بشّار… وتطويع الدروز

بشّار… وتطويع الدروز

بشّار… وتطويع الدروز

 السعودية اليوم -

بشّار… وتطويع الدروز

بقلم : خير الله خير الله

في السياسة، لا وجود لهدايا من أجل الهدايا. إذا كان بشّار الأسد يريد البقاء في دمشق، عليه أن يدفع الثمن. لا بدّ من دفع الثمن بعيدا عن أي نوع من التذاكي مثل دفع “داعش”، الذي يتبيّن كلّ يوم أكثر أنّه أداة لدى النظام السوري وإيران، إلى ارتكاب مجازر في حق دروز سوريا.

الأمل كبير في ألّا يقع دروز سوريا، والدروز عموما، في الفخّ الذي ينصبه لهم الإيرانيون والنظام السوري، عبر “داعش” وأن يتذكروا أن الهدف من مجزرة السويداء الأخيرة هو دفعهم إلى الانضمام إلى القوات التابعة لبشّار والتي تعاني حاليا من نقص كبير في العدد والقوى البشرية.

تكمن قوّة الدروز في أنهم يعرفون دائما الدفاع عن أرضهم بصلابة، وليس في المشاركة في غزوات في مناطق بعيدة مثل إدلب إرضاء لرئيس النظام والإيرانيين والروس.

 من المفارقات العجيبة الغريبة أن الوفد الروسي الذي تفاوض مع وُجهاء السويداء أخيرا، وبين هؤلاء “رجال الكرامة”، حذّر من عواقب عدم انضمام الشباب الدرزي إلى الألوية التي لا تزال موالية للنظام.

يُفترض ألّا تغيب الصورة الكبرى لما يدور في سوريا عن أحد، خصوصا بعد الذي حصل في السويداء وذلك الظهور المفاجئ لـ”داعش” كي يستخدم في إخضاع دروز سوريا الذين اتخذوا مواقف في غاية الحكمة منذ اندلاع الثورة في العام 2011. تتلخص هذه المواقف في رفض أكثرية الدروز الخدمة العسكرية خارج المناطق الدرزية. معروف تماما لدى الدروز ماذا يعني الاعتداء على الآخر في بلد الأكثرية الساحقة من مواطنيه من السنّة.

تقول الصورة الكبرى إنه بات واضحا أن الثمن المطلوب من بشّار، كي يبقى في دمشق، صار إسرائيليا. هناك استعداد لدى حكومة بنيامين نتنياهو لتفهّم العجز الروسي عن إخراج إيران من كلّ سوريا.

 لذلك هناك قبول بأن يتمركز الإيرانيون وتوابعهم من الميليشيات المذهبية على بعد مئة كيلومتر من خط وقف النار بين سوريا وإسرائيل في الجولان.

مسافة المئة كيلومتر هذه التي تجعل الإيرانيين خارج دمشق، وهذا ما يرضي الروس، ليست كافية لإسرائيل. إذا كان الإيرانيون يريدون البقاء مع ميليشياتهم في الأراضي السورية، عليهم التخلي عن الصواريخ البعيدة المدى وعن مصانع هذه الصواريخ، كما عليهم التخلي عن المعابر التي أقاموها بين سوريا والعراق وسوريا ولبنان.

هناك ترسيم جديد لإطار اللعبة الدائرة في سوريا. وراء ترسيم الإطار، تقف إسرائيل بالتفاهم مع روسيا. ما يظهر بوضوح أنّ الحلف الأقوى والأكثر عمقا في المنطقة هو الحلف الروسي- الإسرائيلي الذي انضمّ إليه الأميركي. ليس سرّا أن إدارة دونالد ترامب غير مستعدة لرفض أيّ طلب إسرائيلي. ما يدلّ على ذلك موقفها من الفلسطينيين ومشروعهم الوطني وإصرارها على نقل السفارة الأميركية إلى القدس ضاربة بالحائط كلّ قرارات الشرعية الدولية.

هل يمكن الرهان على قبول بشّار الأسد بالشروط الإسرائيلية التي تعني، في نهاية المطاف، إقدامه على خيار واضح هو بين أن يكون إسرائيليا أو إيرانيا؟

يكتشف من يتابع مسيرة الأسد الابن منذ ما قبل خلافته لوالده في مثل هذه الأيّام من العام 2000، أن الرجل وضع نفسه في المركب الإيراني. كانت كلّ الرهانات العربية على انتزاع بشّار من إيران رهانات فاشلة.

ترافقت الرهانات العربية مع رهانات فرنسية قام بها الرئيس جاك شيراك الذي استقبل “وليّ العهد” السوري، كرئيس دولة، في الإليزيه قبل أن يصبح بشّار رئيسا. لم تنفع كلّ المحاولات الفرنسية، لا في تحويل بشّار إلى رجل دولة عصري، ولا في تقديم كلّ الخدمات المطلوبة من أجل تحسين وضع الإدارة السورية وتحديثها.

ليس سرّا أنّ المملكة العربية السعودية لعبت دورا محوريا في إبقاء الاقتصاد السوري على رجليه لدى وفاة حافظ الأسد. دعمت المملكة الليرة السورية ومنعتها من الانهيار.

 لم تنجح أي محاولة عربية أو أوروبية من أجل جعل بشّار الأسد رئيسا عربيا طبيعيا يهتمّ ببلده، ويعوّض عن الفرص الضائعة التي لم يعرف والده استغلالها، بما في ذلك فرصة استعادة الجولان المحتلّ.

كانت نقطة التحوّل لدى من كان لا يزال لديه أي وهم بالنسبة إلى إخراج بشّار من الأسر الإيراني، الموقف الذي اتخذه الرجل من القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن خريف العام 2004، والذي يدعو إلى الامتناع عن تمديد ولاية الرئيس اللبناني إميل لحود. تحدّى رئيس النظام السوري المجتمع الدولي وأصرّ على التمديد بعد توجيه تهديد مباشر إلى رفيق الحريري الذي قبل بالتمديد مرغما، وما لبث رفيق الحريري أن دفع ثمن حقد بشّار والإيرانيين عليه.

حتّى بعد اغتيال رفيق الحريري، حصلت محاولات عدة لإعادة تعويم بشّار. كانت هناك محاولة بذلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أتى بسعد الحريري إلى دمشق، ثم اصطحب رئيس النظام السوري إلى بيروت وذلك في إطار مصالحة شاملة على خلفية فكّ الارتباط بين بشّار وإيران.

لم ينفع ذلك كلّه. كلّ ما في الأمر أن قطر دخلت في الوقت ذاته على خط دعم رئيس النظام السوري، نكاية بالسعودية ليس إلا، وفتحت له أبواب باريس عن طريق الرئيس نيكولا ساركوزي الذي كان مساعده كلود غيان على علاقة وثيقة بالدوحة.

ما حدث في السويداء مهمّ جدا. هناك عملية مكشوفة تستهدف تطويع دروز سوريا. تشارك في هذه العملية روسيا وإيران والنظام السوري. أداة عملية التطويع هذه “داعش”.

لكن يبقى الأهمّ من ذلك كلّه، هل في الإمكان الرهان على خروج بشّار الأسد من تحت الوصاية الإيرانية؟ الأكيد أن المعنى الحقيقي لإبعاد الإيرانيين مئة كيلومتر عن خط وقف النار في الجولان يتمثل في جعل دمشق خالية من النفوذ الإيراني.عندئذ يصبح قرار بشّار روسيا صرفا. هذا هو البعد الأساسي للشروط الإسرائيلية التي يستحيل على رئيس النظام السوري تنفيذها. ستظهر الأيّام المقبلة ذلك.

سيتبيّن أن كلّ الكلام عن إحياء اتفاق فك الاشتباك للعام 1974 في الجولان سيستخدم في سياق عملية تغطية للوجود الإيراني في سوريا. سيتبيّن أيضا مع مرور الوقت أن الثابت الآخر في الشرق الأوسط هو الحلف الإسرائيلي- الروسي، والحلف بين النظام السوري وإيران.

ما يمكن أن يتغير مرتبط إلى حدّ كبير بجدّية المواجهة بين إدارة دونالد ترامب وطهران. إلى أي حدّ سيذهب الرئيس الأميركي في مشروعه الهادف إلى تغيير النظام في طهران؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه.

في انتظار الجواب الذي قد يطول الحصول عليه، سيظل بشّار الأسد يناور ويناور متجاهلا أنّه ليس أسير إيران فقط، بل هو أسير دمشق أيضا. لا يمكن له أن يخرجه من أسره هذا اللجوء إلى “داعش” وانتحارييها من أجل إجبار الشباب الدروز على الانضمام إلى المشاركة في حروب خارج أرضهم.

المصدر: العرب
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

GMT 11:46 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

تدخلات غير مقبولة!

GMT 11:41 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

اقرأوا وجه الرجل!

GMT 11:34 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشّار… وتطويع الدروز بشّار… وتطويع الدروز



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين

GMT 11:59 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 18:43 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

طريقة ترتيب السفرة في الدعوات الرسمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab