علويو المعارضة السورية

علويو المعارضة السورية

علويو المعارضة السورية

 السعودية اليوم -

علويو المعارضة السورية

بقلم : حازم صاغية

كلما حملت الأخبار السورية خبراً عن معارض وُلد علوياً، ظهرت أصوات تشكك أو تعترض أو تكشف مؤامرة ما، أو مصلحة ما تقيم وراء هذا الاسم وتوجه صاحبه. هكذا تفيض وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون بكمٍّ من الوحل يجرف، في ما يجرف، ما تبقى من براءة لا تزال تستبعد الطائفية عن الاجتماع والثورة السوريين.

وفي عرف المشككين هؤلاء، يغدو العلوي محكوماً بحتمية أو بقدَر لا يسعه، وهو مسكونٌ به، أن يتزحزح أنملةً عنه. ولئن أفسحت الحتمية الطبقية مكاناً، ولو ضيقاً، لمن «يخون طبقته»، فإن الحتمية الطائفية تُعدم وجود العلوي الذي «يخون طائفته»، أو مجرد افتراض ذلك.

والحق أن الذين ينفون هذا الاحتمال عن سواهم إنما يعكسون تماهيهم العميق مع طائفتهم هم. فلأنه يستحيل على هؤلاء أن يخونوا طائفتهم، استحال افتراض مثل هذه الخيانة في الآخرين. وإذ لا يُخفي هؤلاء تماهيهم هذا، بل يرفعونه دليلاً شاملاً للحياة والسياسة، فإنهم يصرون على وجود فارق نوعي بين التماهيين: ذاك أن أحدهما ينضح بالحق والخير والجمال، فيما الثاني، المنسوب زوراً إلى سواهم، لا يعتصم، تعريفاً وجوهراً، بغير حبل الشر.

ولأن الطائفية بطبيعتها احتكارية للفضائل، فضلاً عن الثروات، فمن أكثر ما تسعى إلى احتكاره الاستضحاء، ذاك أننا «وحدنا»، وبالخير الذي «فينا»، ضحايا الأسد، فيما أنتم، المجبولون بالإثم، لا تقيمون إلا في القطب الآخر للعلاقة، بوصفكم جلادين.

وهؤلاء لا يدركون كم أنهم صنيعة الأسد ومصنوعوه، يحملونه في دواخلهم مثالاً يريدونه لذواتهم، فلا يظفرون منه إلا بأجزاء ونُتف مكسرة. بهذا تراهم يهبطون حتى عن مثاله الهابط، على ما فعل أنداد لهم في العراق ممن عُرفوا بالمعارضين الشيعة وانتهوا صدّامات صغاراً من دون أن يكونوا هم من أطاح صدام.

ورؤية للعالم كهذه هي، بطبيعة الحال، عرس آخر من أعراس الزواج المألوف بين التعصب والخرافة، حيث يُستجدى التغيير والأمل من أطراف كـ «النصرة» و «داعش»، أو من رفات صدام لمجرد كونهم سنة. إلا أن تلك الرؤية، في ما خص الثورة السورية، إن بوصفها روايةً أو بوصفها مثالاً، تقدم نسخة «داعشية» عنها، نسخةً لا يطمح بشار الأسد إلى ما هو أنفع منها.

فما جرى وما يجري هو، وفقاً للتأويل هذا، صراع طائفي محض أو حرب أديان ومذاهب ليس إلا. وفي حرب كمثل هذه، نكون «كلنا» ضد «كلهم»، فإذا ما انضم «إلينا» وافد «منهم» كان «علينا» أن نلفظه ونعمل على رده إلى المكان الذي صدر عنه. ذاك أن هذا الصراع، كما يراه أصحاب التأويل المذكور، ليس سياسياً، ولا يتطلب بالتالي توسيع جبهة الحلفاء والأصدقاء. إنه -على العكس- صراع ماهوي يحافظ كل طرف فيه على نقاء صورته، المستمدة من صورة طائفته، بحيث لا تختلط الصور ولا يرتبك التحليل. أما ما يُراد بناؤه فليس وطناً ودولة مشتركين، بل حرب «مشتركة»، أي حرب أهلية مفتوحة، تستدعي أن يبقوا «هم» متراصين هناك ونبقى «نحن» متراصين هنا.

وهذا إنما يُهدي جميع العلويين، بل جميع غير السنة، للأسد بقدر ما يتيح له القول إنه إنما يقاتل المتعصبين. وهو ما لم يكف الأسد عن قوله وفعله، ولو مُعززاً بمتعصبين آخرين من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان.

وفي الأحوال جميعاً، إذا صح أن ضعف الدور العلوي في الثورة شهادة على طائفة نجح النظام في تخويفها واستنفار مشاعرها الأقلية، فإن الضعف ذاته شهادة لغير مصلحة الثورة التي لم تنجح في تبديد تلك المخاوف. والأمور ينبغي أن تُرى دوماً بعينين اثنتين أُعطيتا لنا.

arabstoday

GMT 09:50 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

في وداع «الإطفائي الأخير»

GMT 06:44 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

القاتل الجديد ليس القاتل الكبير

GMT 05:13 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

هما فعلاها... فهل أنتم فاعلون؟!

GMT 11:06 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

“تلبيس الطواقي” لم يعد كافيا.. حان موعد دفع الاستحقاقات!

GMT 15:05 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رسائل تضيء الطريق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علويو المعارضة السورية علويو المعارضة السورية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab