توني بلير أم صدّام حسين

توني بلير أم صدّام حسين؟

توني بلير أم صدّام حسين؟

 السعودية اليوم -

توني بلير أم صدّام حسين

بقلم : حازم صاغية

كان توني بلير سياسيّاً سيّئاً وقائداً فاسداً. وهو، كما أوضح تقرير تشيلكوت، شارك في قيادة حرب قامت على الأكاذيب وامتهان القوانين، ولم تُعدّ العدّة ليومها التالي، كما انقاد ذيليّاً لجورج دبليو بوش «كائناً ما كان».

هذا وغيره صحيح، وهو ما جاء التقرير ليكرّسه ويفصّله ويحوّله درساً للمستقبل، بما ينقّي الحياة السياسيّة البريطانيّة والعلاقات الدوليّة، حتّى لو لم يُحاكَم المرتكب بلير. هنا وظيفة التقرير.

أمّا الاستقبال العربيّ لتشيلكوت ونتائجه فجاء تبرئة بديعة للنفس وللطائفيّة التي أنزلت بالعراق ما أنزلته، قبل حرب بلير – بوش وبعدها. ذاك أنّ الرواية العربيّة الضمنيّة، والمعلنة أحياناً، مفادها أنّه لم يكن في الإمكان أحسن ممّا كان إلى أن جاء بلير وجورج دبليو ودمّرا العراق.

وما لا شكّ فيه أنّ حرب بوش وبلير زادت العراق خراباً، واستكملت التهديم والتفريغ اللذين بدأهما الحصار قبلها، كما أضعفت قابليّة البلد للإصلاح فيما سخّفت معاني محترمة كالقانون الدوليّ والديموقراطيّة. إلاّ أنّ اعتبار الحرب سبب الخراب العراقيّ فيعبّر عن خرافتين وطيدتين في الفكر السياسيّ العربيّ:

أولاهما أنّ الاستبداد (الصدّاميّ هنا) لم يكن خراباً، والثانية أنّه يكفي لنظام عربيّ أن يتمكّن من الوقوف في وجه طرف خارجيّ (إيران أو إسرائيل أو...) لكي يُعدّ معافى وقويّاً، ونظام صدّام أحرز ذلك.

بلغة أخرى، ما فعلته حرب بوش وبلير أنّها نقلت الكارثة العراقيّة، وبأسوأ الطرق، من الكمون إلى العلن. فحين لا يبقى من هذا كلّه إلاّ أنّ بلير وبوش دمّرا العراق وأنجبا «داعش»، فهذا يعني حقيقتين خطيرتين:

الأولى، وما دام أنّ العراق كان معافى في عهد صدّام، فلا معنى لكلّ ما قيل وكُتب عن الاستبداد ودوره في تفسيخ النسيج الوطنيّ. دليل ذلك أنّه كانت هناك دولة قويّة (كما كانت دولة حافظ الأسد قويّة) تشكّل «البوّابة الشرقيّة للوطن العربيّ في وجه إيران» (مثلما شكّلت دولة الأسد «قلعة الصمود في وجه إسرائيل»). أمّا تعطيل السياسة وحكم الحزب الواحد وعبادة صدّام وأقبية التعذيب وأوضاع المعارضين وأحوال الأكراد المقصوفين بالكيماويّ ومسلسل الحروب المكلفة...، فكلّها لا تنمّ عن أيّ ضعف في التكوين العراقيّ.

هنا، تستولي علينا، مرّةً أخرى، النظرة الخارجيّة إلى القوّة والضعف، والصحّة والمعافاة، ويبدو أنّنا حين نقرّ بمسؤوليّة تراكيبنا الداخليّة لا نكون نفعل غير رفع العتب أو المسايرة في وقت ضائع.

والثانية، وما دام أنّ الحرب هي التي فرّخت «داعش»، وكانت السبب الذي يختصر سائر الأسباب، فلا معنى بتاتاً لكلّ ما قيل وكُتب عن الاضطهاد والتعذيب، وأزمة البنية القبليّة في الزمن الحديث، وأهميّة الإصلاح الدينيّ، وتاريخ «القاعدة» السابق على حرب 2003، وأنظمة العقاب العربيّة، والفساد وتبديد الموارد على حساب فرص التنمية المتاحة، ووجود «داعش» في بلدان لم تتعرّض لحرب أميركيّة – بريطانيّة...

واقع الأمر أنّ المشكلة، التي فاقمتها الحرب، لا تبدأ بالحرب نفسها. إنّها تبدأ بدائرة مقفلة سمحت للبعث أن يحكم 35 سنة، من دون أن يظهر في الأفق العراقيّ ما يوحي بحصول تغيير داخليّ ناجح. وهذا الإقفال هو ما يغري مهووساً كبوش ودجّالاً كبلير بكسر الدائرة وإحراز أعلى مراتب المجد والنفوذ بأزهد الأكلاف.

وهذا كلّه أراحنا من تفكيره رئيس الحكومة البريطانيّ السابق الذي أكّد لنا أنّ عداءنا للغرب كان ويبقى الموقف الأسلم الذي لا تأتي الأحداث إلاّ لتبرهن صحّته. وصار في وسع واحدنا أن يقول، محاكياً البسطامي والحلاّج، «سبحاني ما أعظم شاني»، قبل أن يقتله برميل أسقطه أخ أكبر في العروبة، أو يذبحه بسكّينه أخ أصغر في الإسلام.

arabstoday

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 16:41 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

رياض الترك وكريم مروّة: شيوعيّان عربيّان لم يعودا كذلك

GMT 10:43 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة

GMT 09:05 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

في أنّ قوّة «حلّ الدولتين» نابعة من استحالة بدائله

GMT 16:00 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزّة وحرب فلسطين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توني بلير أم صدّام حسين توني بلير أم صدّام حسين



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab