سيرة ذاتية أو خرافة

سيرة ذاتية أو خرافة؟

سيرة ذاتية أو خرافة؟

 السعودية اليوم -

سيرة ذاتية أو خرافة

جهاد الخازن

طلبت مني دار نشر لبنانية نشطة، أن أكتب مذكراتي لتنشرها وتوزعها في بلادنا والعالم كله. شكرت المسؤول عن الدار واعتذرت، مع أنني فكّرت في الموضوع غير مرة في السابق.

إما أن يكتب الإنسان قصة حياته وعمله أو يجد مَنْ يكتبها له، وبما أنني لست مهماً الى درجة أن يهتم أي كاتب محترم بقصة حياتي، فيبقى أن أكتبها أنا، خصوصاً أنني كنت قرأت يوماً قولاً للروائي أوسكار وايلد، هو أن لكل إنسان تلاميذه أو حوارييه، والذي يكتب قصة حياته عادة ما يكون يهوذا الإسخريوطي، إشارة الى تلميذ السيد المسيح الذي باعه بثلاثين من الفضة وفق رواية الأناجيل.

مشكلة السيرة الذاتية أن كاتبها يطبّل لنفسه ويزمّر، وقد يهاجم آخرين عبروا طريق حياته، وقارئ السيرة يبدأ وقد ساورته شكوك، فلا ينتهي من الفصل الأول أو الثاني حتى يجد أن شكوكه في محلّها.

ربما كتبت يوماً تفاصيل قضايا سياسية كنت طرفاً فيها ولم تُنشَر على رغم أهميتها، وعندي معلومات تستحق النشر عن قضية فلسطين مع ياسر عرفات، ومثلها عن مصر وسورية والعراق. ربما فعلت ذلك يوماً.

في غضون ذلك، فكرت في كتابة رواية طويلة، إلا أنني لست نجيب محفوظ ولن أكون، ولا أريد أن يسلقني النقاد العرب بألسنة حِداد. ثم إنني، مع خلفيّتي في العمل بالإنكليزية قبل العربية، أجد أسباباً وجيهة للحذر.

ثمة عبارة معروفة جداً بالإنكليزية هي: «كانت ليلة شديدة الظلام وعاصفة»، وهي تعود الى السطور الأولى من رواية للإنكليزي إدوارد بولور - ليتون بعنوان «بول كليفورد»، صدرت سنة 1830 وبدأت بالكلمات: كانت ليلة شديدة الظلام وعاصفة، والمطر هطل كالموج مع فترات صحو قليلة عندما قذفته بعيداً هبّة قوية من الريح...».

يقولون بالإنكليزية عن مثل هذه المقدمة أنها مبالغة في الميلودراما، أو أنها «نثر قرمزي». وبعضهم اعتبرها أسوأ سطور أولى في أي رواية بالإنكليزية، مع أن «أميركا بوك ريفيو»، أو المجلة الأميركية لعرض الكتب، أعطتها المركز 22 في أفضل مقدّمة للروايات الصادرة بالإنكليزية.

العبارة من الشهرة أن هناك جائزة تحمل اسمها، ترعاها دائرة اللغة الإنكليزية في جامعة سان خوزيه، كما أن تشارلز شولتز، رسام مسلسل الكاريكاتور المشهور «بِينَتس» (فستق)، بدأ بها رواية على لسان سنوبي في إحدى حلقات المسلسل، الذي لا يزال ينشر في «نيويورك تايمز» الأوروبية على رغم موت شولتز سنة 2000.

طبعاً، ثمة عبارات بالإنكليزية وكل لغة تستحق السخرية مثل قولهم «القلم أقوى من السيف»، أنا من أنصار أبي تمام الذي قال: السيف أصدق إنباء من الكتب/ في حدّه الحد بين الجِد واللعب.

وأنا واثق من أن القارئ يرى مثل رأيي تماماً، وأقول إنه لو وَجَد نفسه، أو وجدتُ نفسي، في مبارزة، فنحن نفضّل أن يكون سلاحنا سيفاً لا قلماً، وأفضل من ذلك أن يكون رشاشاً لا يبقي ولا يذر.

بكلام آخر، لن أكتب مذكراتي لأنني لست مهماً بما يكفي لكتابتها، ثم لأنني لا أستطيع أن أنشر كل التفاصيل التي عاصرتها، ولن أكتب رواية حتى لا يسخر مني النقاد، فيبقى أن أقنع نفسي والأخ المسؤول في دار النشر والقارئ بأنه سيأتي يوم أكتب فيه الحقيقة.

الحقيقة نسبية، فما هو حقيقة لي مع الأدلة الثبوتية، قد يكون نقيض كل قناعات قارئ آخر. وبما أن القارئ في هذه الأيام أندر من «الأبلق العقوق»، فلن أغامر بخسارته.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة ذاتية أو خرافة سيرة ذاتية أو خرافة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab