب الوقت الكافي للاهتمام بهذا الموضوع. ليس لديهم أي وسيلة ضغط على دونالد ترامب. لديهم همّ آخر فرضه التحدّي الإيراني الذي بات يهدّد أمن كل مجتمع عربي. هذا واقع لا مفرّ منه، ولكن هل مسموح للقيادة الفلسطينية التعاطي بروح اللامسؤولية مع هذا التطور الخطير؟

إذا لم يكن لدى هذه القيادة ما تفعله، لتقل ذلك صراحة للفلسطينيين بدل الهرب إلى معارك داخلية لا طائل منها تركزّ على هذا الشخص أو ذاك. هذه معارك لا تؤدي إلى أي نتيجة. إنّها بكل بساطة دليل على إفلاس ليس بعده إفلاس من جهة، وعجز عن مواجهة الهجمة الجديدة على فلسطين من جهة أخرى. يحدث ذلك في وقت قرّرت الولايات المتحدة التي أصبح رئيسها دونالد ترامب الاستسلام لليمين الإسرائيلي لا أكثر ولا أقلّ!

المصدر : صحيفة العرب

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانقلاب الأميركي… في فلسطين الانقلاب الأميركي… في فلسطين



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab