حضرت في الكويت افتتاح دار الأوبرا في مركز جابر الأحمد الثقافي وكانت الحفلة تستحق عناء السفر من جنوب فرنسا إلى لندن وليلاً إلى عاصمة الكويت.
الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح حضر حفلة الافتتاح في المركز (واسمه الآخر «الجواهر الثلاث» نسبة إلى مبانيه الثلاثة ذات البناء المتميز أو الممتاز)، فقال إن الصرح الثقافي الجديد من الشواهد على مسيرة الوطن الحضارية والعمرانية والثقافية والتنموية.
وقرأت «مانشيت» جريدة كويتية وكان «عودة عصر الثقافة والفن». لا أدّعي أنني أعرف الكويت أكثر من أهلها ولكن أصرّ على أن عصر الثقافة والفن لم يتوقف فيها سوى سبعة أشهر هي فترة الاحتلال، فقد كانت الكويت سباقة بين دول الخليج في رعاية الثقافة والفن ولا تزال.
كانت لنا جلسة في المساء مع الشيخ سلمان الحمود الصباح، وزير الإعلام، وهو تحدث عن مشاريع ثقافية وفنية مقبلة، وأشار إلى مجلة «العربي». هذه المجلة أقرأها منذ عقود وهي صرح ثقافي عربي يجمع بعض أبرز المفكرين في الوطن العربي، وأراها الوريث الشرعي لمجلة «المقتطف» التي أصدرها في لبنان يعقوب صروف وفارس نمر ثم انتقلت إلى مصر.
الكويت بلد مزدهر، وربما مثل يقتديه الآخرون، فهي اليوم ورشة عمار ومستقبلها مضمون، مع دخل قومي عالٍ وشعب جاد ومجتهد. طبعاً هناك أصوات «نشاز» في الكويت وغيرها، فالمدينة الفاضلة لم توجد إلا في الكتب. ولعل الانتخابات النيابية المقبلة في 26 الجاري تفصل السمين عن الغث، أو القمح عن الزوان، وينتخب الكويتيون برلماناً يعكس طموحات الشعب، لا أطماع بعضهم.
كنت شاهدت حملة الانتخابات السابقة وسأحضر عملية التصويت في الانتخابات الجديدة. ما أقول اليوم هو إن هناك خمس دوائر انتخابية، في أربع منها أصوات النساء تزيد بألوف عن أصوات الرجال في حين أن أصوات الرجال تزيد على أصوات النساء في الدائرة الخامسة.
ما سبق لا يعني شيئاً ونحن نقرأ أن هناك 454 مرشحاً بينهم 15 امرأة فقط، وهذه سلبية واضحة. على الجانب الإيجابي ألغت لجنة الانتخابات ترشيح 46 رجلاً، والأسباب عدّة بينها أحكام جنائية أو أسباب صحية أو فقدان حُسن السمعة، والممنوعون اعترضوا.
الحفلة في دار الأوبرا أبعدتني عن مشاكل الانتخابات المقبلة، الصالة تتسع لحوالى ألفي متفرج، وكان هناك أوركسترا متمكنة من فنها ورقص باليه وغناء أوبرا سرني فيه أنه شمل أغانيَ أعرفها أداها التينور الإيطالي أندريا بوتشيلي مع النجمة سارة برايتمان.
وسررت بسماع «اسكتشات» هزلية بعضها عمره عقود، فالمسرح الخليجي مشترك، وبعض نجومه من الكويت لا يزالون معنا. وجدت صعوبة في فهم بعض الكلمات، إلا أن ضحك الجمهور أقنعني بأن الحوار أدى الغرض منه.
الشيخ صباح الأحمد صديق عزيز ووطني كويتي وعربي أنا شاهد على عمله وزيراً للخارجية ثم أميراً، ومثله الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله. كانت «الحياة» أصدرت عدداً خاصاً عن احتلال الكويت في 3 آب (أغسطس) 1990 ووزعه المحررون في العواصم الأوروبية. وزرت الكويت بعد التحرير، ورأيت الشيخ جابر الأحمد في قصر بيان، وكتبت ما سمعت منه فلا أعود. كان معه الشيخ ناصر المحمد، وزير الديوان الأميري في حينه ورئيس الوزراء بعد ذلك، وسجلت في هذه الزاوية ذكريات معه.
ذهبت إلى الكويت لحضور افتتاح دار الأوبرا، غير أن المناسبة وفرت لي فرصة أن أرى مسؤولين عرباً كثيرين، بينهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزراء إعلام عرب ومسؤولون كبار من حول العالم وأيضاً أصدقاء من الإعلاميين العرب.
سرني أيضاً أن محكمة الاستئناف تزامن قرار لها مع وجودي في الكويت فهي أعلنت أن التعاطف مع «داعش» واعتناق أفكاره جريمة، وحكمت على مواطن «داعشي» الميول بالسجن سبع سنوات.
أخيراً، حظي مع الكويت دائماً طيب، فقد وجدت وأنا أنتقل من فرنسا إلى إنكلترا لأخذ الطائرة إلى الكويت أن الوقت ضيق وقد لا أستطيع الوصول قبل موعد سفر الطائرة البريطانية. إلا أن الساعة أخرت ساعة ليل 29-30 من الشهر الماضي، ولم يتعطل سفري. الكويت وأهلها دائماً معي.