عيون وآذان احتراف الفشل

عيون وآذان (احتراف الفشل)

عيون وآذان (احتراف الفشل)

 السعودية اليوم -

عيون وآذان احتراف الفشل

جهاد الخازن

حمل غلاف ملحق جريدة «الغارديان» قبل أيام العنوان «الفشل»، واعتقدت أن الكاتب يتحدث عن فشل أمة العرب، واكتشفت أن المقال جمع سبعة كتاب ومفكرين بارزين تحدث كل منهم عن فشله الشخصي. المقال أصاب وتراً في نفسي، فقد قضيت سنوات اعتبر نفسي فاشلاً لأنني لم أستطع أن أدرس الطب أو الهندسة، وإنما درست العلوم السياسية ثم الأدب العربي، ثم تاريخ الشرق الأوسط. وكان عمي فؤاد فضيل الخازن يحمل لقب «باشمهندس» فقد درس في إنكلترا خلال الحرب العالمية الثانية وتخرج وعاد إلى بلاده. وهو ذهب إلى والدتي بعد أن رآني أدرس العلوم السياسية وقال لها إنني «ولد صايع» وسأتخرج لأعمل معلماً بمئتي ليرة في الشهر. كانت النتيجة أنني أصبت بقرحة وأنا في العشرينات من عمري خوفاً من مستقبل لست فيه طبيباً أو مهندساً. مقال «الغارديان» خلص إلى القول إن بإمكان الإنسان أن يفشل «بشكل جيد»، والمقصود ألا يفقد احترامه لنفسه، وأن يظل يحاول حتى ينجح. والفكرة تعكس كلاماً قرأته قديماً يزعم أن الفشل ليس أن تسقط أرضاً بل أن تعجز عن النهوض من كبوتك. ما سبق يذكرني بعبارة إنكليزية مستعملة هي أن يوصف شيء بأن قوله أسهل من إنجازه. لو كنا نستطيع أن نستعيض بالأقوال عن الأفعال لكان العرب أنجح أمة. وقد شرحت وضع عرب الزمان الأخير، من دون قصد، إحدى كاتبات مقال «الغارديان» فهي قالت إن الفشل سهل، وقد حققته على مدى سنوات. وأضافت أن النجاح محزن، وأنا أجده مستحيلاً بالنسبة إلى الأمة إياها فالفشل العربي ليس خياراً، وإنما هو فرض مكتوب. لن أزيد على خيبة أمل القارئ بالأمة السعيدة بفشلها وإنما أحاول أن أسخر معه من الفشل والنجاح. والغريب أننا جميعاً نتحدث عن النجاح، وإذا فشل واحد فهو سيجد ألف رجل ينصحونه كيف ينجح مع أن كل واحد منهم فاشل مزمن. المهم إذا حاولت وفشلت، أن تبحث عن طرف تحمله مسؤولية فشلك. والعبرة هنا أنك حاولت وفشلت فلا تحاول مرة أخرى، لأن الفشل سيطرق بابك من جديد. قرأت عن فاشل طرق ملاك الحظ بابه فشكا من صوت الدق على الباب، ولم يفتحه. وأدرك أن هناك من فتح الباب ونجح، إلا أن النجاح الحقيقي هو عندما تعترف حماتك بأنك نجحت. ويبقى الحظ أفضل تفسير يطلع به إنسان وهو يشرح أسباب فشله ونجاح غيره، وقد يقول إنه لولا سوء الحظ لما كان عنده حظ أبداً. أما أنا فعندي تفسير أو تبرير خاص هو أنني وجدت أن كل أهداف حياتي ستعتبر (لو كنت في مباراة كرة قدم) بأنها تسلل. قرأت بالإنكليزية وصفاً لفاشل وجد رقم هاتف مكتوباً بأحمر الشفاه داخل كشك الهاتف العام في الشارع، واتصل بالرقم وردت عليه زوجته. وقرأت وصف فاشل آخر بأنه لو خاض مبارزة أو لعب مباراة في كرة المضرب، لحل ثالثاً من أصل اثنين. أعود إلى مقال «الغارديان» فأنا لا أعتقد أن بالإمكان أن نقرأ مثله بالعربية، لأن كل كاتب شارك بأفكاره عن الفشل، تحدث عن فشله الشخصي، وهذا ما لا يمكن أن يعترف به عربي، مع أننا طورنا الفشل ورفعناه إلى درجة الفن الرفيع. وقرأت أن الفشل اسم آخر للحياة، وهو رأي يراودني منذ سنوات، وربما منذ أيام الجامعة فقد تعلمت بالإنكليزية عبارة هي «كلمة من أربعة أحرف»، والمقصود، بالإنكليزية مرة أخرى، أن الكلمة بذيئة أو قبيحة. أو كان لي أن استعير مما سبق مترجماً إلى العربية لقلت «كلمة من ثلاثة أحرف» (غير حروف العلة)، من نوع عيش عمل شغل، فكلها بمعنى الفشل. ماذا يفعل العربي والفشل قدره؟ يستطيع أن يقول إن الفشل هو الشيء الوحيد الذي نجح فيه. نقلا عن جريدة الحياة 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان احتراف الفشل عيون وآذان احتراف الفشل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab