جهاد الخازن
الوضع في سورية هو التالي:
- النظام يبطش بالمواطنين.
- بعض فصائل المعارضة ينافس النظام في الوحشية.
- حزب الله يغامر بأرواح شبابه تأييداً للنظام (وهذا خطأ).
- الدول القادرة على التدخل العسكري لا تريد ذلك.
- الدول التي تريد التدخل العسكري لا تملك القدرة على التنفيذ.
- إسرائيل شنّت غارات داخل سورية، والنظام يهدد بالرد في كل مرة، ثم يكتفي بقتل السوريين.
ما سبق معلومات أكيدة، وأبدأ بالتعليق على آخرها، فالنظام السوري لا يحتاج إلى التهديد بالرد، بل هو لا يحتاج إلى هجوم إسرائيلي ليرد عليه، وكل ما يجب على النظام السوري أن يحذر هو قتل المدنيين، وإذا فعل فهو مبرر تماماً إذا أمطر مفاعل ديمونا أو مصفاة النفط في حيفا بمئة صاروخ، أو ألف إذا كان يملكها. إسرائيل تستطيع أن تعترض صاروخاً أو اثنين، إلا أن القبة الحديد سمعتها أكبر من فعلها، ولا تستطيع وقف عدد كبير من الصواريخ.
مع ذلك النظام السوري لا يبادر إسرائيل بالهجوم كما تفعل هي، بل لا يرد على أي هجوم، وهو رد لا يستطيع أحد في العالم أن ينكر على الطرف الذي يمارسه حقه في الرد.
في غضون ذلك، الكارثة الإنسانية مستمرة، وكل الحلول المطروحة لن يوقفها، وأعود إلى المعلومات الأكيدة:
- الرئيس اوباما قال إن بلاده لن تتدخل وحدها في الوضع السوري، وإنما تفعل ضمن مجموعة دولية.
- سمعت الكلام نفسه من رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان.
- وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ قال إن الحل الوحيد الممكن في سورية يجب أن يكون سياسياً.
- الرئيس السوري يريد حلاً يضمن بقاءه رئيساً، وهو ما لا يقبله أي طرف في المعارضة.
- الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على مؤتمر جنيف-2، إلا أنهما لم تتفقا أبداً على التفاصيل، ولا سبب واقعياً للتفاؤل بأن مؤتمراً دولياً الشهر المقبل سينجح من حيث أخفق المؤتمر السابق قبل سنة.
- التدخل القطري في سورية لا يفيد السوريين، وبلايين الدولارات للمعارضة السياسية والمسلحة ليست حلاًّ، وإنما إطالة للأزمة.
مرة أخرى، أبدأ من نهاية المعلومات الأكيدة السابقة، فقطر أصغر دولة عربية، وسكانها دون مئتي ألف، أي نصف أي حي معروف في القاهرة، والانتصار للإخوان المسلمين في مصر كان سببه الأساسي خلافاً شخصياً بين الرئيس حسني مبارك ومسؤولين في موقع الحكم في قطر. وقد سمعت التفاصيل مباشرة من الرئيس مبارك واللواء عمر سليمان ونقلتها إلى المسؤول القطري المعني، فأنكر التفاصيل وأعطاني رواية مختلفة. إلا أنني أحتفظ بالمعلومات حتى لا أزيد على سوء الوضع.
تدخل أصغر دولة عربية في سياسة أكبر دولة عربية أدى إلى خلق أوضاع في مصر أجدها أسوأ كثيراً مما شكا المصريون منه أيام حكم حسني مبارك، وأكتفي بانهيار الاقتصاد والفلتان الأمني مثلاً. أخشى اليوم أن يؤدي التدخل القطري في سورية إلى خلق أوضاع أسوأ مما شهد السوريون في ظل نظام الأسد الأب والابن.
ثمة حملات كثيرة على قطر في بلادنا وحول العالم، وقد آليت على نفسي منذ سنوات، أن أبتعد عن التعليق سلباً أو إيجاباً على سياسة قطر العربية أو الدولية، حتى لا أكون جزءاً من المتحاملين أو المطبّلين المزمّرين.
وهكذا أكتفي اليوم بتسجيل خشيتي من أن يؤدي الدور القطري في سورية إلى مزيد من القتل والخراب. وإذا كانت قطر تسعى إلى لعب دور أكبر من حجمها في المنطقة، فهناك سبل كثيرة لتحقيق ذلك من دون التسبب في سفك مزيد من الدماء في سورية.
النظام السوري يستحق ما يصيبه، ومثله الجزء الإرهابي الموالي للقاعدة من المعارضة السورية. غير أن السوريين أهلنا، وكل مَنْ يشارك في إطالة المأساة يجب ان يتحمل مسؤوليته التاريخية.