مقتدى الصدر والمرأة

مقتدى الصدر والمرأة...

مقتدى الصدر والمرأة...

 السعودية اليوم -

مقتدى الصدر والمرأة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

حين بدأت تتشكّل الأحزاب الحديثة في العالم العربيّ، استلّ التقليديّون في وجهها سيف الأخلاق. فالحزبيّون بلا أخلاق، والدليل اختلاط الرجال بالنساء فيها.

تتمّة الشتيمة كانت متوقّعة: في تلك الأحزاب المختلطة، تحدث أمور شائنة، بما فيها سفاح القربى.

السيّد مقتدى الصدر يعيد إلى الصدارة، بعد قرابة ثلثي قرن، ذاك النقد الذي واجه به العالمُ القديم، الضعيف الحجج، عالماً جديداً بأفكاره وتنظيماته ومؤسّساته. لكنّه، بدل الأحزاب بالأمس، يركّز اليوم على التظاهرات والاعتصامات التي تشهدها الثورة العراقيّة. يقول، هو وأصحابه في بعض تغريداتهم، إنّ هذا الاختلاط ينافي الأخلاق والدين والقيم والوطنيّة، وأنّه بالضرورة مصحوب بتعاطي المخدّرات والكحول. يحذّر من التحوّل إلى... شيكاغو!

بالطبع لا يملك مقتدى العدّة الفكريّة لمثقّفين كليو ستراوس نقدوا الحداثة بجذريّة، مستندين إلى قافلة من الفلاسفة تبدأ بأفلاطون ولا تنتهي بابن ميمون.

أفكار مقتدى، في المقابل، يمكن الاستدلال عليها، بين أمثلة عدّة، في مثلين باهرين: مرّة هاجم كرة القدم وركْضَ الشبّان وراء كرة، بدل أن يركضوا وراء الفروسيّة والمبارزة. لم يكتفِ بهذا، بل جزم بأنّ الغرب، «وخصوصاً إسرائيل واليهود»، تركوا ألعاباً كهذه لنا، كي نتلهّى بها، بينما انصرفوا هم إلى العلوم والتقدّم.

وفي مرّة أخرى أفتى، فيما عُرف بفتوى «الحواسم» التي أريد لها أن تمهّد لمعاركه مع الأميركيّين، بإجازة أعمال السرقة والنهب شريطة أن يُقدّم خُمس الأسلاب له ولمؤسّساته.

لكنّ أفكار الصدر لا يمكن التعامل معها إلاّ على مدى زمني طويل. فالثورة الراهنة شارك في الدعوة إليها، وانخرط فيها، وانسحب منها، وعاد إليها، ثمّ باشر قمعها بأقسى من أي قمع آخر. الشيء نفسه يمكن قوله عن علاقته بإيران التي أيّدها وانتقدها وهاجمها وامتدحها وانتقل، حتّى إشعار آخر، إلى العيش فيها. أمّا في العلاقة بالطائفة السنّيّة، فهو شارك بنشاط في حرب 2006 الأهليّة، وكانت «فِرق الموت» التابعة له تخرج من مدينة الصدر لتعيث قتلاً وخطفاً. لكنّه هو نفسه تضامن لاحقاً مع المحتجّين السنّة في الأنبار ضدّ حكومة نوري المالكي، وذهب أبعد بكثير، إذ اعترف بولاية الخلفاء الراشدين، ونفى أن يكون يزيد بن معاوية قد قتل الحسين بن عليّ. وقل الشيء نفسه عن التنظيمات الكثيرة التي كان يؤسّسها، وآخرها «القبّعات الزرق»، ثمّ يحلّها ويشهّر ببعضها، أو عن بعض مساعديه الذين طردهم وشتمهم ثمّ أعادهم إلى حيث كانوا مقرّبين منه.

مع هذا، فمقتدى لا يُدرَس انطلاقاً من أفكاره، ولا من تكوينه النفسي أو العصبي المتقلّب، ولا حتّى من حبّه للضجيج. لقد بات المدخل إليه، خصوصاً بعد اندلاع الثورة العراقيّة، مزدوجاً:

من جهة، لم يعد يستطيع الحفاظ على وحدة مؤيّديه من الفقراء الذين تعصف بهم الأزمة الاقتصاديّة بأكثر ممّا تعصف بسواهم. ولمّا كان «العدوّ» السنّي والكردي محتجباً عن الفضاء السياسيّ، يستحيل بالتالي التحريض عليه والتعبئة ضدّه، حفاظاً منه على تماسك قاعدته، أضحت المسألة الأخلاقيّة مُطالَبَة بأن تؤدّي هذه الوظيفة. والنساء، في نظر السيّد، خصم ضعيف يمكن أن تتكتّل في وجهه قاعدة تقليديّة ومحافظة.

من جهة أخرى، فإنّ مبدأ الطاعة العمياء الذي يربطه تقليديّاً بقاعدته لا يسري على شبيبة العراق، لا سيّما النساء، ممّن تعولمت أمزجتهم وأذواقهم، وصاروا يطالبون بالحقوق وبالمساواة والشفافيّة. هذا ما يرفع جرعة الغضب والتوتّر لديه، خصوصاً أنّ انسحابه من الثورة لم يوقف الثورة، تماماً كما أنّ مقتل قاسم سليماني لم ينجح في ذلك.

ما يهمّ، في النهاية، وعلى عكس الصورة التي يحاول إشاعتها عن نفسه كطرف محايد، فإنّ الصدر يقع في قلب السلطة التي يريد لها أن تبقى. لولاه لما شكّل عادل عبد المهدي حكومته، ولولاه لما كُلّف محمّد توفيق علاّوي بتشكيل حكومة جديدة، أمّا تحالف كتلته النيابيّة «سائرون» مع كتلة «الفتح» فهو ما يحفظ مقاليد تلك السلطة في أيدٍ طائفيّة مضمونة. إنّ ما يريده، في آخر المطاف، هو ضمان شراكته في مغانمها من موقع قويّ، مع الاحتفاظ بـ«حقّه» في الظهور على شكل معارض متذمّر يحبّ الظهور بمظهر الضحيّة.

لكنّ نساء العراق لن يكنّ الجسر الذي يوفّر له الوصول إلى ذاك الهدف. إنهنّ لم يعدن ذاك الخصم الضعيف الذي يتوهّمه السيد الصدر. لقد سقط في التظاهرات عدد من أشجع سيّدات العراق وفتياته، واعتُدي على بعضهنّ بما في ذلك حالة طعن بالسكاكين، وهنّ خرجن في تظاهرات حاشدة شهدتها بغداد ومحافظات في الوسط والجنوب كبابل وذي قار. هؤلاء بات ينبغي للسيّد الصدر أن ينتبه قليلاً حين يتحدّث عنهن.

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتدى الصدر والمرأة مقتدى الصدر والمرأة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab