ولبنان أيضاً لن ينجو

ولبنان أيضاً لن ينجو

ولبنان أيضاً لن ينجو

 السعودية اليوم -

ولبنان أيضاً لن ينجو

حازم صاغية

ننسى أحياناً أنّ «العائدين من العراق» سبق أن تسبّبوا بأزمات أمنيّة وسياسيّة واجتماعيّة كبرى في لبنان. وكانت مواجهة نهر البارد في 2007 أكبر تلك الأزمات من غير أن تقتصر عليها. وعلى خلفيّة الحقيقة هذه، لنا أن نتساءل اليوم: أيّة مشاكل سيفجّرها «العائدون من سوريّة والعراق» بعد حرب يُتوقّع، كما تشير الوقائع وكذلك السوابق، أن تكون طويلة ومتشعّبة وعصيّة على الحسم.

فالضرب من الجوّ لا ينهي حرباً، بل يطيل أمدها ويوسّع رقعتها، فيما وجود «البيئة الحاضنة» في لبنان قابل أن يتوسّع (راجع تحقيق حازم الأمين عن طرابلس، الأحد الماضي، في «الحياة»). وما دمنا نذكّر بتجارب من الماضي فكثير التجارب يقول إنّ القضاء على الإرهاب يستدعي «بيئات حاضنة» لمناهضة الإرهاب، تكون وطنيّة ومتماسكة ونشطة، وراديكاليّة في رفضها الاستبداد والتأخّر سواء بسواء. وهذا غير متوافر، لا في لبنان ولا في سواه من بلدان المنطقة.

وليس ثمّة ضامن، فيما تتطاول الحرب في سوريّة والعراق، وفيما يتناثر البَلدان وربّما بلـــدان أخـــرى قد تُصلى بنار الحرب، أن يبقى لبنان آمناً، خصوصاً أنّ آثاراً كثيرة ستصيبه من جرّائها، وهي ستصيبه أكثر في ظلّ إزاحة الحدود التي افتتحها «حزب الله» غير هيّاب، قبل أن يستكملها خصومه الذين لاقوه ويلاقونه في سوريّة وربّما في العراق أيضاً.

ولا نضيف جديداً، ووراءنا تجربة «الصحوات» في بلاد الرافدين، إذا افترضنا أنّ هذه الحرب ستوقظ نعرات محلّيّة وجهويّة وعشائريّة تستدعي مكافحةُ «داعش»، بالطريقة المعمول بها، إيقاظَها. وغنيّ عن القول إنّ تجديد الانبعاث العصبيّ في المنطقة، على أنواعه، لن يُترجم في لبنان إلاّ شحذاً لعصبيّاته المستنفرة وتعزيزاً لها بمزيد من النصال.

وطبعاً فإنّ إيران و «حزب الله» ونظام بشّار الأسد سيجدون جميعاً في مصلحتهم إطالة هذه الحرب، أي إطالة عمر «داعش» تالياً، ما دام أنّهم استُبعدوا منها. فهم مستعدّون لأن يتقدّموا الصفوف الأميركيّة في الاجتثاث الموعود لـ «داعش»، فإذا لفظتهم واشنطن وحلفاؤها، كما حصل، اكتشفوا أنّ «داعش» إيّاها صناعة أميركيّة!

وهذا الوضع الرديء كلّه ينضاف، بطبيعة الحال، إلى حال الانقسام اللبنانيّ المتفجّر منذ 2005، وإلى أنّ البلد العاجز عن إغراء بنيه باللبنانيّة، بوصفها الردّ على المشاريع الطائفيّة، يوفّر اليوم ردّاً سنّيّاً على الشيعة مثلما وفّر بالأمس ردّاً شيعيّاً على السنّة والمسيحيّين. والباب مفتوح على مصراعيه للردود المحتقنة والمغالية هذه.

ولبنان خصوصاً، وأكثر من سواه، لا يستطيع أن يعيش في ظلّ حروب كهذه ووسط قضايا موصوفة بالمصيريّة كتلك. فنحن راهناً لسنا أمام مهاترة أبرشيّة كتلك حفّت بأقوال المطران مبارك وأفعاله في الأربعينات، ولا إزاء جولة كجولات 1958 بين البسطة والجمّيزة، ولا حتّى حيال حرب أخرى كحرب السنتين.

فالبلد الذي ولد كي يعيش بالحدّ الأدنى من القضايا والحدّ الأقصى من الإجماع، تثقل عليه القضايا وهي في حدّها الأقصى والإجماعات وهي في درجتها الصفر.

في هذا المعنى، فإنّ احتمالات الإمارات الإسلاميّة هنا أو هناك قائمة، واحتمالات ألاّ يصمد الجيش «الموحّد» أمام تعاظم الانشقاق في المجتمع قائمة أيضاً. ما ليس قائماً، إلاّ إذا كنّا من أنصار المعجزات، هو احتمال أن ينجو لبنان.

 

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولبنان أيضاً لن ينجو ولبنان أيضاً لن ينجو



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab