مارين لوبن كشفت فرنسا

مارين لوبن كشفت فرنسا

مارين لوبن كشفت فرنسا

 السعودية اليوم -

مارين لوبن كشفت فرنسا

بقلم : خير الله خير الله

تكشف زيارة مارين لوبن مرشحة اليمين المتطرف الفرنسي للبنان فرنسا. تكشف فرنسا أكثر بكثير مما تكشف لبنان الغارق في همومه، خصوصا أنّ مارين لوبن مرشّحة جدّية للرئاسة الفرنسية. ليس مستبعدا أن تصبح لوبن رئيسة للجمهورية الفرنسية في عالم صار فيه مكان لدونالد ترامب ولخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء، يتبيّن يوميا، أن البريطانيين لم يكن يعرفون، في معظمهم، ما الذي على المحك. لم يكن يعرفون ماذا يعني خروج بريطانيا من أوروبا، وماذا سيترتب على مثل هذا القرار الأحمق.

كان يمكن أن تزور مارين لوبن لبنان من منطلق أنّ هناك حرصا فرنسيا على الوطن الصغير، وعلى مسيحييه ومسلميه في آن، وعلى أن هناك آلاف الفرنسيين من أصل لبنـاني الذين يحقّ لهم التصـويت في فـرنسا. هذا تحصيل حاصل. الفضيحة الكبـرى أن تـأتي مـرشحة “الجبهـة الـوطنية”، التي تمثل حزبا عنصريا معاديا للإسلام والمسلمين ولكـل ما له علاقة بالهجرة إلى فرنسا، للترويج لبشار الأسد بكلّ ما يمثّله، خصوصا على الصعيد اللبناني.

جاءت مارين لوبن إلى لبنان لتخويف اللبنانيين من “داعش”. إنّها تلعب لعبة النظام السوري و“حزب الله” وإيران وروسيا. لا تدري حتّى أن النظام السوري أسوأ من “داعش”، لا لشيء، سوى لأنّه لعب الدور الأساسي في تكوين “داعش”، إضافة إلى أنّ كلّ رهانه على هذا التنظيم.

الذين يعرفون القليل عن لبنان والمنطقة يعون أن “داعش” ليس سوى اختراع للنظام السوري وإيران. من لا يدرك ذلك، إنما يهرب من الواقع والحقائق المتمثلة في إطلاق الإرهابيين المعروفين من سجون النظام السوري كي يشكلوا “داعش”، وآخرين من السجون العراقية في عهد نوري المالكي، كي تكتمل حلقات الخطة التي تستهدف التوصل إلى مرحلة تقول فيها شخصية مثل مارين لوبن أن الخيار الوحيد هو بين “داعش” والأسد الابن.

لا مجال للتفريق بين بشّار الأسد و“داعش”. إنّهما وجهان لعملة واحدة. لا مجال للتخلص من “داعش” ما دام النظام السوري قائما، وما دام هذا النظام يتذرّع بالإرهاب “الداعشي” من أجل ممارسة الإرهاب في سياق الحرب التي يشنّها على الشعب السوري. هذا ما تتجاهله مارين لوبن الباحثة عن شعبية في فرنسا عبر مواقف تتسّم بمقدار كبير من الانتهازية من جهة، والرغبة في القفز فـوق الواقع من جهة أخرى.

كشفت زعيمة “الجبهة الوطنية” فرنسا التي لم تعد فيها شخصية ذات رؤية يمكن الاعتماد عليها للترشّح لرئاسة الجمهورية. كان آلان جوبيه الوحيد القادر على إعادة الاحترام للرئاسة الفرنسية. لم يستطع حتّى أن يكون مرشّح اليمين. هزمه في المرحلة التمهيدية للانتخابات فرنسوا فيّون، رئيس الوزراء في عهد نيكولا ساركوزي الذي تلاحقه الفضائح الواحدة تلو الأخرى. تبيّن لاحقا أن فيون، مثله مثل ساركوزي، ليس سوى سياسي فاسد استخدم مخصصات من الدولة لتنفيع زوجته التي كانت تقبض راتبا من دون ممارسة عمل!

أما إيمانويل ماكرون الذي كان سابقا وزيرا للاقتصاد في عهد فرنسوا هولاند، والذي انفصل عن الحزب الاشتراكي، فقد تبيّن أنّه ليس سوى باحث عن الأضواء عبر كلام مثير من نوع ذلك الذي دان فيه “جرائم فرنسا في الجـزائر”. لا يعي ماكـرون بديهيات تقول أنّ العلاقات الفرنسية – الجزائرية ذات تعقيدات وتشعّبات لا تحصى، وأن ليس في الإمكان ممارسة لعبة جلد الذات في ضوء الكارثة التي حلّت بهذا البلد منذ الاستقلال، أي منذ جلاء الاستعمار الفرنسي…

لا تزال فرص إيمانويل ماكرون في الوصول إلى الرئاسة قويّة على الرغم من هفوته الجزائرية، لكنّ مؤهلاته لا تشير إلى أنّ في استطاعته أن يكون رئيسا استثنائيا لفرنسا.

في غياب الرؤية الواضحة للدور الفرنسي الممكن في أوروبا والعالم والشرق الأوسط، يبحث كلّ مرشّح في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن انتصارات صغيرة تعكس إلى حدّ كبير ما آلت إليه فرنسا في عهد فرنسوا هولاند، وقبله نيكولا ساركوزي. امتلك هولاند مـا يكفي من الذكاء للامتناع عن ترشيح نفسه وخوض معركة خاسرة سلفا.

بدل أن تبحث مارين لوبن عن انتصارات وهمية من خلال رفض وضع منديل على رأسها لدى مقابلة مفتي الجمهورية، الشيخ عبداللطيف دريان، أو الإدلاء بتصريح لمصلحة بشّار الأسد بعدما قابلت الرئيس سعد الحريري، كان عليها أن تكون أكثر عمقا، ولو بقليل، عندما يتعلّق الأمر بفرنسا ولبنان والنظام السوري وتاريخه.

كان يكفي أن تعود لوبن إلى ما ارتكبه النظام السوري في لبنان منذ احتكار حافظ الأسد للسلطة في العام 1970 للتأكد من أن بشّار الأسد “أحد أكبر الإرهابيين” على حد تعبير الدكتور سمير جعجع الذي تحدّث إلى الصحافيين، مباشرة بعد استقباله زعيمة “الجبهة الوطنية”.

تكمن المشكلة في أن لوبن لم تقم بأي جهد يساعدها في فهم طبيعة العلاقات التاريخية بين فرنسا ولبنان والدور السوري الذي استهدف هذه العلاقة مع تركيز خاص على المسيحيين ودورهم وانتشارهم على المساحة الجغرافية للوطن الصغير. كان يُفترض بزعيمة “الجبهة الوطنية” استيعاب أنّ زيارة لبنان ليست مسرحية، بمقدار ما أنّها فرصة كي تعي أن تركيز حافظ الأسد ونجله كان على الانتهاء من النفوذ الفرنسي في لبنان، وإلغاء كلّ من يستطيع العمل على مساعدة البلد. لم تغب في أي لحظة الرغبة الفرنسية في دعم العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في لبنان بعيدا عن أيّ نوع من الطائفية والعنصرية. كانت فرنسا مع نهوض لبنان واستعادة سيادته ومساعدته في مواجهة كل ما من شأنه المسّ بسيادته، أكان مصدر هذا التهديد سوريا أو إسرائيليا.

كان على لوبن أن تتذكر من اغتال السفير الفرنسي في بيروت جان لوي دولامار في أيلول – سبتمبر من العام 1981 كي تمتنع عن الإشادة بالنظام السوري واعتبار بقائه خيارا. في حال تذرعت بأنّ اغتيال السفير دولامار كان في عهد الأب، ماذا عن اغتيال رفيق الحريري، صديق فرنسا والرئيس جاك شيراك، في عهد الأسد الابن؟ ماذا عن اغتيال سمير قصير الذي يحمل أيضا الجنسية الفرنسية ثم جبران تويني وبيار أمين الجميّل اللذين كانا رأس حربة في مواجهة إرهاب النظام السوري والدعوة إلى التعاون الإسلامي ـ المسيحي؟

هذا غيض من فيض ممارسات النظام السوري الذي استغل الوجود الفلسطيني في لبنان ليباشر منذ العام 1975 تهجير أبناء القرى والبلدات المسيحية الموجودة في الأطراف اللبنانية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. ليس بعيدا عن ذلك، ما دور النظام السوري في تهجير أهل الدامور، ماذا عن حصار الأشرفية وزحلة؟ كيف تعاطى النظام السوري مع طرابلس التي جريمتها أنّها مدينة سنّية؟

هل كان جاك شيراك آخر رئيس فرنسي يعرف ما يدور في الشرق الأوسط والعالم، ويعرف تماما ما هو النظام السوري الذي تعتقد مارين لوبن أنه قابل لإعادة التأهيل؟

الجواب نعم كبيرة، خصوصا أنّ شيراك لم يتردد في السعي إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في سوريا قبل أن يكتشف أنّ لا أمل يُرجى من بشّار الأسد وبإعادة تأهيله، وأن الفارق الوحيد بينه وبين أبيه أنّه أقل ذكاء منه بكثير… وأنّ سياسة إلغاء الآخر، بما في ذلك الشعب السوري، لا تزال العنوان الوحيد الذي يرفعه النظام ويعمل في ظلّه.

المصدر : صحيفة العرب

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مارين لوبن كشفت فرنسا مارين لوبن كشفت فرنسا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab