زيارة أوباما الجواب وعنوانه

زيارة أوباما.. الجواب وعنوانه

زيارة أوباما.. الجواب وعنوانه

 السعودية اليوم -

زيارة أوباما الجواب وعنوانه

بقلم : مأمون فندي

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» حديًثا لكل من روبرت مالي (المولود 1963) مستشار الرئيس الأميركي لمكافحة تنظيم الدولة ومنسق العلاقات الأميركية الخليجية في البيت الأبيض٬ وبنجامين (بن) رودذ (المولود 1977) منسق التواصل الاستراتيجي وكاتب خطابات أوباما٬ تحدثا فيه عن أجندة القمة الخليجية الأميركية٬ حيث يشارك الرئيس أوباما في اجتماعات مجلس التعاون الخليجي٬ ويشارك في نقاش المحاور الثلاثة المعروضة (الاستقرار الإقليمي٬ ومكافحة الإرهاب٬ والأمن الإقليمي). قال مالي إن الهدف من اللقاء هو «أن تكون دول مجلس التعاون في وضع أفضل لمحاربة الإرهاب٬ ومواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار٬ ومناقشة ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لدعم أمن الخليج». 

كما قال مالي في موضوع تنظيم الدولة٬ إنه لا يفضل تدخلاً خارجًيا٬ بل تقوية القوى المحلية في مكافحة الإرهاب. بعد أن قرأت مقابلة «الشرق الأوسط»٬ لم أجد عنواًنا أفضل للمقال من المثل العامي: «الجواب يبان من عنوانه»٬ فإذا كان روبرت مالي هو منسق العلاقات الأميركية الخليجية٬ وهو مستشار أوباما لمكافحة «داعش»٬ فيجب ألا يتوقع زعماء الخليج الكثير من الزيارة الرئاسية.

نعم هي زيارة تأتي في ختام فترة الرئيس أوباما في البيت الأبيض٬ ولا نتوقع منها الكثير٬ ولكن المشكلة ليست في الآمال كبيرة كانت أم صغيرة٬ ولكن في نوعية مستشاري الرئيس الذين يستمع لهم وطبيعة الطرح المتوقع من قبلهم٬ والذي سيرسم خريطة طريق للإدارة القادمة في علاقتها بدول الخليج على الأقل في السنتين القادمتين حتى يتلمس الرئيس القادم طريقه في رمال منطقتنا.

روبرت مالي كان زميل باراك أوباما في كلية القانون في جامعة هارفارد٬ رغم أنه يصغره بعامين٬ وعلاقتهما جيدة٬ ولكن في حالة الرجلين هناك الغرور والثقة المعرفية التي تمنحها هارفارد للتحدث عن مناطق في العالم حتى لو لم يزرها الطالب هناك. وهذا هو ما سيسمعه قادة الخليج من روبرت مالي ومن الرئيس. تصورات وهمية لحل أزمات المنطقة٬ وتصورات للأمن الإقليمي (framework for security) والاستقرار كلها مدهشة على الورق٬ ولكنها غير قابلة للتطبيق على الأرض.

مالي منظر هذه الإدارة في شؤون الشرق الأوسط بدأ حياته السياسية مع إدارة كلينتون مساعًدا لمستشار الأمن القومي ساندي بيرجر٬ وشارك في مفاوضات كامب ديفيد 2000 بين الفلسطينيين والإسرائيليين٬ وهو من اليهود الليبراليين٬ الذين يقفون مع بعض الحق العربي كما يرونه بفوقية منقطعة النظير. نشر مالي مقالات عدة في الشأن الفلسطيني مع صديقه حسين أغا مستشار الرئيس محمود عباس٬ كلها تصب في حل الدولتين٬ وهذا أمر يحسب له. ولكن تلك كانت مساحة معرفته بالمنطقة٬ الصراع العربي ­ الإسرائيلي.

بعدها انتقل مالي ليعمل مع مجموعة الأزمات الدولية التي أنشئت عام 1995 كمؤسسة واسطة دبلوماسية وبحثية٬ في تلك الظروف التي فرضتها حرب البوسنة٬ وكانت أيًضا مجموعة يحكمها توجه ليبرالي يساري٬ وكان من ضمن مؤسسيها وزير خارجية فرنسا السابق ورئيس مجموعة «أطباء بلا حدود» برنارد كوشنير وآخرون مثل رئيس مؤسسة «كارنيجي»٬ وكذلك السيناتور الديمقراطي من نيويورك ستيفن سولار وجورج سورس والقائمة المعروفة. النقطة التي أريد الوصول إليها هي أن معرفة روبرت مالي بالخليج وشمال أفريقيا٬ جاءت في إطار عمله مديًرا لبرنامج شمال أفريقيا والعالم العربي في هذه المجموعة.

عرفت روبرت مالي في تلك الفترة٬ وكان توجهه ليبرالًيا فوقًيا فيما يخص منطقة الخليج العربي٬ بما تحمل كلمة الفوقية من معاٍن لا مجال لتفسيرها هنا٬ حيث لم أقرأها فقط٬ بل كانت في نقاش وجًها لوجه. النقطة هي أن تخصص روبرت مالي الجديد في الخليج والملف السوري ومكافحة «داعش» أمر جديد عليه ولكن بفوقيته لن يتورع في التنظير للحلول وأوباما سيتبع رأيه. وربما جزء كبير من حديث أوباما الشهير إلى مجلة «أتلانتيك» فيه كثير من أفكار روبرت مالي عن دول الخليج ورأيه أيًضا في ملفات مثل مصر وسوريا. روبرت مالي هو العنوان في «الجواب يبان من عنوانه». فلا تتوقعوا الكثير. فقط توقعوا تنظيًرا ومحاضرة في الأمن الإقليمي والإصلاح الداخلي٬ ونحن أعلم بشعاب أمن الخليج منكم ونحن نضمن هذا الأمن٬ رغم أن هذا لن يكون صحيًحا في لحظة الحقيقة.

رؤية مالي أيًضا هي التي دفعت أوباما للتمسك بعدم تصنيف جماعة الإخوان٬ ومالي كان معروًفا عنه انفتاحه على جماعة حماس.. الأمر الذي أدى إلى إقالته من حملة أوباما في بداياتها نتيجة ما يشبه الحرب الأهلية داخل المعسكر اليهودي في حملة أوباما٬ ولكنه عاد مرة أخرى بعد أن أصبح أوباما رئيًسا. انفتاح مالي على حماس هو انفتاحه على جماعة الإخوان ذاته٬ وهو ما يشكل رؤية أوباما للوضع في كل من مصر وسوريا.

أما فيما يخص ما قاله مالي بضمان التفوق الخليجي على إيران٬ فهذا أمر يحتاج إلى إثبات وأنا شخصيا لمعرفتي بآيديولوجية روب مالي لا أظنه صحيًحا٬ وإذا كانت رؤيته قد تغيرت تجاه دول الخليج فهذا يحتاج إلى شرح وأظنها لم تتغير.

سيستمع الخليجيون بصورة أكثر نعومة من الرئيس مباشرة إلى ما قاله في مجلة «أتلانتيك» بأن المشكلة في الداخل الخليجي الذي يحتاج إلى إصلاح كبير٬ وخصوًصا في قضايا المرأة. وهذا يجهز مالي لركوب موجة الرئيسة الديمقراطية القادمة.

سيسمع الخليجيون كيف أن الاتفاق النووي مع إيران والذين لم يكونوا طرًفا فيه أنه كان لصالحهم في نهاية الأمر٬ وأنه يجب تطوير هذا الأمر في صيغة تصور استراتيجي أكبر يخلق حالة من السلام البارد بين إيران والعرب وخصوًصا السعودية٬ ومتى ما حدث هذا السلام البارد ستضمن أميركا تفوق دول الخليج مما يمنع إيران من العبث في أمن المنطقة.

طبًعا هذا النوع من التصورات التي سيأتي بها روبرت مالي ويعيدها الرئيس على أسماع قادة الخليج لن تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به. في قضايا الإرهاب كانت واشنطن دائًما ما تنصح الدول العربية بتجفيف الينابيع التي يستقي منها الإرهابيون أفكارهم. في واشنطن ليس الموضوع بالحدة ذاتها٬ وإنما تبعاته أكثر خطورة فيما يخص تجفيف الينابيع التي يستقي منها الرئيس أفكاره عن الخليج العربي وعن العالم العربي عموًما. تجفيف الأفكار الفوقية لأناس مثل روبرت مالي وشاب مثل بن ردوذ فيما يخص الشرق الأوسط الذي يعرفون بعضه ويجهلون كثيره. تجفيف الينابيع في واشنطن بجب أن يبدأ أولاً٬ فرغم خطورة «داعش»٬ فإن رعونة واشنطن أكثر خطًرا. الفيل الذي يقف وسط دكانه لبيع الخزف الصيني.

زيارة أوباما٬ إذا كان عنوانها أفكار روبرت مالي٬ فلا تتوقع الكثير في أي موضوع جاد substantive فقط حديث الوعظ في ضبط الأوضاع الداخلية وأزمة حقوق الإنسان في الخليج ومحاولة دفع دول الخليج إلى التفاهم مع إيران٬ ولا شيء غير ذلك سوى (عايزين تشتروا سلاح؟).

arabstoday

GMT 15:56 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

هل شفي الغرب من معاداة السامية؟

GMT 17:14 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل... الإبادة الجماعية ومحكمة العدل

GMT 11:07 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أميركا وسياسة الموظفين

GMT 16:08 2023 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

17 أكتوبر والحزام العالمي للإبادة الجماعية

GMT 17:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين: بين إدارة الصِّراع وحل الصِّراع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة أوباما الجواب وعنوانه زيارة أوباما الجواب وعنوانه



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab