لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني

لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني

لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني

 السعودية اليوم -

لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني

بقلم : خيرالله خيرالله

إيران تستطيع التعلم من تجربة عمرها ثلاثون عاما. في مثل هذه الأيام من العام 1988 قرر آية الله الخميني تناول "كأس السم". أوقف حربا مع العراق استمرت ثماني سنوات. جعلت الواقعية السياسية الخميني يتخذ وقتذاك مثل هذا القرار الصعب.

أمام إيران طريقان للرد على العقوبات الأميركية. يتمثّل الطريق الأوّل في القبول بالواقع الجديد والرهان على إمكان عقد صفقة مع إدارة دونالد ترامب. هذا الطريق لن يكون متاحا إلاّ عبر حوار صريح من دون شروط مسبقة وفي ظلّ المباشرة في تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة التي يبدو أنّها بدأت تفعل فعلها.

الطريق الآخر هو طريق التصعيد. وهذا يعني استخدام إيران لأوراقها في العراق وسوريا ولبنان واليمن… وكأنه لا يكفي ما لحق بهذه الدول وشعوبها من أضرار ودمار وبؤس ومصائب بسبب المشروع التوسعي الإيراني والاستثمار الخطير في إثارة الغرائز المذهبية.

لا وجود لأي معنى سياسي للكلام الإيراني عن رفض أي حوار مع واشنطن في ظل العقوبات الأميركية. لولا العقوبات التي دخلت حيّز التنفيذ في الأيّام القليلة الماضية، لما كان هناك أصلا أي كلام إيراني عن حوار أو حتّى رغبة في الحوار. كلّ ما كان مطلوبا، إيرانيا، من إدارة ترامب، في مرحلة ما قبل العقوبات، هو التصرّف على طريقة إدارة باراك أوباما. لسوء حظ إيران، تغيّرت الإدارة في واشنطن.

إلى إشعار آخر، ترامب ليس أوباما. قد يتبيّن في النهاية أنّه أسوأ منه، لكنه شخص مختلف كلّيا عنه. لم يعد هناك في واشنطن من يعتقد أن الملفّ النووي الإيراني يختزل كل مشاكل الشرق الأوسط وأزماته وأن دفع كلّ الأثمان المطلوبة من أجل التطبيع مع إيران هدف بحدّ ذاته.

لم يعد هناك في واشنطن من هو مستعد لاسترضاء إيران بأيّ شكل وبأيّ ثمن من أجل الوصول إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي. هناك إدارة قررت الانسحاب من الاتفاق المتعلّق بالملف النووي الإيراني من منطلق أنّه “الأسوأ” بين كل الاتفاقات التي توصلت إليها أميركا في يوم من الأيّام.

باختصار شديد، ثمة واقع جديد ليس في استطاعة إيران تغييره. في إطار هذا الواقع، لم يعد الجانب الأميركي مستعدا للتغاضي عن التصرفات الإيرانية خصوصا في سوريا حيث كانت إيران وميليشياتها المذهبية تسرح وتمرح إلى أن جاء من يقول لها إن عليها الابتعاد خمسة وثمانين كيلومترا عن الجنوب السوري، فإذا بها تبتعد مئة كيلومتر.

الأكيد أنّه لا يزال هناك وجود إيراني في الجنوب السوري وفي دمشق نفسها، لكنّ هذا الوجود لم يعد مكشوفا كما في الماضي. صار على الإيرانيين والتابعين لهم التخفي خلف بزّات الجيش السوري والألوية التابعة لبشّار الأسد.

هناك مرحلة جديدة أطلّت برأسها في اليوم الذي أعلن فيه ترامب في أيّار – مايو الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي تاركا للأوروبيين تقليع شوكهم بيدهم وللروس البحث عن كيفية الوصول معه إلى صيغة تفاهم تتعلق بكيفية معالجة الوجود الإيراني في الداخل السوري.

كيف ستتعاطى إيران مع هذه المعطيات الجديدة التي ترافقت مع تدهور سعر صرف الريال الإيراني من جهة وتذمر اجتماعي على كلّ المستويات من جهة أخرى؟

يفترض ألاّ يشكل الاستسلام للولايات المتحدة عقدة في العام 2018 وذلك بعد سابقة الاستسلام أمام العراق. لا عيب في توفير حدّ أدنى من الرفاه للشعب الإيراني، الذي يطمح إلى العيش بأمان والاستفادة من ثروات بلاده مثله مثل بقية شعوب العالم المتحضر

تستطيع إيران التعلّم من تجربة عمرها ثلاثون عاما. في مثل هذه الأيّام من العام 1988 قرّر آية الله الخميني تناول “كأس السم”. أوقف حربا مع العراق استمرّت ثماني سنوات. جعلت الواقعية السياسية الخميني يتخذ وقتذاك مثل هذا القرار الصعب الذي كان معناه هزيمة إيرانية وشبه انتصار للعراق في الحرب المكلفة التي خاضها الجانبان وكلفت مئات الآلاف من القتلى والمعوقين وخراب مدن بكاملها ومليارات الدولارات. كانت النتيجة وصول الجانبين إلى طريق مسدود.

كانت حربا عبثية، اللهمّ إلاّ إذا استثنينا أن العراق منع بتلك الكلفة الضخمة اجتياحا إيرانيا أيديولوجيا لأراضيه، وهو اجتياح ما لبث أن تحقّق بفضل الأميركيين في العام 2003. 

في تلك السنة، دخل قادة الميليشيات المذهبية العراقية، الذين حاربوا العراق وجيشه، إلى بغداد على دبابة أميركية وأعلنوا انتصارهم على البلد الذي يفترض أنّهم ينتمون إليه.

ما الذي يمنع القادة الإيرانيين الحاليين، على رأسهم “المرشد” علي خامنئي من أن يحذوا حذو الخميني الذي استطاع في النهاية الانتقام من العراق وهو في قبره. استطاع ذلك بعد المغامرة المجنونة التي ارتكبها صدّام حسين باحتلاله الكويت في آب - أغسطس من العام 1990، فاتحا الأبواب على مصراعيها أمام انهيار العراق وصولا إلى الوضع الذي وصل إليه اليوم.

استسلم مؤسس “الجمهورية الإسلامية” في إيران أمام العراق بعد القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بوقف الحرب العراقية – الإيرانية. كان كافيا أن يسقط صاروخ انطلق بـ”الخطأ” من قطعة حربية أميركية هي “فينسينز” طائرة ركاب إيرانية من طراز “إيرباص” فوق مياه الخليج كيف تصل الرسالة إلى طهران.

فحوى الرسالة أن إيران تستطيع تحقيق انتصارات على العراق والاستفادة إلى حد كبير من الأخطاء السياسية التي يرتكبها شخص مثل صدّام حسين لا يعرف الكثير عن موازين القوى الإقليمية والدولية، لكنّها لا تستطيع الدخول في أي مواجهة مباشرة من أيّ نوع مع أميركا. هذا ما استوعبه الخميني، الذي غطّى حصول إيران على أسلحة إسرائيلية في حربها مع العراق، استيعابا جيّدا.

لماذا لا يسير خامنئي على خطى الخميني؟ لماذا لا يقلّده؟ ليس عيبا الاستسلام أمام قوة كبرى مثل الولايات المتحدة. سبق لألمانيا أن فعلت ذلك، كذلك اليابان. في النهاية، يبقى ترامب رجل صفقات. يمكن لإيران أن تراهن على صفقة ما معه وذلك قبل أن تؤدي العقوبات الأميركية التي ستدخل في تشرين الثاني – نوفمبر المقبل إلى نتائج أكثر خطورة في الداخل الإيراني نفسه؟

المسألة مسألة وقت فقط قبل أن نكتشف ما إذا كانت إيران ستعتمد الواقعية التي مهّد لها الخميني قبل ثلاثين عاما… أم ستسير في التصعيد، أي في اعتبار العراق وسوريا ولبنان واليمن، وحتّى قطاع غزّة، “ساحات”.

يمكن استخدام هذه “الساحات” إمّا للتحايل على العقوبات الأميركية وتجاوزها وإمّا لخلق حروب تعتقد إيران أنّها تؤذي الأميركيين. لن يخرج مثل هذا الطريق الشائك إيران من أزمتها، التي هي أزمة داخلية قبل أيّ شيء آخر، لا خلق مشاكل كبيرة في العراق ولا تعطيل تشكيل حكومة في لبنان ولا التحرش بـ”القوة الدولية” في جنوب لبنان، كما حصل قبل بضعة أيّام، ولا تنفيذ انسحاب ملغوم من الجنوب السوري… ولا التهديد بتعطيل الملاحة في البحر الأحمر أو إغلاق باب المندب أو مضيق هرمز.

يفترض ألاّ يشكل الاستسلام للولايات المتحدة عقدة في العام 2018 وذلك بعد سابقة الاستسلام أمام العراق. لا عيب في توفير حدّ أدنى من الرفاه للشعب الإيراني، الذي يطمح إلى العيش بأمان والاستفادة من ثروات بلاده مثله مثل بقية شعوب العالم المتحضر، بدل خوض مغامرات خارجية لا فائدة منها لا تخدم في نهاية المطاف سوى إسرائيل.

تحوّلت إسرائيل بفضل ما قامت به إيران في سوريا إلى اللاعب الأساسي والمحوري فيها في ضوء التحالف الذي يجمعها بكل من روسيا وإدارة ترامب. هذا واقع آخر لا بد لإيران من إدراك 

أن لا مفرّ من الاعتراف به أيضا!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

المصدر: جريدة العرب

arabstoday

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

GMT 11:46 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

تدخلات غير مقبولة!

GMT 11:41 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

اقرأوا وجه الرجل!

GMT 11:34 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني لماذا لا يقلّد خامنئي… الخُميني



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين

GMT 11:59 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 18:43 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

طريقة ترتيب السفرة في الدعوات الرسمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab