لا فارق إذا رحل ترامب أو بقي

لا فارق إذا رحل ترامب.. أو بقي

لا فارق إذا رحل ترامب.. أو بقي

 السعودية اليوم -

لا فارق إذا رحل ترامب أو بقي

بقلم : خير الله خير الله

ماذا إذا رحل دونالد ترامب عن البيت الأبيض؟ رحل دونالد ترامب أم لم يرحل، لن يتغيّر شيء في أميركا، أقلّه في المدى المنظور، أي في السنوات الأربع المقبلة التي تفصل عن انتهاء ولاية الرئيس الأميركي التي بدأت في شهر كانون الثاني-يناير الماضي.

مناسبة مثل هذا الكلام كون احتمال اضطرار دونالد ترامب إلى ترك الرئاسة أمرا واردا وذلك بعد إقالته جيمس كومي مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (أف. بي. آي) بطريقة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنهّا مهينة للرجل ولا سابق لها، إلّا نادرا، في التاريخ الحديث للولايات المتحدة. في الماضي القريب، أقال بيل كلينتون مدير الـ”أف. بي. آي” لأسباب تتعلّق بسوء تصرّفه، لكنّه لم يذهب إلى حد إهانته. كذلك فعل ريتشار نيكسون، في سبعينات القرن الماضي، عندما أراد أن يحمي نفسه، من دون طائل، من تداعيات “فضيحة ووترغيت”.

يظلّ دونالد ترامب مختلفا في كلّ شيء نظرا إلى أنّه ليس رئيسا تقليديا للولايات المتحدة. جاء إلى البيت الأبيض من عالم آخر، من عالم رجال الأعمال الذي كان فيه شخصا موضع أخذ وردّ طويلين في ضوء صعود ثروته ونزولها مرّات عدّة والاتهامات التي وجّهت إليه بأنّه لم يدفع ضرائبه بالكامل في بعض الأحيان. فوق ذلك كلّه، لم يكن ممكنا في أيّ وقت القول إن دونالد ترامب كان مرشّح الحزب الجمهوري. كان يمكن القول إنّه فرض نفسه على الحزب الجمهوري وجعله يقبل به مرشّحا له في مواجهة هيلاري كلينتون.

هذا لا يعني أن جيمس كومي، الذي كان يستعد لمزيد من التحقيقات يجريها “أف. بي. آي” في علاقات ترامب ومعاونيه مع الشخصيات الروسية، لم يكن شخصا غريبا أيضا. استغرب الرئيس الأميركي إعادة إثارة موضوع العلاقة مع الروس بعدما أكد له كومي “ثلاث مرات” أن لا شيء يمكن ملاحقته عليه بسببه. هذا ما حرص ترامب على إيراده صراحة في رسالة طرد مدير “أف. بي. آي” وكأنّه يريد القول إنّه ليس مستعدا للدخول في لعبة ذهبت هيلاري كلينتون ضحيّتها في تشرين الثاني-نوفمبر الماضي.

في صيف العام الماضي، قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية أعلن كومي إقفال ملفّ البريد الإلكتروني الخاص بالمرشّحة الديمقراطية. كانت هناك مآخذ على هيلاري كلينتون بسبب استخدامها بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلات ذات طابع بالغ السرّية والحساسية عندما كانت وزيرة للخارجية في السنوات الأربع الأولى من عهد باراك أوباما (2008-2012).

كان من شأن متابعة التحقيق في هذه القضيّة أن يثير متاعب كثيرة لهيلاري التي اعتبرت في مرحلة معيّنة أن البريد الإلكتروني الخاص بها صار ملفّا مطويّا. فجأة، قبل أيّام قليلة من يوم الانتخابات، خرج مدير “أف. بي. آي” بتصريح جديد يؤكّد فيه العودة إلى فتح ملفّ القضية. لم يحدث مثل هذا الأمر في الولايات المتحدة سابقا. لم يسبق لمدير “أف. بي. آي” أن تدخلّ بهذه الطريقة الفجّة في انتخابات الرئاسة أو في أيّ انتخابات أخرى.

لا يستطيع ترامب وضع نفسه ورئاسته تحت رحمة شخص لا تمكن السيطرة عليه، قد تكون له حسابات خاصة به مثل جيمس كومي. لذلك لم يكن لديه من خيار آخر سوى التخلّص منه كي يكون عبرة لغيره من كبار الموظفين أيضا.

هذا لا يعني أن القضية انتهت. على العكس من ذلك، يمكن أن تكون بداية النهاية لترامب في حال أصرّ أعداؤه الكثر، بمن في ذلك الصحافة الأميركية، على متابعتها ومعرفة ما كان يمكن لمكتب التحقيق الفيدرالي كشفه. كلّ شيء بات واردا في الولايات المتّحدة، القوّة العظمى الوحيدة في العالم بعدما صار دونالد ترامب رئيسا للجمهورية.

ثمة جانب آخر للموضوع لا يمكن إلّا التوقّف عنده. يتمثّل هذا الجانب في أنّ هناك سياسة أرستها الأيام المئة الأولى من عهد ترامب. تقوم هذه السياسة على شخصيات فرضت نفسها، خصوصا بعد خروج مايكل فلين من موقع مستشار الأمن القومي وتقليص دور ستيف بانون في المجلس. هناك بكلّ بساطة شخصيات باتت عماد عهد ترامب، بقي في البيت الأبيض أم لم يبق فيه. ما يجمع بين هذه الشخصيات هو إعجابها الشديد برونالد ريغان الرئيس الأميركي الذي وضع الأسس لنهاية الحرب الباردة لمصلحة الولايات المتحدة من جهة ومعرفتها بالشرق الأوسط والخليج من جهة أخرى.

هناك أوّلا نائب رئيس الجمهورية مايك بنس الذي سيحل مكان ترامب في حال عزل الرئيس لسبب ما قد يكون مرتبطا بخطأ، ربّما ارتكبه في مجال العلاقة بروسيا، وكان سيكشفه أي تحقيق يقوم به مكتب التحقيق الفيدرالي. لا يمكن الاستخفاف ببنس الذي يتبع سياسة محافظة وهو معروف بتدينّه بعدما التحق بالكنيسة الإنجيلية وتركه الكاثوليكية. لم يتردد نائب الرئيس الأميركي في تأكيد تمسّك الولايات المتحدة بحلف الأطلسي (ناتو) بعدما كان ترامب اعتبر أن الحلف صار من الماضي وأن الزمن تجاوزه.

بشكل عام، هناك فهم لدى الشخصيات التي باتت تهيمن على القرار الأميركي لخطورة المشروع التوسّعي الإيراني واستيعاب للدور الذي تلعبه إيران على صعيد ضرب الاستقرار في الشرق الوسط انطلاقا من العراق. من بين هذه الشخصيات وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر ووزير الأمن الداخلي الجنرال جون كيلي. يضاف إلى هؤلاء وزير الخارجية ركس تيلرسون الذي يعرف جيدا كيف التعامل مع روسيا وما هو الحجم الحقيقي لروسيا مذ كان رئيسا لشركة “إكزون موبيل” العملاقة بين 2006 و2016.

مثل هذا الفهم والاستيعاب لن يرحلا عن البيت الأبيض في حال رحيل ترامب عنه. صارا سياسة ثابتة من بين مقوماتها التعاون في العمق مع الحلفاء التقليديين لأميركا في الشرق الأوسط.

ليس سرّا أن ترامب سيستقبل بعد أيّام في البيت الأبيض الشيخ محمّد بن زايد وليّ العهد في أبو ظبي. سيلتقي لاحقا مجموعة من القادة العرب والإسلاميين في المملكة العربية السعودية، على رأسهم الملك سلمان بن عبدالعزيز وذلك بغية تأكيد وجود مصالح مشتركة وعلاقات استراتيجية بين الولايات المتحدة ومنطقتي الشرق الأوسط والخليج.

في الإمكان القول، بكلّ راحة ضمير إن أميركا تخلّصت بالفعل من العقد التي عانى منها باراك أوباما الذي لم يمتلك حدّا أدنى من المنطق يسمح له بالمحافظة على حلفاء بلاده في الشرق الأوسط والخليج وشمال أفريقيا. هناك بكلّ بساطة أميركا جديدة ذات سياسة مختلفة ليست مرتبطة بشخص دونالد ترامب بمقدار ما أنّها مرتبطة بمجموعة معيّنة وضعت نصب عينيها العودة إلى أيّام ما بعد انتهاء الحرب الباردة، مطلع تسعينات القرن الماضي، من دون تجاهل المقدّمات التي أوصلت إلى نهاية الاتحاد السوفييتي في عهد رونالد ريغان.

في النهاية، إن أميركا هي التي خرجت منتصرة من الحرب الباردة وليس أحد غيرها. لم تخرج منتصرة من تلك الحرب، التي استمرّت خمسة وأربعين عاما، لتهدي الانتصار لروسيا فلاديمير بوتين أو لإيران الخمينية..

المصدر : صحيفة العرب

arabstoday

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:50 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

المغرب وحقوق الإنسان... انتصار طبيعي

GMT 16:04 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

البُعد الإيراني للتصرفات الحوثيّة

GMT 10:41 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

حرب من دون أفق سياسي

GMT 09:01 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

إيران تدخل لبنان حرباً معروفة النتائج!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا فارق إذا رحل ترامب أو بقي لا فارق إذا رحل ترامب أو بقي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab