سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة

سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة

سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة

 السعودية اليوم -

سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة

حازم صاغية

لطالما قيل إنّ الجيشين السوريّ والعراقيّ من بين أقوى جيوش العرب. والقول هذا، وقد أخذ به بعض الإعلام الغربيّ وعمل على تضخيمه، جانبه الصواب ويجانبه، إذ إن الحروب التي امتحنت هذين الجيشين لم تزكّ تقييماً كهذا. وهنا لا داعي لإعادة استعراض المحطّات الكبرى التي أظهر فيها الجيشان أنّهما من أضعف الجيوش وأشدّها قابليّة للمذلاّت. لقد نبعت صورة القوّة هذه من طبيعة النظامين البعثيّين السوريّ والعراقيّ ومن إيديولوجيّتهما التعبويّة التي تعالج المجتمع بالعسكرة على غرار أنظمة مماثلة في «العالم الثالث» و «المعسكر الاشتراكيّ» الراحل. وبطبيعة الحال كان الإنفاق على السلاح وأثره المهلك على الاقتصاد الوطنيّ يستدعيان شيئاً من التبرير ويلحّان على توكيد قوّة الجيشين دواءً لكلّ داء. والأخيران، بعد كلّ حساب، يمتصّان نسبة معتبرة من البطالة في بلدين يتكاثر سكّانهما، لا سيّما الشبّان بينهم. وما دام أنّ التغنّي بأجهزة الأمن والمخابرات غير مقبول، وهي التي تتداخل وظائفها بوظائفه، حظي الجيش وحده بالمديحين العلنيّ والمكبوت. قصارى القول إنّ الجيشين رُسما نُصبين على البسالة والقوّة. وحين أقدم الأميركيّون على حلّ الجيش العراقيّ، وهو كما تبيّن كان قراراً متطرّفاً، بدأ ولم يتوقّف ندب النادبين لأنّنا خسرنا هذا الكنز المطمور المخبّأ لمواجهة العدوّ الصهيونيّ! وكانت أشهر قليلة فحسب قد انقضت على الحرب التي أظهرت ذاك الجيش خردةً كالخردة التي كانها الجيش السوريّ في 1967 و1982. صحيح أنّ الجيش العراقيّ إبّان حربه مع إيران في الثمانينات، ومثله الجيش السوريّ في 1973، أبانا أفضل قدراتهما، لكنْ ليس إلى الحدّ الذي رسمته أسطورة الانتصارات والملاحم التي أعوزت نظامين بلا إنجازات. ولربّما جاز القول إنّ ندرة الإنجازات كانت أيضاً تلحّ على إسباغ تلك القوّة الخارقة على الجيشين. أمّا اليوم فكأنّنا نعيش انقلاب السحر على السحر أو انتقام الحقائق من الأكاذيب التي جُعلت عقولاً لأجيال سوريّة وعراقيّة متلاحقة. فالجيش السوريّ، الباسل طبعاً، تستنزفه مواجهات لن تتوقّف، يتقدّم شبراً في الغرب والجنوب ليتراجع شبراً في الشمال والشرق. وفي هذا يلوح أقرب إلى ميليشيات لا يوحّدها إلاّ الخوف ممّا تبقّى من سلطة جائرة، ميليشياتٍ تطلب العون من ميليشيات عراقيّة ولبنانيّة تطوّعت لقتل السوريّين. وبدوره يغرق الجيش العراقيّ في مستنقع الأنبار و «المثلّث السنّيّ»، فيما تبدو قضيّته باهتة تفتقر إلى الدراميّة والميلودراميّة اللتين كان صدّام حسين يضفيهما على قضاياه. فإذ يشفع نوري المالكي مطالباته بالسلاح المتطوّر بمكافحته الإرهاب، لا ينجو من المساءلات عن إمكان استخدامه العشوائيّ ضدّ أبناء شعبه، لا سيّما منهم الأكراد. هكذا يبقى الدفاع عن وظائف الجيش العراقيّ أشبه بالدفاع عن أعمال وضيعة ولصوصيّة. وهذه الحال ليست أخباراً سارّة للمشير عبد الفتّاح السيسي الذي ربّما ساورته الرغبة في أن يكون الجيش «هو الحلّ» تيمّناً عكسيّاً بـ «الإخوان»، يكمّل التيمّن العكسيّ لدى نوري المالكي بصدّام حسين. لكنْ، وكائناً ما كان الأمر، يُستحسن الإقلاع عن تجريب المجرّب الذي سبق أن تكرّم على العراقيّين بأمثال حلبجة وعلى السوريّين بأمثال حماة! فما طار طير...، بحسب قولة شاعر حكيم.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة سوريّة والعراق ومصائر الجيوش التعيسة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab