هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت

هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت

هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت

 السعودية اليوم -

هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

حُكومة الوفاق التي تُسيطِر على مُعظم الغرب الليبيّ كانت مُصيبةً عندما اعتبر المُتحدّث باسمها تصريحات الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي التي أدلى بها أمس السبت أثناء تفقّده قوّات بلاده في المِنطقة الغربيّة، خاصّةً الفقرة التي قال فيها إنّ “سرت والجفرة” خطٌّ أحمر بمثابة قرع لطُبول الحرب، ومُؤشّر على أنّ الجيش المِصري على وشك التدخّل في الأزمة الليبيّة لدعم قوّات الجِنرال خليفة حفتر الذي مُنِيَت قوّاته بهزائمٍ “مُذلّةٍ” في الأسابيع الأخيرة على أيدي قوّاتها.

مُستقبل مدينة سرت الاستراتيجيّة التي تقع في الوسَط بين الشّرق والغرب، ومسقط رأس الرئيس الراحل معمر القذافي هو الذي سيُحدِّد مصير الحرب المُستَعِرة حاليًّا على الأرض الليبيّة، وتخوضها أطراف محليّة وإقليميّة ودوليّة، سلمًا أو حربًا، فالرئيس السيسي بهذه التّصريحات التي كُتِبَت بعنايةٍ يُوجِّه من خلالها إنذارًا لحُكومة الوفاق، والحُكومة التركيّة التي تدعمها، ويقول بشكلٍ واضحٍ، إنّ السّيطرة على سرت يعني بدء التدخّل العسكريّ المِصريّ وحُلفائه في الحرب لأنّه لا يُمكن القَبول بسُقوطها.

السيطرة التركيّة على مدينة سرت عبر حُكومة الوفاق التي تحظى بشرعيّةٍ أمميّةٍ، يعني تأمين العاصمة طرابلس من أيّ هجمات مستقبليّة أوّلًا، والسّيطرة على قاعدة القرضابيّة الجويّة فيها ثانيًا، وفتح الطّريق على مِصراعيه للتقدّم غربًا للسّيطرة على الهِلال النفطي، وجنوبًا لاستعادة الجفرة والتحكّم بالسّاحل الإفريقي ثالثًا، فهذه المدينة هي “سرة” إفريقيا.
***

الرئيس السيسي الذي كان يتجنّب الحُروب، ويميل أكثر إلى التّركيز على بِناء البُنى التحتيّة الاقتصاديّة الذي لا يُمكن أن يتحقّق إلا في ظِل تكريس الأمن والاستقرار، وجَد نفسه على حافّة حربين لا مناصَ من خوضهما معًا أو مُنفردتين، الأولى مع إثيوبيا بعد انهِيار مُفاوضات سد النهضة، حيث الأمن المائي المِصري في خطرٍ، والثّانية في ليبيا حيث مصدر التّهديد الرئيسي للأمن القومي المِصري، ويبدو أنّه قرّر تأجيل الأولى لأنّها ليست الأكثر إلحاحًا لأنّ ملء خزّانات سد النهضة يحتاج إلى ثلاث سنوات حسب الخطّة الإثيوبيّة، وبات “مُكرَهًا” على خوض الثّانية وإعطاء الأولويّة لها لأنّ وصول قوّات الوفاق، مدعومةً بمدرّعات وطائرات تركيّة وأكثر من 14 ألف مُقاتل من الجماعات “الجهاديّة” المُتشدّدة بما في ذلك عناصر من تنظيميّ “القاعدة” والدولة الإسلاميّة (داعش) إلى الشّرق اللّيبي المُعادي لمِصر يُشَكِّل تهديدًا استراتيجيًّا للدولة المِصريّة، يتواضع أمامه خطَر نظيره في صحراء سيناء، لأنّ هُناك ألف كيلومِتر مِن الحُدود البريّة بين مِصر وشَرق ليبيا.

اللّافت أيضًا في تصريحات الرئيس السيسي أنّه تعمّد إطلاقها وهو مُحاطٌ بقائد جيشه، ورئيس هيئة أركانه، وقادة القوّات المسلّحة المِصريّة بأذرعها كافّةً، البريّة والبحريّة والجويّة والخاصّة، ولعلّ الفقَرة التي قال فيها وننقل حرفيًّا “إنّ أيّ تدخّل عسكريّ مُباشر من الدولة المِصريّة في ليبيا باتت تتوفّر له الشرعيّة الدوليّة سواءً في إطار ميثاق الأمم المتحدة في حقّ الدّفاع عن النّفس، أو بناءً على طلب السّلطة الشرعيّة الوحيدة المُنتَخبة من الشّعب اللّيبي” أيّ مجلس النواب (برلمان طبرق)، وأضاف “إنّ هذا التدخّل سيكون حِمايةً وتأمين الحُدود الغربيّة لمِصر وعُمقها الاستراتيجيّ، وسُرعة استِعادة الأمن والاستقرار على السّاحة الليبيّة باعتِبارها جُزء لا يتجزّأ من أمن مِصر واستِقرارها، والأمن القوميّ العربيّ”.

هذه الفقرة بالذّات مُوجّهةٌ إلى الشّعب المِصري بالدّرجة الأولى، لأنّها تُوفِّر الحُجج والغِطاء السّياسي لخَوض هذه الحرب، وتعبئة هذا الشّعب للالتِفاف حول القِيادة إذا ما قرّرت خوضها، وتحمّله بالتّالي لأيّ خسائر بشريّة ستَنجُم حتمًا عنها.

الرئيس أردوغان الذي كان سريعًا في اتّخاذ قرار دعم حُلفائه في ليبيا بالعتاد والمُقاتلين والغِطاء الجوّي، كان أو ربّما ما زال يُراهن على تردّد السّلطات المِصريّة، ورُعبها من تبعات التدخّل عسكريًّا في ليبيا، بسبب النظريّة التي تقول بأنّها تعلّمت من أخطائها وخسائرها في حرب اليمن في الستّينات حيث سقط 30 ألف جندي مِصري، وقرّرت عدم إرسال الجيش المِصري للقِتال لنُصرة أيّ قضايا غير مِصريّة، ويبدو أنّ هذا الرّهان سيكون خاسِرًا إذا ما قرّر الرئيس السيسي التحرّر مِن هذه العُقدة، وإرسال جيشه وأسطوله وطائِراته إلى ليبيا.
“سَوْرَنَة” ليبيا التي أكّد الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بدئها، ربّما تبلغ ذروتها فور اقتحام قوّات الوفاق مدينة سرت التي باتت تتحشّد على أبوابها انتظارًا لساعة صِفر، لأنّ التدخّل العسكريّ المِصري المدعوم سَعوديًّا وإماراتيًّا وروسيًّا وفرنسيًّا لن يَحدُث إلا بعد هذا الاقتِحام وسُقوط المدينة.

هذه الحرب التي تتجمّع عواصفها بسُرعةٍ، لن تكون خاطفةً، ومِن المُتوقّع أن تطول لكثرة المُتدخِّلين فيها، وتباين مصالحهم، وصُعوبة حسمها بسُرعةٍ بالتّالي، ولنا في الحربين السوريّة واليمنيّة، وقبلهما اللبنانيّة والعِراقيّة أبرز الأمثلة، وربّما تُؤدِّي إلى تدمير أكبر جيشين شرق أوسطيين، على غِرار ما حدث للجيشين السّوري والعِراقي، ونحن نتحدّث هُنا عن المِصري والتركي، وهذا التّدمير سيَصُب حتمًا في مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة.
***
الحرب الليبيّة “الثّانية” آذا ما اشتعل فتيلها ستُغيِّر خرائط حوض الشّرق الأوسط ومُعادلات القِوى فيه، وستُزعزِع استِقرار دولة الاتّحاد المغاربي، وستُقَسِّم حِلف النّاتو، فثماني دول منه تُؤيِّد الموقف الفرنسي في ليبيا، وإيطاليا الوحيدة حتّى الآن التي تُؤيِّد الموقف التركي، العُضو الآخر في الحِلف، والأهم من هذا وذاك أنّها قد تُحَقِّق انطِلاقة جديدة للإسلام السياسي “الجِهادي” بعد النّكسات التي مُنِي بها في سورية والعِراق ومِصر وأفغانستان وشمال إفريقيا، وحتّى في شرق ليبيا نفسها، (درنة والجبل الأخضر وبنغازي) إذا ما هبّت رياح الحرب الحاليّة وفق أشرعة حُكومة الوفاق وحُلفائها الأتراك حسب تحليلات بعض الخُبراء في هذا المِضمار، فليبيا الدّولة الفاشِلة، التي تزيد مساحتها عن مِليون كيلومتر مربّع مُعظمها من الصّحاري غير المأهولة، وتحدّها سِت دول إفريقيّة على الأقل، وتوجد فيها أكثر من 20 مِليون قطعة سِلاح وأطنان الذّخائر، تُشَكِّل الحاضِنة الأكثر دِفْئًا لهذه الجماعات “الجِهاديّة”.ميع الاحتِمالات واردة على السّاحة الليبيّة، لكنّ الشّيء الوحيد المُؤكَّد الذي لا جِدال حوله، أنّ العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لأكثر مِن 40 عامًا، يَفرُك يديه فرحًا وشماتةً وهو في قبره لوصول الأوضاع في بِلاده إلى هذا الوضع الذي أبرز عناوينه الفشَل والفوضَى وسفك الدّماء وانعِدام الاستِقرار.. واللُه أعلم.

 

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت هل اتّخذ الرئيس السيسي قرار التدخّل العسكريّ في ليبيا وساعة الصّفر اقتِحام سرت



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab