هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي

هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي؟

هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي؟

 السعودية اليوم -

هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي

عبد الرحمن الراشد

بسبب توقيع الإدارة الأميركية اتفاقا مع النظام الإيراني حول برنامجها النووي، بما يعنيه من إنهاء للعقوبات والانفتاح على إيران، اعتبره البعض موقفا لئيما من واشنطن ضد حلفاء قدامى، كانوا معها أوفياء على مدى خمسة عقود ونيف. البعض اعتبره يستوجب إعادة النظر في العلاقة.

العلاقة بين السعودية وبقية دول الخليج العربية مع الولايات المتحدة ليست عادية، بل هي قطعًا أفضل ما أنتجته الدبلوماسية في منطقتنا، ومن لا يعرف محطاتها، وما حققته، فهو لا يثمنها ولا يفقه كثيرا في السياسة. العلاقات تقام عادة في إطار المصالح، واحترام المواثيق، ويجب أن تخرج عن خرافات نظريات المؤامرة، ولا تُحمّل أكثر مما تحتمل، وما ألزمت نفسها به. فهي تبنى على المصالح واحترام الاتفاقات، بما فيها غير المكتوبة. والعلاقة مع واشنطن ليست ذات روابط قومية أو دينية أو عاطفية. ركائزها النفط، والتجارة، والتوافق السياسي حول كثير من القضايا، وليس كلها. والاختلاف بين الجانبين كان موجودا، وسيستمر، لأنها ليست علاقات متطابقة، فهي لا تماثل تلك التي بينها وبين بريطانيا، لكنها أفضل من العلاقة مع بعض الدول العربية والإسلامية.

الأميركيون اكتشفوا في الخليج دولا مستقرة وملتزمة باتفاقياتها، بخلاف دول مثل ليبيا وإيران متقلبة وعدائية. ووجدوا توافقا مع الخليجيين في معظم القضايا، وهناك قائمة طويلة من تاريخ المناسبات والقضايا. حتى عندما اختلف السعوديون حول قضايا استراتيجية، مثل إنهاء سلطة الشركات الأميركية على شركة البترول «أرامكو»، تم حل الخلاف بطريقة ودية وملائمة للطرفين، بخلاف البترول الإيراني والليبي والعراقي الذي عانى لعقود بسبب سوء إدارة النزاع.

وإذا وضعنا العلاقة في إطارها، التي أرساها الزعيمان الملك عبد العزيز مع الرئيس أيزنهاور في عام 1945 على ظهر المدمرة «كوينسي»، لوجدنا فوائدها في كل الأزمات التي مررنا بها حتى هذا اليوم، مع ملاحظة أن العلاقة مع واشنطن قديمة منذ الحرب العالمية الأولى، لكن الأميركيين كانوا يمتنعون عن الانخراط في العمل السياسي والعسكري خارج قارتهم، تاركين الساحة للقوى الأوروبية. دول الخليج، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تجاوزت كل المحن الخطيرة منذ الخمسينات، فهي واجهت المد الناصري في الستينات، والبعثي العراقي في السبعينات، والتحرش الشيوعي اليمني الجنوبي في نفس العقد، والإيراني منذ الثمانينات، والغزو العراقي في التسعينات، وتصدت للتهديدات الإيرانية في مطلع القرن الجديد. دون تحالفات كبرى يصعب على الدول تجاوز مثل هذه الأخطار، التي كانت مرتبطة أيضا بتحالفات دولية كبرى إبان الحرب الباردة. وليست صدفة أن الدول التي لا تزال واقفة على قدميها حتى الآن تتشابه في سياساتها وبالطبع تحالفاتها، دول الخليج والأردن والمغرب. وباستثناء الجزائر، كل الأنظمة الأخرى انهارت أو تبدلت تماما.

هذا سياسيا، والحال مماثل في المجال الاقتصادي. فليس صدفة أن دول الخليج تنتج 15 مليون برميل يوميا، في حين عجزت إيران عن إنتاج سوى ثلاثة ملايين برميل، رغم كل محاولاتها واستعانتها بالروس والصينيين لثلاثين عاما. فشلت لأن الولايات المتحدة رفضت منحها التقنية والخبرات، مع أن الطبوغرافية الإيرانية مماثلة لجارتها الخليجية. وإيران تملك ثاني أكبر احتياطي نفط في الشرق الأوسط بعد السعودية. وكذلك العراق الذي يأتي في المرتبة الثالثة، وربما هو الأول، لكنه بسبب نزاعاته مع الغرب وتحالفاته مع الشرق فشل في تطوير صناعته البترولية.
هذه من نتائج العلاقة السياسية وليست صفقات تجارية بذاتها.

طبعا، كانت دائما هناك خلافات بين الفريقين، الخليجي والأميركي، حول قضايا أبرزها فلسطين. كانت تمثل إشكالا كبيرا، إنما لم يسمح لها بأن تخرب كل العلاقة، مدركين أن العرب الذين تحالفوا مع الاتحاد السوفياتي لم يجنوا من ورائه أي حقوق أو أرض أو انتصار. وكانت هناك خلافات أخرى، معظمها وقتية. مثلا، السعودية رفضت منح واشنطن حق استخدام أراضيها لضرب أفغانستان عام 2001، في حين أن إيران هي التي قبلت. وفي نفس الوقت كانت السعودية أهم بلد قدم معلومات ومساعدة للأميركيين لمطاردة تنظيم القاعدة في العقد الماضي.

الآن، يوجد خلاف داخل المعسكر، بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، حول الاتفاق الغربي مع إيران. وهو يمثل أسوأ الخلافات في تاريخ الجانبين، إلا أنه لا يرقى إلى مستوى يؤدي للقطيعة، ولا تبديل التحالفات، على الأقل هذا تقديري الشخصي. والذين كتبوا شامتين، أو مستنكرين العلاقة بمجملها، لا ينظرون إلى ما هو أبعد من هذه الأزمة التي بالتأكيد ستتطلب جهدا دبلوماسيا كبيرا لإصلاحها. وهي ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة الأميركية قرارات في المنطقة لا تتفق مع الرأي في الرياض، وهذا أمر طبيعي في ظل وجود مصالح أخرى لكل دولة.

 

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab